في مشهد سياسي واجتماعي مليء بالتوتر، أطلق إسحاق شارية، الأمين العام للحزب المغربي الليبرالي، تصريحات لاذعة حول مراجعة مدونة الأسرة. ركّز خطابه على ما وصفه بـ”الانتصارات” التي حققها حزبه، موجهًا انتقادات مباشرة إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي وبعض التيارات الحقوقية.
هذه التصريحات أثارت تفاعلات واسعة، وطرحت أسئلة ملحة حول مستقبل الأسرة المغربية في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية.
رفض المساواة في الإرث: انتصار أم تعطيل للتغيير؟
اعتبر شارية أن حزبه نجح في التصدي لمحاولة إدخال المساواة في الإرث، مشيرًا إلى أن “المغاربة لن يقبلوا المناصفة”.
لكن، هل يعكس هذا الرفض توافقًا حقيقيًا داخل المجتمع المغربي، أم أنه استمرار لمحاولات التيارات المحافظة فرض رؤيتها على النقاش العام؟ وكيف يمكن لهذه المسألة أن تؤثر على صورة المغرب دوليًا، خاصة في ظل التزاماته الحقوقية؟
الهوية الأسرية في مواجهة التغيرات: خط أحمر أم مساحة للحوار؟
من أبرز ما أثار الجدل في تصريحات شارية هو تأكيده على رفض تغيير شكل الأسرة المغربية، بما في ذلك الدعوات إلى السماح بزواج المثليين. واعتبر أن مدونة الأسرة يجب أن تبقى ضمن إطار الزواج بين الرجل والمرأة.
لكن، هل يمثل هذا الموقف دفاعًا عن القيم المجتمعية، أم أنه يعكس انغلاقًا أمام التغيرات الثقافية التي تشهدها المجتمعات العالمية؟
“زواج الفاتحة” وتوثيق الزواج: حماية للحقوق أم تكريس للعشوائية؟
دافع شارية عن مقترحات تتعلق بتوثيق “زواج الفاتحة” خاصة في المناطق النائية، معتبرًا أن ذلك يسهم في تسهيل الزواج وضمان حماية الأسرة.
لكن، ما هي الإجراءات التي تضمن عدم استغلال هذه التسهيلات؟ وهل ستُسهم هذه الخطوة في الحد من ظاهرة الزواج غير الموثق، أم ستفتح الباب أمام تجاوزات قانونية واجتماعية؟
زواج القاصرات: واقعية أم انتكاسة لحقوق المرأة؟
من القضايا التي أثارت انتقادات واسعة، تأكيد شارية على ضرورة السماح بزواج الفتيات في سن 17 عامًا في حالات استثنائية، مبررًا ذلك بقدرة بعضهن على “قيادة أسرة”.
لكن، ألا يتعارض هذا الطرح مع الجهود الوطنية والدولية لحماية الطفولة والحد من الزواج المبكر؟ وكيف يمكن التوفيق بين هذه الاستثناءات وحقوق الفتيات في التعليم والتنمية الشخصية؟
التعدد: بين الإبقاء على الاستثناء وتحديات الواقع
فيما يتعلق بمسألة التعدد، أشار شارية إلى أن حزبه كان دائمًا مدافعًا عن الإبقاء على هذا الحق بشروط صارمة، لكنه استدرك بسخرية حول قدرة الأزواج على تحمل أعباء الزواج الثاني في ظل الأزمة الاقتصادية.
هل يُعتبر هذا الطرح واقعيًا أم أنه يعكس ازدواجية في التعامل مع قضايا الأسرة؟
هيئة الوساطة والصلح: حل للنزاعات أم بيروقراطية إضافية؟
من المقترحات التي أثنى عليها شارية، إنشاء هيئة غير قضائية للصلح والوساطة قبل اللجوء إلى المحاكم، معتبرًا أنها ستخفف الضغط على القضاء وتُسهم في حل النزاعات الأسرية بفعالية.
لكن، ما هي آليات عمل هذه الهيئة؟ وكيف ستُضمن استقلاليتها وفعاليتها في حماية حقوق الأطراف المعنية؟
نظرة شمولية: جدل لا ينتهي
تصريحات إسحاق شارية تعكس انقسامًا حادًا في المشهد السياسي والاجتماعي المغربي حول مدونة الأسرة. وبينما يصفها البعض بأنها انتصارات للمحافظة على الهوية الدينية والاجتماعية، يرى آخرون أنها تؤكد التحديات العميقة التي تواجه المغرب في سعيه لتحقيق التوازن بين التقليد والحداثة.
الخلاصة
مدونة الأسرة تبقى موضوعًا مركزيًا للنقاش في المغرب، وتصريحات شارية ليست سوى جزء من هذا الجدل المستمر.
فهل ستكون هذه التعديلات خطوة نحو تحقيق توافق مجتمعي؟ أم أنها ستفتح الباب أمام المزيد من الاستقطاب والنقاش الحاد؟