توظيف وهمي لعناصر الأمن والنظافة: تفاصيل خروقات مالية في الحي الجامعي الأول
في الأسابيع الأخيرة، تعيش إدارة الحي الجامعي الأول بالدار البيضاء تحت وطأة اتهامات متزايدة بالفساد المالي والإداري. المدير الجديد، الذي تسلم مهامه قادمًا من “دار الضيافة” بالجديدة قبل أقل من سنة، أصبح محور هذه الادعاءات التي تشير إلى خروقات خطيرة في التسيير المالي والإداري للمؤسسة.
تضخيم ميزانية التسيير وصفقات مشبوهة
من أبرز المخالفات التي تم رصدها تضخيم ميزانية التسيير بأرقام غير حقيقية. ويبدو أن شركة الحراسة الخاصة التي تعاقد معها الحي الجامعي هي مثال واضح على ذلك. فرغم أن العقد ينص على توظيف 22 رجل أمن، إلا أن العدد الفعلي للعناصر التي تعمل في المؤسسة لا يتجاوز ستة أفراد، بحسب الشهود. وبالمثل، فإن عدد عاملات النظافة، الذي من المفترض أن يبلغ 30 عاملة وفقًا للصفقة، لا يتعدى نصف هذا الرقم على أرض الواقع.
هنا يبرز السؤال: كيف يمكن لمؤسسة تعليمية ذات سمعة وطنية كبيرة أن تتورط في مثل هذه التجاوزات المالية؟ وهل تم اتخاذ أي إجراءات للتحقيق في هذه المخالفات الواضحة؟
خرق أمني يهدد سلامة الطلاب
من بين أكثر السلوكيات إثارة للجدل هو قرار المدير بنقل أحد رجال الأمن الخاص، الذي كان مكلفًا بحراسة خزان الفيول المستخدم في تسخين الحمامات، ليعمل حارسًا شخصيًا لسكنه الوظيفي. هذا القرار ترك الخزان الحيوي بدون حماية، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لسلامة الطلاب القاطنين في الحي الجامعي.
السؤال الذي يطرح هنا هو: كيف يمكن لمسؤول أن يتجاهل هذه المخاطر الأمنية من أجل مصالح شخصية؟ وهل تم اتخاذ تدابير لتعويض هذا النقص الأمني الذي قد يعرّض حياة الكثيرين للخطر؟
حذف العلاوات وتراجع جودة الخدمات
لم تقتصر التجاوزات على الجانب المالي والأمني فحسب، بل شملت أيضًا اتخاذ قرارات تعسفية بحق الموظفين. فقد تم حذف جميع العلاوات التي كان يعتمد عليها موظفو الحي الجامعي، ما أدى إلى تدهور معنوياتهم وتأثر جودة الخدمات المقدمة للطلاب بشكل مباشر.
بالإضافة إلى ذلك، شهد الطلاب تدهورًا ملحوظًا في جودة وكمية الوجبات الغذائية المقدمة لهم، بينما أفادت تقارير بوجود كميات كبيرة من هذه المواد الغذائية في محل إقامة المدير. هذه التصرفات تثير تساؤلات حول مدى نزاهة المسؤولين في إدارة الموارد المخصصة للطلاب.
غياب الشفافية والنزاهة في إدارة الحي الجامعي
إذا كانت هذه الخروقات هي مجرد “غيض من فيض” كما أشارت التقارير، فإن الواقع يتطلب فتح تحقيق شامل وجاد لمعالجة هذه الانتهاكات. فالحي الجامعي الأول بالدار البيضاء هو المرفق الوحيد من نوعه في المدينة التي تضم عشرات المؤسسات الجامعية. ويبدو أن تسيير مثل هذه المؤسسة الحساسة يتطلب شفافية ونزاهة مطلقة، وهي المبادئ التي يبدو أنها غابت تمامًا في ظل الإدارة الحالية.
هل هناك حاجة إلى تدخل فوري؟
كل هذه الخروقات تطرح سؤالًا ملحًا: أين دور السلطات الرقابية ولجان التفتيش؟ هل سيتم فتح تحقيقات عاجلة لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المتورطين؟ وهل سيتم اتخاذ خطوات إصلاحية لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات في المستقبل؟
هذه الأسئلة تستدعي إجابات فورية من الجهات المسؤولة، إذ أن الأمر يتعلق بمصير مؤسسة تعليمية حساسة تخدم آلاف الطلاب. التحقيقات الفعّالة والشفافة هي السبيل الوحيد لاستعادة الثقة في إدارة الحي الجامعي وضمان أن حقوق الطلاب والموظفين تُحترم بشكل كامل.