الرباط – استأنف الأساتذة المتعاقدون في العاصمة الرباط، الثلاثاء، احتجاجاتهم عبر تنظيم وقفة احتجاجية بساحة باب الأحد بالعاصمة ،بحضور أمنية مكثفا، في شكل احتجاجي جديد للمطالبة بإسقاط نظام التعاقد، والإدماج في الوظيفة العمومية.
وشهدت العاصمة المغربية الرباط ، مسيرات قوبلت بتدخل قوات الأمن لمنع الأساتذة المتعاقدين من تنظيم احتجاجاتهم من خلال محاصرة بعض المسيرات، ومنع أخرى، ومطاردة المحتجين، واعتقال عدد منهم، وأفادت مصادر من التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين بحدوث إصابات واعتقالات في صفوف المحتجين.
لترقب من قبل الشرطة والقوات المساعدة، إذ ترابط على جنبات شارع محمد الخامس والساحة المقابلة للبرلمان قوات الأمن، في محاولة منها لمنع الاساتذة المتعاقدين وحاملو الشهادات العليا من الاعتصام أمام البرلمان.
وكان العشرات من الأساتذة قد قصدوا العاصمة في إطار الاحتجاجات على عدم وفاء وزارة التربية الوطنية بوجودها والتي تم الاتفاق عليها في حوار سابق.
وشهدت العاصمة الرباط مواجهات بين العشرات من الأساتذة وقوات الأمن والتي لاحقت المعلمين في شوارع المدينة وتم اعتقال عدد منهم، بمبرر تنظيم تظاهرة غير مرخص لها.
https://www.youtube.com/watch?v=Z-X0wEDAmXg
بعد ان دعت التنسيقية الوطنية للأساتذة الى مسيرة وطنية، لكن قوات الأمن منعت المسيرة والتي كانت مقرره الأمس ووضعت حواجز في محطات القطار والحافلات وفي مداخل المدينة لمنع توافد الأساتذة على وسط الرباط.
لكن كل تلك الاجراءات لم تمنع العشرات من الأساتذة من الوصول لوسط المدينة، حيث تدخلت القوات العمومية، لتفريق المحتجين مما خلف إصابات العشرات من الأساتذة بجروح متفاوتة واعتقال عدد منهم.
وتم نقل المصابين عبر سيارات الإسعاف من أجل تلقي العلاجات الضرورية، فيما تم فض المسيرة الاحتجاجية بشارع محمد الخامس الذي عرف إنزالا قويا لأساتذة التعاقد وحاملي الشواهد.
وبعد أن كان الأساتذة يوظَفون في إطار النظام الأساسي للوظيفة العامة في المغرب، الذي يضمن حقوقاً من بينها الحق في الترقية والأقدمية، لكن الحكومة لجأت خلال عام 2016، إثر النقص الكبير في أعداد الأساتذة في النظام التعليمي المغربي، إلى اعتماد نظام التعاقد لملء الشواغر. وانتقل بموجب تلك الآلية الأساتذة من موظفين إلى مستخدَمين لدى أكاديميات التعليم.
ومع نصّ نظام التعاقد على بعض البنود من قبيل تلك التي تخوّل مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فسخ العقد من دون تعويض المدرّس، وأنه لا يملك الأستاذ الحق في الترقية الوظيفية، ولا الحق في التقاعد في حالة المرض والعجز، قام الأساتذة المتعاقدون بسلسلة احتجاجات وإضرابات دفعت وزارة التعليم إلى اعتماد نظام أساسي جديد خاص بأطر الأكاديميات، لكنه احتفظ بالحق في فصل الأساتذة من دون إشعار مسبق، إضافة إلى منع المدرسين من التنقل عبر الأكاديميات.
وصرح وزير التربية الوطنية المغربي، سعيد أمزازي، أنه “بفضل التوظيف الجهوي تمكنا اليوم من تقليص عدد الأقسام المشتركة، وتقليص الاكتظاظ على مستوى الأقسام التي كان يصل عدد التلاميذ في بعضها إلى أكثر من 40 تلميذاً”.
في المقابل، أكد الوزير تمسك وزارته بالتوظيف الجهوي، باعتباره “مكسباً كبيراً للدولة، وسنمضي فيه لأنه خيار استراتيجي ولا يمكن التراجع عنه أبداً”، مشيراً إلى أنه “في ظرف 5 سنوات تم توظيف 100 ألف أستاذ، ولولا التوظيف الجهوي لما تم استقطاب هذا العدد الكبير من الأساتذة”.
في في المقابل، تنفي الأستاذة المتعاقِدة إيمان وقار أن يكون التعاقد بين الأساتذة ووزارة التعليم متكافئاً، باعتبار أن “أي اتفاق يتطلب وجود حرية الاختيار لدى الطرفين المتعاقدين”، مؤكدةً أن تعاقدهم يشوبه الإذعان، “باعتبار الإكراهات التي يعيشها جل خريجي الجامعات في المغرب المهددين بالبطالة بعد التخرج، بالتالي اضطر الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد إلى الإذعان الاضطراري بالجبر والإكراه لبنود ذلك الاتفاق، لكن قيامهم بعملهم لا يمنعهم من النضال بهدف التحرر من ذلك التعاقد المجحف، في إطار سلمي وحضاري ضمن احترام تام للدستور الذي يضمن الحق بالاحتجاج السلمي”.
من جانبها، أكدت وزارة التعليم المغربية إنهاء العمل بالتعاقد منذ عام 2019، وأنها وضعت نظاماً مشابهاً لنظام الوظيفة العامة. وأشار وزير التعليم إلى أن وزارته أسقطت التعاقد في 13 مارس 2019، مؤكداً أن “ما بين عامي 2016 و2018 كان هناك عقد بين الوزارة والأساتذة، لكننا اقترحنا نظاماً أساسياً يحتوي على 55 مادة، وفي 13 مارس 2019 اعتمدنا نظاماً أساسياً تمت من خلاله مراعاة المماثَلة والمطابَقة مع النظام الأساسي للوظيفة العامة”.
وفي إشارة إلى لبّ الخلاف بين وزارة التعليم والأساتذة المتعاقدين، أشار أمزازي إلى وجود نقطتَي خلاف هما، الرواتب وحركة الانتقال، مؤكداً أن “حل قضية الراتب سار الآن عبر وضع القانون في البرلمان من أجل تعديله، لكي يستفيد المتعاقدون من نظام المعاش، وبخصوص حركة الانتقال أكدنا أنه في حال وجود بعض الحالات الاستثنائية، يمكن حلها عبر التبادل بين الأكاديميات، لأن هذا التوظيف الجهوي هو ما مكننا من وصول الأساتذة إلى كل المناطق”.
ويجمع مراقبون على سلبية نظام التعاقد، داحضين الأسباب التي تعتمدها الوزارة في تبرير اعتماده، حيث خلص الأستاذ المهتم بمجال التعليم، معاد وشطين، أنه “لا يمكن مطلقاً الحديث عن إيجابيات نظام التعاقد في التعليم، لأنه لا يتضمن إلا سلبيات تولِّد سلبيات؛ فالقول إنه مكّن من تزويد المناطق النائية بالأساتذة، تلغيه أسئلة مصيرية: ما الضير من تزويد تلك المناطق بأساتذة موظفين؟ لماذا لا يمكن سدّ النقص إلا بواسطة نظام التعاقد أو حتى بأطر الأكاديمية؟ ما التعليل؟ هل كانت الدولة ستترك أبناءها في الجبال والصحاري من دون تعليم لو لم يتم اعتماد هذا النمط؟”.