إقالة “أرانشا غونزاليس لايا وزيرة الخارجية” انتصاراً جديداً للدبلوماسية المغربية

0
264

يعد إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، منصبها في تعديل حكومي جزئي، انتصاراً جديداً للدبلوماسية المغربية التي وضع أساسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه ، فهو تتويج للدور الحكيم الذي تلعبه المملكة المغربية الشريفة في جميع الملفات الأفريقية والعربية والدولية، وهو إنجاز جديد يضاف إلى سجل إنجازات المملكة،وهزيمة واضحة المعالم للأوساط المعادية للمغرب والمتعاطفة مع مصالح أعداء وحدة الأراضي المغربية.

مدريد – قبل أيام قليلة من استجوابها في البرلمان بشأن قضية استقبال زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، غادرت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، منصبها في تعديل حكومي جزئي أعلن السبت في إسبانيا.

وربط الإعلام الإسباني ومحللون رحيلها بما وصف بـ”سوء إدارة” الأزمة الدبلوماسية مع الرباط.

وأعلنت مدريد تعيين سفير إسبانيا في فرنسا، خوسيه مانويل ألبارس، وزيرا للخارجية، وهو الرجل الذي يوصف في الأوساط الدبلوماسية الإسبانية بأنه يعرف المغرب جيدا وله من التجربة ما يكفي ليحدث انفراجا في الأزمة الدائرة منذ أشهر وتهدد بقطيعة في العلاقات.

وتأججت الأزمة الدبلوماسية بين مدريد والرباط، على خلفية دخول زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي إلى الأراضي الإسبانية قصد العلاج، واستخدامه جواز سفر مزورا.

وكان المغرب قد عبر بشكل رسمي عن أسفه لموقف إسبانيا التي تستضيف على ترابها إبراهيم غالي، المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

في تعليقه على الموضوع، قال المحلل السياسي المغربي، تاج الدين الحسيني، إن ربط مغادرة الوزيرة بالأزمة مع المغرب حتى وإن لم يكن قويا، فإن سوء إدارة قضية غالي من بين الأسباب التي عجلت برحيل لايا.

وقال الإعلامي والمحلل السياسي، مصطفى الطوسة، إن إبعاد وزيرة الخارجية الاسبانية يشكل مؤشرا قويا تريد من خلاله السلطات الإسبانية تعبيد الطريق نحو تطبيع العلاقات مع المملكة المغربية.

وأضاف الطوسة أن مدريد أقدمت على هذا التغيير، لأن أرانشا جرى النظر إليها بمثابة “عائق مستدام” أمام أي عودة للعلاقات المغربية الإسبانية إلى مجراها الطبيعي.

وقالت صحيفة “إلموندو” إن لايا تغادر الحكومة في خضم أزمة عميقة مع الرباط لم تجد طريقها للحل بعد.

وبعد أن اكتشفت الاستخبارات المغربية، على الفور، وجود غالي بإسبانيا للعلاج، بدأ صراع دبلوماسي فتح بسببه المغرب الحدود مع الجيب الإسباني سبتة ما سمح بوصول آلاف المهاجرين، بحسب إلموندو.

وتقول المحللة السياسة المغربية، شريفة لموير، في حديث لموقع قناة الحرة، إن “إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية خلال التعديل الحكومي الأخير لا يمكن إلا ربطه بالأزمة الأخيرة التي تورطت فيها وزيرة الخارجية بشكل مباشر، خاصة وأنها أدت إلى تدهور مهم في العلاقات المغربية الإسبانية”.

ويرى رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة، في حديثه لموقع قناة الحرة، أن التعديل الحكومي “اعتراف بالمسؤولية السياسية لإسبانيا عن استقبال غالي، و هو مقدمة في الاتجاه الصحيح”، بحسب تعبيره.

ويقول لرزق إن “إسبانيا مطالبة بالوضوح في علاقتها بالمغرب”.

وقالت “إلموندو” إن وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا، والذي عارض دخول غالي إلى إسبانيا، احتفظ بمنصبه الوزاري في التعديل الجديد.

