إقصاء أم إهمال؟ التراث اليهودي المغربي بين الخطابات الملكية والإدارة الثقافية

0
105

بين الخطاب والممارسة: هل يحظى التراث اليهودي المغربي بالاهتمام اللازم؟

في ظل التأكيد المتكرر على التنوع الثقافي كأحد ركائز الهوية الوطنية المغربية، يطفو إلى السطح نقاش حول مدى التزام الجهات الثقافية بتحويل الخطابات الملكية إلى إجراءات ملموسة. تأتي قضية جمعية موشي بنميمون للتراث اليهودي المغربي وثقافة السلام في الناظور، ومجلة ميمونة المتخصصة في إبراز التراث اليهودي المغربي، لتسلط الضوء على التحديات التي تواجه هذا المكون الثقافي. فهل يعكس الإهمال الذي تشتكي منه هذه المبادرات سياسة أوسع تجاه تراث الأقليات في المغرب؟ أم أن الأمر يتعلق بسوء إدارة وبيروقراطية تعرقل العمل الثقافي؟

وجهان لعملة واحدة: جمعية موشي بنميمون ومجلة ميمونة

تشكو جمعية موشي بنميمون من ضعف التواصل مع المديرية الإقليمية لوزارة الثقافة في الناظور، حيث لم تتلقَ أي رد على استفساراتها أو طلباتها. هذا التجاهل يثير تساؤلات حول مدى كفاءة الإدارة الثقافية في التعامل مع الجمعيات المحلية، خاصة تلك التي تهتم بتراث الأقليات.

هل تباهي وزارة بنسعيد بالتعايش ينسجم مع إقصاء أول مجلة يهودية مغربية؟

في سياق متصل، تواجه مجلة ميمونة، التي أسسها الصحفي جمال السوسي عام 2013، تحديات مماثلة، حيث تتعرض للإقصاء والتضييق، إضافة إلى تعرضها للقرصنة، وفقًا لتصريحات مؤسسها. ورغم دورها في توثيق وإبراز التراث اليهودي المغربي، فإنها تجد صعوبة في الحصول على دعم رسمي أو حتى الاعتراف بمكانتها كمبادرة ثقافية رائدة.

التساؤلات الكبرى: هل للجهات الثقافية وجهان؟

1. هل يعكس إهمال التراث اليهودي سياسة أوسع تجاه تراث الأقليات في المغرب؟

لطالما أكدت الخطابات الملكية على أهمية الحفاظ على التراث المغربي بجميع مكوناته، بما في ذلك التراث اليهودي. ومع ذلك، يبدو أن هناك فجوة بين الخطاب الرسمي والممارسة على أرض الواقع. فهل يعكس هذا الإهمال تجاهلًا متعمدًا لتراث الأقليات، أم أنه مجرد سوء إدارة وضعف في التواصل بين الجهات المعنية؟

2. ما هي الآليات التي يمكن أن تعزز التواصل بين الجمعيات الثقافية والجهات الحكومية؟

ضعف التواصل بين الجمعيات والجهات الثقافية يضعف من فعالية العمل الثقافي. فهل يمكن إنشاء منصات حوار دائمة بين الجهات الحكومية والمبادرات الثقافية المستقلة لضمان تفاعل أكثر فعالية واستدامة للجهود الثقافية؟

3. كيف يمكن للجهات الثقافية أن تترجم الخطابات الملكية إلى إجراءات ملموسة؟

رغم وجود توجه واضح للحفاظ على التراث اليهودي، إلا أن تحويل هذا التوجه إلى إجراءات عملية يظل تحديًا. فهل تحتاج وزارة الثقافة إلى خارطة طريق واضحة تضمن تنفيذ التوجيهات العليا وتفعيل آليات لدعم الجمعيات والمبادرات المعنية بالتراث اليهودي؟

إعدام دعم الكتاب والجمعيات ما زال مستمرا ..«موت أول مجلة في الثرات اليهودي المغربي »

السياق العام: بين الاعتراف والتطبيق

المغرب بلد غني بتنوعه الثقافي، ويشكل التراث اليهودي جزءًا لا يتجزأ من هويته. الحفاظ على هذا التراث ليس مجرد مسألة ثقافية، بل هو جزء من التصور الوطني للتعددية والانفتاح. ومع ذلك، فإن التناقض بين الخطابات الرسمية التي تشدد على أهمية هذا التراث، والممارسات الإدارية التي تعكس تهميشًا أو إقصاءً، يضع علامات استفهام كبيرة حول النوايا الحقيقية للدولة تجاه هذا المكون الثقافي.

مجلة “ميمونة”: نموذج للتحديات الثقافية

ليست مجلة ميمونة مجرد منصة إعلامية، بل هي تجربة ثقافية فريدة تسعى إلى تعزيز الوعي بتاريخ المغرب اليهودي. ومع ذلك، تواجه المجلة عراقيل قانونية وإدارية، إضافة إلى قرصنة محتواها، مما يطرح تساؤلات حول حماية المبادرات الثقافية المستقلة. فإذا كانت هذه المجلة تعكس نموذجًا للتعايش، فلماذا تواجه هذه الصعوبات؟

ما الحل؟ بين المقترحات والإصلاحات

  • تعزيز الإطار القانوني لحماية الجمعيات والمبادرات الثقافية التي تهتم بتراث الأقليات، لضمان عدم تعرضها للإقصاء أو التضييق.

  • تطوير آليات التمويل والدعم للمشاريع الثقافية التي توثق وتبرز التراث اليهودي، سواء عبر صناديق دعم حكومية أو شراكات دولية.

  • إعادة هيكلة التواصل بين وزارة الثقافة والمجتمع المدني، من خلال منصات دائمة للحوار والتنسيق.

  • وضع استراتيجية وطنية واضحة لتفعيل الخطابات الملكية على أرض الواقع، تتضمن خطوات عملية وتقييم دوري لمستوى تنفيذ هذه الاستراتيجية.

المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة الرباط في الـ5 من يونيو المقبل ..وزير الثقافة يقصي “مجلة ميمونة اليهودية” من الدعم؟!!

خاتمة: بين الاعتراف والتنفيذ

قضية التراث اليهودي المغربي تعكس تحديًا أوسع يتمثل في كيفية تحويل الخطابات الرسمية إلى سياسات عملية. فبينما يحتفي المغرب دوليًا بتعدديته الثقافية، يبدو أن بعض الجهات الإدارية لم تستوعب بعد أهمية هذا التراث، مما يؤدي إلى إقصاء غير مباشر لمكون أساسي من الهوية المغربية. فهل نحن بحاجة إلى إصلاح جذري في إدارة الشأن الثقافي لضمان أن يكون الاهتمام بالتراث اليهودي أكثر من مجرد شعارات؟ أم أن هذه التحديات ستبقى مستمرة دون حلول ملموسة؟