عقدت هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية يوم الأربعاء 29 يناير 2025 اجتماعًا عاديًا، بحضور قيادات الأحزاب المكونة لها، حيث ناقشت جملة من القضايا الداخلية والخارجية التي تهم المملكة المغربية. جاء الاجتماع في ظل ظرفية سياسية واقتصادية واجتماعية حساسة، محليًا ودوليًا، مما يدفع إلى طرح تساؤلات حول مدى قدرة هذه الأغلبية على مواجهة التحديات المطروحة، وتحقيق التوازن بين الالتزامات الحكومية والانتظارات الشعبية.
السياق العام: بين الإصلاحات الداخلية والرهانات الدولية
الاجتماع الذي ترأسه السيد عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بمشاركة قيادات من حزبي الأصالة المعاصرة والاستقلال، جاء في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأزمات الاقتصادية العالمية. من هنا، يمكن اعتبار البيان الصادر عن الاجتماع محاولة لترسيخ صورة الأغلبية الحكومية كفاعل سياسي منسجم وقادر على مواكبة التطورات.
القضية الفلسطينية: بين التأييد الرسمي والضغوط الدولية
أولى البيان اهتمامًا كبيرًا للقضية الفلسطينية، حيث أشاد بدخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، ودعا إلى دعم تسوية سياسية تضمن حقوق الشعب الفلسطيني. كما نوه بالدور الريادي للملك محمد السادس، بصفته رئيسًا للجنة القدس، في دعم القضية الفلسطينية. هنا يطرح السؤال: إلى أي حد يمكن للمغرب أن يلعب دورًا وسيطًا في هذه القضية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية وتعقيدات العلاقات الدولية؟ وهل يمكن أن تتحول هذه المواقف إلى رافعة دبلوماسية تعزز مكانة المغرب على الساحة الدولية؟
مراجعة مدونة الأسرة: بين الإصلاح والضغوط المجتمعية
أكد البيان على تفاعل الحكومة مع التعليمات الملكية الخاصة بمراجعة مدونة الأسرة، مشيرًا إلى تشكيل لجنة حكومية لإعداد مشروع التعديل. هذا الورش الإصلاحي يطرح تساؤلات حول طبيعة التعديلات المقترحة ومدى استجابتها لمطالب الحركات النسائية والحقوقية. هل ستكون هذه المراجعة خطوة نحو تعزيز حقوق المرأة، أم ستكون مجرد تعديلات شكلية تهدف إلى امتصاص الضغوط الاجتماعية؟ وكيف ستتعامل الأغلبية الحكومية مع التوظيف السياسي والإيديولوجي لهذا الملف الحساس؟
الأوراش الحكومية: بين الإنجازات والتحديات
نوه البيان بالمكتسبات التي حققتها الحكومة في عدة قطاعات، مثل الحماية الاجتماعية، والإصلاحات الصحية والتعليمية، ومكافحة آثار الجفاف. كما أشاد بتحقيق المغرب لمكانة سياحية رائدة في إفريقيا، وجذب الاستثمارات الأجنبية. لكن هذه الإنجازات تبقى محل تساؤل: هل يمكن اعتبارها كافية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطنون، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتفاوت الفرص بين المناطق؟ وكيف يمكن للحكومة أن تضمن استدامة هذه الإنجازات في ظل الظرفية الاقتصادية العالمية المتقلبة؟
إشكالية التشغيل: بين الطموحات والواقع
أعربت الأغلبية الحكومية عن اهتمامها الكبير بملف التشغيل، مشيرة إلى إعداد خارطة طريق سيتم الإعلان عنها قريبًا. هذا الاهتمام يطرح تساؤلات حول جدوى هذه الخارطة في ظل ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب وحاملي الشهادات. هل ستكون هذه الخارطة قادرة على خلق فرص عمل حقيقية، أم ستكون مجرد إجراءات ترقيعية؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع تداعيات الجفاف على التشغيل في المناطق القروية؟
التضخم والأمن الغذائي: بين الإجراءات الوقائية والضغوط الشعبية
أشاد البيان بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة التضخم المستورد وضمان استقرار الأسعار، خاصة في فترة رمضان. لكن هذه الإجراءات تبقى محل تساؤل: هل ستكون كافية لضمان الأمن الغذائي للمواطنين، خاصة في ظل التحديات المناخية وارتفاع أسعار المواد الأساسية عالميًا؟ وكيف يمكن للحكومة أن تعزز آليات مراقبة الدعم لضمان وصوله إلى الفئات المستحقة؟
البرلمان: بين التعاون والرقابة
نوه البيان بالعمل المشترك بين فرق الأغلبية والمعارضة في البرلمان، مشيدًا بالدور الرقابي للمعارضة في إغناء النقاش الديمقراطي. هنا يطرح السؤال: إلى أي حد يمكن لهذا التعاون أن يساهم في تعزيز أدوار البرلمان كسلطة تشريعية ورقابية؟ وهل ستتمكن الأغلبية الحكومية من الحفاظ على هذا الانسجام في ظل التحديات السياسية والاجتماعية المقبلة؟
الخاتمة: بين الطموحات والتحديات
اجتماع هيئة رئاسة الأغلبية الحكومية جاء ليعكس رؤية طموحة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، لكنه يبقى محل تساؤل حول مدى قدرة هذه الأغلبية على ترجمة هذه الرؤية إلى إجراءات ملموسة تستجيب لانتظارات المواطنين. في ظل الظرفية الحالية، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن الأغلبية الحكومية من الحفاظ على تماسكها وتحقيق إنجازات حقيقية، أم أن التحديات ستفرض عليها إعادة النظر في أولوياتها؟