ويقول تاج الدين الحسيني، إن الوزيرة الإسبانية لعبت دورا كبيرا في تدهور العلاقات وأصرت على استقبال غالي واعتبرته قرارا عاديا ورفضت تصنيفه على أنه خطأ.

وتعول مدريد على خبرة مانويل ألبارس لإعطاء نفس جديد للخارجية الإسبانية وتحقيق انفراج في الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، فهل يتحقق ذلك مع الوزير الجديد؟

يتوقع تاج الدين الحسيني أن يحدث تعيين الوزير الجديد تغييرا إيجابيا لخبرته كرئيس للدبلوماسية الإسبانية في فرنسا التي تربطها علاقة جيدة بالمغرب.

ويضيف الحسيني في حديثه للحرة أن الوزير الجديد يمكنه أن يعيد الدفء إلى العلاقات المغربية الإسبانية.

وفي 23 من يونيو الماضي، قالت صحيفة “بوث بوبولي” “vozpopuli” الإسبانية، إن التعديل الحكومي يهدف إلى إعطاء دفعة للسياسة الخارجية واستعادة مناخ الثقة مع المغرب.

وحتى قبل استقبال غالي، كانت العلاقات بين المغرب وإسبانيا سيئة بالفعل، بحسب صحيفة “إلموندو” الإسبانية، التي تضيف أنه لغياب أي دعم إسباني لقرار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، علقت الرباط الاجتماع العالي المستوى الذي كان مقررا بين البلدين.

وأشارت الصحيفة آنذاك، إلى أن عددا من الدبلوماسيين الإسبان يشيرون إلى أن اسمين محتملين لتعويض لايا؛ وهما وزير الفلاحة والصيد البحري والتغذية الإسباني، لويس بلاناس، والسفير الإسباني في فرنسا خوسيه مانويل ألباريس.

ووفقا لموير، يتضح من التعديل أن “العقل السياسي الإسباني بدأ في نقد ذاتي للتعاطي باستعلاء مع الرباط بإقالة الوزيرة”.

ويعول رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، على خبرة الوزير الجديد في أفريقيا، خاصة أفريقيا جنوب الصحراء، لتحسين أداء الدبلوماسية الإسبانية.

ووفق وسائل الإعلام الإسبانية فإن الأزمة الدبلوماسية مع المغرب أهم التحديات العالقة والتي ستكون بانتظاره في مقر الوزارة، وحل مشاكل الهجرة والإرهاب وقضية “خنق” المغرب لاقتصاد سبتة ومليلية.

ويوصف ألبايس، بحسب الدبلوماسيين الإسبان، بأنه يتعامل بودية وله بروفايل سياسي متميز ما دفع سانشيز إلى الاستعانة به.

وتقول صحيفة “اي بي سي” الإسبانية إن ألبايس كان مستشارا دبلوماسيا لرئيس الوزراء ويعد مفاوض الظل بشأن السياسة الخارجية، لذلك يستغرب لماذا لم يعين في المنصب بدل لايا في الحكومة الأولى.

في المنحى نفسه، كانت سفيرة المغرب في مدريد، كريمة بنيعيش، قد قالت في تصريح صحفي، في خضم التوتر بين البلدين، إن المتسبب في هذه الأزمة هي “أطراف إسبانية محددة”، مشيرةً بشكل واضح لبعض وزراء الحزب الإشتراكي، بيدرو سانشيز و أرانشا لايا، حسب تقارير صحفية.

وانتقدت السفيرة المغربية، آنذاك، بشدة تصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا لايا، بخصوص العلاقات الثنائية، معتبرةً بأنها قدمت للرأي العام الإسباني معلومات مغلوطة حول الأسباب الحقيقية للأزمة.

بنيعيش أضافت أن “بعض الجهات” في حكومة إسبانيا تعرف جيداً أن القضية الوطنية الأولى للمغرب، الصحراء، هي قضية مقدسة للمغاربة، لكنها تواصل معاكسة المملكة.

