“إمبراطورية فوق المساءلة؟ آل الصفريوي بين شبهة الاستقواء والمحاسبة المؤجلة”

0
174

تحليل استقصائي انطلاقًا من تدوينة الصحفي مصطفى الفن ومتابعات صحفية موازية

في لحظة تتأرجح فيها العلاقة بين الصحافة والنفوذ، وبين المال والمحاسبة، كتب الصحفي مصطفى الفن تدوينة مطوّلة، شديدة اللهجة، قد تكون من بين أقوى ما كُتب بصراحة نادرة حول ملف طالما ظل محاطًا بالصمت: عائلة الصفريوي، إحدى أضخم الإمبراطوريات العقارية بالمغرب.

أطلق الفن النار على ما أسماه “الاستفادة المجانية من جل الأراضي والعقارات بالمغرب” من طرف آل الصفريوي، قبل إعادة بيعها للمواطنين بأسعار خيالية في شكل شقق لا تليق بالحياة الآدمية. لكن الأخطر من الاتهامات هو الإيقاع التحليلي الذي اعتمده، متسائلاً إن كان حبل المحاسبة قد بدأ يضيق على هذه العائلة التي “اشترت صمت الجميع” بالإعلانات وعلاقات المصاهرة، في إشارة واضحة إلى ارتباطها العائلي المباشر برئيس الحكومة عزيز أخنوش.

إغلاق الحدود… هل هي بداية السقوط؟

منبر “العمق المغربي” زاد من قوة النبأ، بنشر خبر يفيد بإغلاق الحدود في وجه أحد أفراد عائلة الصفريوي. تطور غير مسبوق، خاصة إذا وضعناه في سياق العلاقة المعلنة بين هذه العائلة ومراكز القرار السياسي والمالي.

السؤال المشروع هنا: هل تتحرك الدولة نحو إعادة التوازن بين الثروة والمسؤولية؟ أم أن القرار مؤقت ومرتبط بحسابات ظرفية؟

قصر ميامي… الوجه الآخر للثروة

مصطفى الفن لم يتوقف عند العقار المحلي، بل فجّر مفاجأة أخرى تتعلق بشراء آل الصفريوي لقصر بـ15 مليون دولار في ميامي عبر الابن “مليك الصفريوي”، زوج ابنة عزيز أخنوش. الصفقة تمت – بحسب التدوينة – دون علم مكتب الصرف، وربما دون علم الدولة، في خرق محتمل للقانون.

وهنا يتضاعف السؤال: هل تحوّلت المغرب إلى خزينة مفتوحة لعائلات نافذة، تستنزف أمواله وتستثمر أرباحها في الخارج؟ ولماذا لم يصدر أي توضيح رسمي عن الصفريويين حول هذه الصفقة، في حين خرجوا سابقًا لنفي إشاعة شراء نادٍ رياضي بإنجلترا؟

من صمت الدولة إلى طقوس “السيبة المالية”

الفن يعيد التذكير بحقيقة مؤلمة: أن الدولة تُصدر لنا أرقامًا دقيقة حول تحويلات الجالية من العملة الصعبة، لكنها لا تفصح أبدًا عن حجم الأموال المهربة من طرف الأثرياء. لا نعلم من هم هؤلاء، ولا كيف تتم عمليات “الغسل والتهريب”، في وقت يُطالب فيه المواطنون العاديون بالتضحية والتقشف والمواطنة.

بين زنازن العقار والكمبيالات القاتلة

منطق المفارقة يزداد قسوة حين نربط شقق الضحى – التي يصفها الفن بـ”زنازن السجون” – بكلفة “الكمبيالات” التي تقتل الفقراء نفسيًا كل يوم. منطق مربك: من سطا على الأرض بدون مقابل، يبيعها بأثمان تُرهن أرواح البسطاء لعقود!

أين دور الدولة كوسيط عادل؟ وأين هي الضوابط الأخلاقية في السوق العقارية؟

العمل الخيري الغائب… و”جحود” الثروة

الصحفي لم يخف خيبته من “الجفاء الإنساني” لعائلة راكمت الثروة باسم الوطن، دون أن ترد الجميل بمؤسسة خيرية، أو دعم للمدارس، أو رعاية للأرامل، أو بناء مستوصف في قرية نائية.
هل نحن أمام طبقة استولت على الاقتصاد دون أي وعي اجتماعي؟

الخلاصة… من يحمي من؟ ولماذا؟

ما كتبه مصطفى الفن يتجاوز البُعد الشخصي. إنها صرخة من داخل المهنة ضد تواطؤ الخوف، وضد غياب العدالة الجبائية والاجتماعية.

ويبقى السؤال الأخطر معلقًا: هل نحن أمام بداية تحوّل حقيقي في ميزان القوى؟ أم أن الحماية السياسية ستعيد تدوير الفضيحة في إطار “تأديب ناعم” لعائلة صعدت أكثر مما يجب؟

وإن كان قرار إغلاق الحدود هو البداية، فهل ننتظر فتح ملفات التهريب العقاري والصفقات الدولية ومصير الأراضي التي “اختفت” من ملكية الدولة إلى جيوب خاصة؟