أثار القيادي بحزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي عاصفة من الجدل داخل حزبه بعد نشره تدوينة على صفحته بـ«فايسبوك»، اتهم فيها وزارة الداخلية بمنع الحزب من استغلال القاعات العمومية بمدينة وجدة لعقد مؤتمره الإقليمي، ودعا إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة.
هذه الخطوة التي بدت للبعض بمثابة انقلاب على الخط المؤسساتي للحزب، أثارت غضب الأمين العام عبد الإله ابن كيران، الذي وصف تصرفات أفتاتي بـ”الحماقة”، محذراً من تبعات هذه المبادرة الفردية على صورة الحزب ووحدته.
في كلمته يوم السبت 20 شتنبر 2025 خلال افتتاح الملتقى الوطني لشبيبة الحزب، انتقد ابن كيران الخروج عن المنهج المؤسساتي، موجهاً رسالة واضحة إلى أفتاتي: «قولوا له يهنينا، لا يحضر لا في المؤتمر ولا في الجهوي، وهو جالس غير كيشير من بعيد».
هذه اللهجة القوية تكشف التوتر بين الحفاظ على الانضباط الحزبي وبين الحركات الفردية التي قد تُشعل خلافات داخل الحزب.
مصادر مطلعة أوضحت أن تصريحات أفتاتي مبالغ فيها، وأن أي قرار من السلطات بمنع الحزب من استغلال القاعات لا صحة له، وأن الأمر يقتصر على الالتزام بالإجراءات القانونية التي تشمل الحصول على موافقة مكتوبة من مسؤولي القاعات قبل أي نشاط سياسي. وتضيف المصادر أن ما جرى في قاعة غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بوجدة كان مرتبطاً بحالة الفوضى التي خلفها الحزب نفسه، وهو ما أدى لاحقاً إلى منع كل الأحزاب من استخدام القاعة. أما بالنسبة لمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، فالحزب حصل على موافقة شفوية فقط، بينما ينص القانون على ضرورة وجود موافقة مكتوبة.
هذا التراشق بين أفتاتي وابن كيران يعكس بوضوح صراعاً داخل حزب العدالة والتنمية بين الخط المؤسسي والنهج الفردي أو التقريري. فبينما تتواصل قيادة الحزب مع وزارة الداخلية لحل الإشكالات، كان أفتاتي منشغلاً بنشر التدوينات التي يصعب تصنيفها إلا في إطار “إثارة المظلومية”، حسب تعبير ابن كيران.
الرد الأخير: الاعتذار والتأكيد على المرجعية الحزبية
في تغريدة نشرها ابن كيران الساعة 14:10، أوضح موقفه الشخصي قائلاً: “خلوا بيني وبين صاحبي فلا هو في حاجة لمن يدافع عنه ولا أنا في حاجة لمن يعلمني كيف أعامل إخواني”، في مؤشر إلى أن الصراع شخصي لكنه يحافظ على قواعد الاحترام المتبادل.
وفي بيان رسمي لاحق، قدم ابن كيران اعتذاراً عن استخدامه كلمة جارحة، مؤكداً تقديره لأفتاتي، لكنه شدد على رفضه التام لتدوينته التي اعتبرها غير متسقة مع مواقف الحزب الرسمية، داعياً أعضاء الحزب إلى احترام المرجعية المؤسساتية وتجنب المبادرات الفردية التي قد تشوش على المواقف الرسمية للحزب.
أسئلة مركزية تطرح نفسها بعد هذا الخلاف:
-
هل تمثل تدوينات أفتاتي انعكاساً لرأي شريحة من أعضاء الحزب غير راضية عن الأداء المؤسساتي؟
-
إلى أي مدى يمكن للأحزاب التوفيق بين حرية التعبير داخل الحزب والانضباط المؤسساتي؟
-
هل تعكس الحوادث الأخيرة فشلاً في التواصل الداخلي بين قيادة الحزب وأعضائه؟
-
هل سيؤثر هذا الخلاف على صورة الحزب في الشارع وعلى تحضيره للانتخابات المقبلة؟
-
هل هناك حاجة لإعادة النظر في آليات الحوكمة الداخلية لضمان الالتزام بالقوانين والمرجعيات الحزبية؟