وأدى دخول البرلمان الأوروبي على خط الأزمة بين المغرب وإسبانيا إلى ارتفاع حدة التوتر بين البلدين، حيث اتهم البرلمان الأوروبي المغرب باستخدامه هجرة القصر “أداة للضغط السياسي”، وهي اتهامات رفضتها الرباط جملة وتفصيلا.

وأوضحت الديبلوماسية المغربية، بعد صدور هذه التصريحات، أن “محاولات إضفاء الطابع الأوروبي على هذه الأزمة هي بدون جدوى ولا تغير بأي حال من الأحوال طبيعتها الثنائية الصرفة وأسبابها العميقة والمسؤولية الثابتة لإسبانيا عن اندلاعها”.

وأضافت الخارجية المغربية في نفس البيان أن “توظيف البرلمان الأوروبي في هذه الأزمة له نتائج عكسية. بعيدا عن المساهمة في إيجاد حل، فهو يندرج ضمن منطق المزايدة السياسية قصيرة النظر. هذه المناورة، التي تهدف إلى تحويل النقاش عن الأسباب العميقة للأزمة، لا تنطلي على أحد”.

وبالنسبة للمغرب، فإن “القرار يتنافى مع السجل النموذجي للمغرب فيما يتعلق بالتعاون في مجال الهجرة مع الاتحاد الأوروبي. هؤلاء الذين يحاولون انتقاد المغرب في هذا المجال هم أنفسهم الذين يستفيدون في الواقع من نتائج ملموسة ويومية للتعاون على الميدان”.

ووصف المحللون سياسيون مغاربة، بأن مغادرة وزيرة الخارجية الإسبانية بـ”الانتصار الدبلوماسي”.

وقالوا إن “خروج أرانشا غونزاليس لايا بهذه الطريقة وفي هذه الظروف، يعتبر انتصارا سياسيا للمغرب وهزيمة واضحة المعالم للأوساط المعادية للمغرب والمتعاطفة مع مصالح أعداء وحدة الأراضي المغربية”.

وأشاروا إلى أن “المغرب سيحاول استغلال هذه النافذة الجديدة التي ستفتحها إقالة غونزاليس لايا عبر فتح صفحة جديدة مع إسبانيا يكون أساسها احترام الثوابت المغربية التي قد تبدأ عبر اعتراف رسمي من إسبانيا بمغربية الصحراء على خطى النموذج الأميركي، لطي نهائي لصفحة هذا النزاع المفتعل”.

وتمكن المغرب من تحقيق انتصار دبلوماسي وذلك بالحصول على اعتراف اميركي بسيادة المغرب على اقليم الصحراء في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وعام 1975 بدأ نزاع – مفتعل – بين المغرب و”البوليساريو” حول إقليم الصحراء، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ليتحول الخلاف إلى نزاع مسلح استمر حتى 1991 بتوقيع وقف لإطلاق النار.

وشهدت العلاقات المغربية الاسبانية مؤخرا تدهورا بسبب استقبال مدريد لغالي بذريعة تلقي العلاج من فيروس كورونا حيث انتقدت الحكومة المغربية هذه الخطوة واعتبرتها تدخلا سافرا في الشان المغربي.

وزاد من تعمق الأزمة، تدفق حوالي 8 آلاف مهاجر غير نظامي بين 17 و20 مايو/أيار الماضي، إلى مدينة سبتة، الواقعة أقصى شمال المغرب، وتخضع لإدارة إسبانيا، حيث تعتبرها الرباط “ثغرا محتلا”.

وقرر المغرب فرض قيود على السفر بحرا بين البلدين خلال الصيف لأسباب صحية متعلقة بتفشي كورونا لكن مراقبين يرون ان القرار المغربي من تداعيات ازمة استقبال ابراهيم غالي.

لكن المغرب نفى تماما العلاقة بين ملف استقبال زعيم الانفصاليين وملف الهجرة بعد تعرضه لانتقادات من قبل اسبانيا الذي حظي موقفها بدعم اوروبي.

المصدر ( الحرة  + المغرب الآن)

 

 

 

 

 

إسبانيا..تعديل حكومي يطيح بوزيرة الخارجية أرانشا بسبب خلقها أزمة مع المغرب وجعلت أوروبا تتحملها