تتسم العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي بعمق استراتيجي يمتد عبر مجالات متعددة، بما في ذلك الزراعة والصيد البحري. لكن قرار محكمة العدل الأوروبية بإبطال اتفاقيتي الصيد والزراعة أثار حالة من الجدل والغضب بين دول التكتل، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على الصيد في المياه المغربية، مثل إسبانيا، إيطاليا، وفرنسا.
وتواجه الآن أكثر من 120 سفينة أوروبية مصيراً غامضاً، ما يثير تساؤلات حول التداعيات الاقتصادية لهذا القرار وكيفية تجاوزه.
في هذا السياق، أكدت إيطاليا على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع المغرب. وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني إن هذه الشراكة “أساسية” ويجب على المحكمة الأوروبية مراعاة ذلك، لا سيما في ظل تأثيرات القرار على اقتصادات دول الاتحاد.
كما شدد على أن إيطاليا تسعى لتعزيز تعاونها مع المغرب، خاصة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، وهو ملف بالغ الأهمية لكلا الجانبين.
الخبير الاقتصادي محمد الجدري يرى أن المغرب في موقف قوي رغم إبطال الاتفاقيات، مشيراً إلى نجاح الرباط في تنويع شركائها التجاريين دولياً، حيث يمكن للمملكة إقامة علاقات اقتصادية جديدة مع دول مثل روسيا وبعض دول آسيا التي تحتاج للمنتجات المغربية.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل سيؤدي تنويع الشركاء إلى تعويض الفجوة التي قد يخلفها توقف التعاون مع الاتحاد الأوروبي؟ وهل بإمكان دول الاتحاد تعويض هذه الخسائر عبر حلول أخرى؟
من ناحية أخرى، أكدت فرنسا وإسبانيا على تمسكهما بعلاقاتهما الاستراتيجية مع المغرب. باريس شددت على شراكتها الاستثنائية مع الرباط، خاصة بعد الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء.
مدريد بدورها أوضحت أن علاقاتها مع المغرب لن تتأثر، في إشارة إلى المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة التي تجمع البلدين.
القرار الأوروبي يضع الاتحاد في موقف صعب، حيث سيتعين عليه إعادة التفاوض مع المغرب لإبرام اتفاقيات جديدة، مع الأخذ في الاعتبار احترام سيادة المملكة على أراضيها، بما في ذلك الصحراء المغربية.
فهل سيؤدي هذا القرار إلى إعادة تشكيل الخريطة الاقتصادية للتعاون الأوروبي المغربي؟ وهل ستتمكن الأطراف من تجاوز هذه الأزمة بما يحفظ مصالح الجميع؟
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: كيف سيؤثر هذا القرار على مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب؟ وهل ستتمكن أوروبا من تجاوز هذه الأزمة دون المساس بمصالحها الاقتصادية والسياسية في المنطقة؟