“إسكات الأصوات أم محاربة الفساد؟ الغلوسي يرد على وهبي: ‘من الأفضل تجريم الإثراء غير المشروع بدل ملاحقة الجمعيات'”

0
166

في ظل تصاعد وتيرة الجدل حول دور المجتمع المدني في كشف الفساد، أثارت تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي حول إحالة جمعيات حماية المال العام إلى النيابة العامة ردود فعل واسعة، لعل أبرزها رد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، المحامي محمد الغلوسي. في تصريح لاذع، انتقد الغلوسي توجهات الوزير، واعتبر أن هذه الخطوة ليست سوى محاولة لإسكات الأصوات التي تفضح الفساد، بدل العمل على إخراج قانون يجرم “الإثراء غير المشروع”.

فهل نحن أمام حرب على الفساد، أم أن هذه الخطوة هي مجرد أداة لتكميم الأفواه؟ هذا ما سنحاول تحليله في هذا المقال.

السياق: لماذا الآن؟

جاءت تصريحات وهبي في سياق مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية، حيث أعلن عن إحالة قائمة من الجمعيات المدنية الناشطة في مجال حماية المال العام إلى النيابة العامة للتحقيق في مصادر تمويلها. هذه الخطوة، التي وصفتها الجمعية المغربية لحماية المال العام بأنها “مقلقة”، تطرح تساؤلات حول توقيتها.

فهل هي محاولة لتعزيز الشفافية، أم أنها مرتبطة بالسياق الانتخابي القادم، حيث بدأت تظهر ملفات فساد تمس شخصيات نافذة؟

الغلوسي: “هذه محاولة لإسكات الأصوات”

في رد قوي، وصف الغلوسي تصريحات وهبي بأنها تعكس “انزعاج المواقع المستفيدة من الريع والجهات المستفيدة من الفساد” من دور المجتمع المدني. وأكد أن هذه الخطوة ليست سوى محاولة لـ”تكميم الأفواه التي تفضح الفساد”، خاصة في ظل الدور المحوري الذي تلعبه الجمعيات في تسليط الضوء على قضايا الفساد.

فهل يمكن أن تكون هذه الخطوة مجرد رد فعل من جهات نافذة تشعر بالتهديد من نشاط المجتمع المدني؟

الإثراء غير المشروع: أين هو القانون؟

أحد أبرز الانتقادات التي وجهها الغلوسي لوزير العدل هو عدم إخراج قانون يجرم “الإثراء غير المشروع”. وأوضح أن الحكومة، بدل أن تنشغل بملاحقة الجمعيات، كان عليها أن تعمل على وضع منظومة قانونية متكاملة لمكافحة الفساد.

فهل يمكن أن يكون غياب هذا القانون مؤشرًا على ضعف الإرادة السياسية في محاربة الفساد، أم أن هناك مصالح معينة تعيق إخراجه؟

المجتمع المدني: شوكة في حلق الفساد

أشار الغلوسي إلى أن الجمعية المغربية لحماية المال العام كانت دائمًا “شوكة في حلق لوبيات الفساد”، مؤكدًا أن التحركات التي تستهدف المجتمع المدني هي محاولات يائسة لضرب الدينامية المتنامية لهذا القطاع.

فهل يمكن أن يكون المجتمع المدني هو الضحية الجديدة في معركة الفساد، أم أن هذه التحركات هي مجرد رد فعل طبيعي لتصاعد نشاطه؟

التقارير الدولية: الفساد في المغرب

أشار الغلوسي إلى تقرير منظمة الشفافية الدولية، الذي كشف عن تراجع تصنيف المغرب في مؤشر الفساد، لافتًا إلى أن الحكومة لم تبدِ أي انزعاج من هذه المؤشرات الخطيرة.

فهل يمكن أن تكون هذه التقارير مجرد أرقام، أم أنها تعكس واقعًا مريرًا يتطلب إصلاحًا جذريًا؟

أين الحل؟

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: ما هو الحل لهذه الأزمة؟ هل يكفي ملاحقة الجمعيات، أم أن المغرب بحاجة إلى إصلاح جذري يطال كل هياكل الدولة؟ وما هو دور المجتمع المدني في هذا الإصلاح؟

الغلوسي، من خلال نقده اللاذع، يفتح الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل مكافحة الفساد في المغرب. لكن النقاش وحده لا يكفي؛ فالمطلوب هو إرادة سياسية حقيقية لتجاوز هذه الأزمات وبناء مستقبل أفضل للجميع.

خلاصة

إذا كانت الحكومة جادة في محاربة الفساد، فإن الأولوية يجب أن تكون لإصلاح المنظومة القانونية وتعزيز الشفافية، وليس استهداف الجمعيات الناشطة في هذا المجال. وفي المقابل، فإن المجتمع المدني سيظل أمام تحدٍّ كبير للحفاظ على دوره الرقابي والدفاع عن استقلاليته أمام الضغوط المتزايدة.