بحسب تقارير إعلامية، حكمت الجنايات بالمحكمة الوطنية الاسبانية، بتسليم المغرب متهم بالتعاون مع مافيا الهجرة السرية، والمساهمة في نقل مهاجرين سريين من سواحل الريف إلى اسبانيا.
وكان المغرب قد طالب بتسليم المواطن المغربي المقيم في إسبانيا في إطار تحقيق بدأ في ماي 2020 من قبل الشرطة القضائية في الناظور شمال المغرب، بعد تفكيك شبكة للتهجير السري، حيث اعترف احد الموقوفين أنه يدير هذه الشبكة منذ 2014 وكان يوفر المنازل التي تأوي المهاجرين إلى حين نقلهم على متن قوارب الى إسبانيا.
ورفض القضاء الإسباني طلب المغرب في البداية على اعتبار أن الأمر بتوقيف المشتبه فيه صادر من النيابة العامة في المغرب وليس من هيئة قضائية ، لكن القضاء الإسباني تراجع عن قراره الأول، وقبل بتسليم المشتبه به استنادا الى أن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة عن المدعي العام المغربي لها تأثير الأمر القضائي.
في تقرير وزعه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على نواب برلمانيين، ولم يوضح جنسيات من أحطبت السلطات محاولتهم الهجرة ولا هوية أعضاء الشبكات التي تم تفكيكها، وفق مراسل الأناضول.
وخلال عرضه مشروع ميزانية وزارته لعام 2022، في لجنة بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، قال لفتيت: “واصلت المصالح الأمنية تفعيل المقاربات وخطط العمل المعتمدة في التصدي للهجرة السرية، محققة النجاحات”.
ووفق التقرير، فإن جهود السلطات الأمنية “أسفرت إفشال 42 ألفا و71 محاولة للهجرة غير القانونية (غير النظامية) منذ بداية العام 2021، وتفكيك أكثر من 156 شبكة إجرامية تنشط في ميدان الهجرة غير القانونية”.
وأردف: “نسعى لانتشال ضحايا الشبكات الإجرامية من مافيا الهجرة غير الشرعية (غير النظامية)، ونعمل على إعادتهم إلى بلدانهم في ظروف آمنة”.
وخلال العام الجاري، “تم ترحيل 8890 مهاجرا، بينهم 1725 مهاجرا إلى بلدانهم الأصلية، بتنسيق مع المنظمة العالمية للهجرة بالمغرب”.
وفي 2020، أوقف السلطات المغربية 9179 مرشحا للهجرة غير النظامية، بينهم 6162 من جنسيات أجنبية، بالإضافة إلى 466 منظمين للهجرة يشتبه بتورطهم في 123 شبكة إجرامية للاتجار بالبشر، بحسب بيانات رسمية.
لماذا يهرب الشباب المغربي ويخاطر بالهجرة غير الشرعية؟
هناك مثل متداول يقول: “حتى قط ما كيهرب من دار العرس”، لذلك فأسباب تنامي الهجرة غير الشرعية ليست بحاجة لشرح إضافٍ، وتكمن بإيجاز في مصاعب الحياة، ويجد الشباب أنفسهم ضحايا مخططات سياسات التفقير والتجهيل، وانتشار الرشوة وهيمنة الفساد. ما يخلف انعدام الاطمئنان النفسي وغياب الأمن الفردي والجماعي. يضاف إلى هذا تشديد إجراءات الحصول على التأشيرة لدخول أوروبا، خصوصا للقادمين من دول جنوب الأبيض المتوسط وإفريقيا جنوب الصحراء، التي تتفاقم بها النزاعات المسلحة. هكذا لا يبقى أمام الشباب من أجل تأمين حياة أفضل وتغيير الحياة البائسة سوى المغامرة بالهروب إلى الضفة الشمالية، مهما كلف الثمن الذي يفرضه سماسرة الموت. ويضطر المرشحون للهجرة لركوب قوارب متهالكة مجازفين بأرواحهم وسط عواصف البحر، ومنهم من يلجأ إلى الاختباء تحت حافلات السياح وسيارات المغادرين بالمركز الحدودي باب سبتة.
لذا أصبح وصف الهجرة غير القانونية بـ”السرية” لا يطابق واقع الحال، بعدما أصبحت ظاهرة علنية، فالجميع يتحدث عنها، والمهربون من مافيا الاتجار بالبشر يعلنون عن شروطهم ورحلاتهم عبر مجموعات مواقع التواصل ويدارون قرارات الحظر.
أما الحكومات المغربية المتوالية، وأمام حجم التزايد الديمغرافي، وآلاف الخريجين الجدد سنويا، وانتشار البطالة، فوجدت بعض الحل جاهزا في دفع الشباب إلى الهجرة، “خوفا من تحركهم داخل البلاد”، كما قال المفكر المغربي المختص في الدراسات المستقبلية المهدي المنجرة. هو ذات ما عبر عنه خبير إسباني حين قال “إن الحكومة المغربية تعتبر الهجرة السرية صفقة لدعم الحالة الاقتصادية وبالضرورة الاجتماعية”.
وهي الإشارة التي لم يفت المهدي المنجرة التأكيد عليها في إحدى مداخلاته في العقد الماضي، وهي أن المداخيل الناتجة عن تحويلات المهاجرين، تعد “من أهم مداخيل ميزانية دولة المغرب، أكثر من السياحة ومن عائدات تصدير الخضر والفواكه”. وبالفعل سجلت السنة الفائتة ارتفاعا في رقم التحويلات المالية للجالية المغربية بالخارج، وفقا لتقرير البنك الدولي، وخلافا للتوقعات المستخلصة من أزمة كورونا. وبلغت التحويلات المالية إلى المغرب خلال 2020 حوالي 7.4 مليارات دولار، أي 6.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 6.9 مليارات دولار خلال سنة 2019.
بعد فقد ثقتهم في السياسيين، أصبح معظم الشباب في المغرب يفكر في الهجرة ويتطلع إلى العيش والعمل بأوروبا، من دون أدنى اتعاظ بمآسي وقصص الكوارث الناجمة عن ويلات الهجرة غير الشرعية. فعندما توصد الأبواب أمام الشباب ترفع “زوارق الموت” مجاذيفها لمعانقتهم ولأخذهم بالأحضان، وسط رقصة الموج المميتة. هذا دون الكلام عمن “حرك” منهم إلى الجهاد بصفوف الطالبان وداعش.
وصف الكاتب وعالم السياسة البلغاري، إيفان كراستيف عن الهجرة فوصفها بكونها أخطر من الحروب، وأضاف أنها هروب من القيام بالثورات، باتجاه الحلم الأمريكي أو الفردوس الأوروبي. هكذا باتت ظاهرة الهجرة هروباً جماعياً، لكنها في واقع الأمر هي ثورة فردية، وليست خلاصا جماعيا.
توقيف جهاديين بالنمسا واسبانيا بتنسيق مع الاستخبارات المغربية