إدريس السنتيسي يعري أزمة العمل البرلماني في ظل أغلبية متغولة ومعارضة مشتتة

0
68

تصريحات إدريس السنتيسي، رئيس فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب، كشفت عن عمق التحديات التي تواجه المعارضة البرلمانية، في ظل أغلبية يعتبرها “متغولة” وغير مستجيبة لمقترحات المعارضة. كما أثارت تصريحاته تساؤلات جوهرية حول جدوى العمل البرلماني، ومدى قدرة المعارضة على كبح جماح حكومة تبدو متفردة بالقرار.

المعارضة البرلمانية: أرقام تُحسب أم حصيلة بلا أثر؟

دافع السنتيسي عن حصيلة المعارضة البرلمانية مُبرزًا بعض الأرقام التي تُظهر نشاطها:

  • 4000 سؤال شفوي وكتابي.

  • عشرات مقترحات القوانين.

لكن المفارقة تكمن في أن الحكومة لم تتجاوب سوى مع ثلاثة مقترحات فقط، ما يعكس برأي السنتيسي تجاهلًا ممنهجًا للأدوار التشريعية والرقابية للمعارضة.

الإشكالية المركزية: هل يكفي إنتاج الكم في غياب الأثر النوعي؟ وكيف يمكن للمعارضة فرض أجندتها إذا كانت تفتقر لأدوات الضغط الفعالة أمام أغلبية عددية مهيمنة؟

ضعف التنسيق بين أحزاب المعارضة: عقبة أم حتمية؟

اعتبر السنتيسي أن غياب التنسيق بين أحزاب المعارضة ليس ظاهرة شاذة بل نتيجة طبيعية لاختلاف المرجعيات السياسية والأيديولوجية.

  • قوة التوحّد: رغم التشتت، استطاعت المعارضة توحيد كلمتها ضد قانون المالية. لكن الرفض لم يكن كافيًا لإحداث تغيير ملموس.

  • التحدي الأبرز: هل يمكن أن تتحول المعارضة إلى جبهة سياسية موحدة تفرض على الحكومة مراجعة أدائها؟ أم أن هذا التنسيق سيظل معلقًا بفعل الحسابات السياسية لكل حزب؟

أداء الحكومة: برامج فضفاضة وكفاءات غائبة؟

انتقد السنتيسي الحكومة على عدة مستويات، مؤكدًا أن أدائها لا يرقى إلى حجم التحديات:

  1. برامج غير واقعية: وصف الوعود الحكومية بأنها “مبالغ فيها” وبعيدة عن التنفيذ العملي.

  2. هندسة حكومية مختلة: أشار إلى ضعف أداء بعض الوزراء وغياب الكفاءة في تدبير الملفات الحيوية.

  3. قوانين مجمدة: قوانين أساسية مثل قانون الإضراب وقانون التربية والتكوين ما زالت حبيسة الأدراج رغم الحاجة الملحة إليها.

السؤال المفتوح: هل يعود هذا التعثر إلى ضعف الرؤية السياسية أم إلى تحديات اقتصادية فرضت نفسها على الحكومة؟

ملفات اقتصادية واجتماعية: أزمة إدارة أم غياب حلول؟

سلّط السنتيسي الضوء على الوضعية الاقتصادية المتأزمة التي تعيشها البلاد:

  • ارتفاع الأسعار: غياب رؤية واضحة لمعالجة التضخم وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية.

  • إصلاح صندوق المقاصة: انتقد رفع دعم المحروقات دون توفير بدائل اجتماعية ناجعة، ما زاد من تفاقم الأزمات الاجتماعية.

إشكالية مركزية: إلى متى ستظل الحكومة تُحمّل إرث الحكومات السابقة مسؤولية الوضع الحالي بدلًا من إيجاد حلول ناجعة؟

الحوار الاجتماعي: إنجاز أم تكرار للوعود؟

وصف السنتيسي الحوار الاجتماعي بأنه أقرب إلى مسكنات ظرفية دون حلول جذرية:

  • الزيادات في الأجور: اعتبرها غير كافية لتحسين القدرة الشرائية.

  • برامج مؤقتة: مبادرات مثل “أوراش” و**”فرصة”** ذات بُعد قصير المدى ولا تعالج جوهر أزمة التشغيل.

الأغلبية البرلمانية: هيمنة تُفقد البرلمان وظيفته؟

اتهم السنتيسي الأغلبية بتغليب منطق الانسجام مع الحكومة على حساب أداء دورها الرقابي والتشريعي:

  • هيمنة عددية بلا فعالية: رغم أغلبيتها العددية، لم تقدّم الحكومة حلولًا نوعية تتجاوب مع تطلعات الشارع.

  • إقصاء المعارضة: ضعف التجاوب مع مقترحات المعارضة يكرّس صورة برلمان مُقيّد، تسيّره حسابات الأغلبية.

السؤال الحاسم: هل يمكن تجاوز أزمة البرلمان في ظل خلل ميزان القوى بين الأغلبية والمعارضة؟ وما مسؤولية الطرفين في إعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية؟

خاتمة: أزمة برلمان ومسؤولية مشتركة

في ظل الوضع الراهن، يطرح العمل البرلماني إشكالات عميقة:

  1. هل تستطيع المعارضة تطوير أدواتها لتعزيز حضورها السياسي والمؤسساتي؟

  2. هل تُدرك الحكومة أن التفاعل مع مقترحات المعارضة يُعزز الثقة في العملية التشريعية؟

  3. أين يقف المواطن المغربي وسط هذا الجدل؟ وهل سيظل المتضرر الأكبر من برلمان عاجز عن إحداث التوازن؟

يبقى التساؤل الأكبر: متى يتحوّل البرلمان إلى ساحة حقيقية للنقاش والحلول بدلًا من كونه واجهة لحسابات سياسية ضيقة؟