اختناق أكثر من 30 عاملة بغاز البروبان تخلف ضحايا لقمة العيش داخل مصنع بطنجة

0
322

تكشف بيانات رسمية ونقابية عن أن آلاف العمال في القطاعات غير الرسمية حياتهم باتت مهدّدة بسبب عدم الالتزام بمعايير الأمان والسلامة في ظل غياب الرقابة الحكومية عليها.

عاشت منطقة المجدة القريبة من حي العوامة بمدينة طنجة، استنفارا أمنيا كبير، صباح اليوم الاثنين 17 أكتوبر الجاري، بعد اختناق 30 عاملة بغاز البروبان الذي يستعمل في تشغيل محركات بعض الأجهزة الخاصة بالخياطة داخل إحدى الوحدات الصناعية المتخصصة في الخياطة والنسيج.

وتم استنفار عناصر الوقاية المدنية والسلطات المحلية لنقل الضحايا على وجه السرعة نحو المستشفى الإقليمي مستشفى محمد الخامس بمدينة طنجة والوقوف على وضعيتهم الصحية وتخصيص طاقم طبي متخصص في الإنعاش والجهاز التنفسي.

وأفاد مصدر محلي، أن السلطات فتحت تحقيق مفصلا في الواقعة، بتعليمات من النيابة العامة المختصة، للوصول إلى الأسباب الرئيسية التي تسببت في تسرب الغاز القاتل. 

وفي المقابل، كشفت دراسة أعدها البنك المركزي أن القطاع غير المهيكل يمثل 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي بالبلاد. حيث لا يزال حاضرا بقوة على الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات لتبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيف العبء الضريبي وتسهيل الوصول إلى التمويل المصرفي.

وأوضحت دراسة البنك المركزي أن العمالة التي يشغلها القطاع غير المهيكل تمثل 80 في المائة من إجمالي اليد العاملة في البلاد، وذلك استنادا للأرقام التي سبق وأن أعلنت عنها منظمة العمل الدولية.

وأعاد “اختناق 30 عاملة بغاز البروبان” ، ليذكرنا جميعاً في مصرع 29 عاملا بمصنع نسيج “سري” بمدينة طنجة، شمال المغرب، الاثنين الماضي، إلى الواجهة مطلب توفير تدابير حماية سلامة وصحة آلاف العمال، في ظل تكرار حوادث مميتة في الوحدات الصناعية غير المهيكلة خلال السنوات الأخيرة.

ونجم الحادث عن تسرب لمياه الأمطار، مما تسبب في محاصرة ووفاة عدد من الأشخاص الذين كانوا داخل المصنع. وفتحت السلطات المغربية المختصة التحقيق للكشف عن ظروف وحيثيات الحادث. وحسب مصادر، يضم مصنع طنجة الذي شهد الحادث المأساوي أكثر من 120 عاملا وتم إنشاؤه داخل حي سكني.

وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، (اتحاد عمالي) علي لطفي، أن ما حدث يدق ناقوس الخطر بشأن الاستهتار بحقوق وأرواح الآلاف من العمال المغاربة، مشيرا إلى أن المسؤولية تقع على وزارة الشغل والاندماج المهني وعلى مفتشيها في ما يخص مراقبة المعامل السرية التي أصبحت منتشرة في العديد من المدن الكبرى (الدار البيضاء وطنجة وغيرهما) لمدى حفاظها على الصحة والسلامة المهنية للعمال.

وقال المسؤول النقابي، في تصريحات صحفية، إن منظومة الصحة والسلامة المهنية ورعاية حقوق العاملين والعاملات في بيئة عمل آمنة وعادلة، ما زالت ضعيفة ومتعثرة رغم توقيع المغرب على العديد من اتفاقيات الشغل والصحة والسلامة المهنية، وذلك بسبب غياب الإرادة السياسية.

ولفت لطفي إلى أن “هناك استغلالا بشعا لليد العاملة المغربية واستهتارا بأرواحهم في المعامل وكذلك في الورشات الزراعية التي تعرف استغلالا لعاملات يشتغلن في ظروف صعبة ومحفوفة بالمخاطر نتيجة استعمال مواد كيماوية خطيرة، وذلك في انتهاك صارخ لمقتضيات مدونة الشغل التي تلزم المشغل، أن يتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم، وكرامتهم، لدى قيامهم بالأشغال التي ينجزونها تحت إمرته وفي احترام تام للمقتضيات القانونية والتدابير المتعلقة بحفظ الصحة والسلامة، بما فيها التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة لحماية سلامة الأجراء وصحتهم من عدوى الإصابة بفيروس كورونا ـ كوفيد 19، في مقرات عملهم، وذلك تحت طائلة المتابعة القضائية.

من جهته، ألقى عضو جمعية النسيج والألبسة بالشمال، عادل الدفدوف، بالمسؤولية على وزارة الشغل والاندماج المهني، فيما وقع من مأساة، مؤكدا، في حديثه مع “العربي الجديد”، على ضرورة إعمال المراقبة الدائمة للوحدات الصناعية فيما يخص احترامها لمقتضيات حماية سلامة وصحة الأجراء ومواكبة تلك الوحدات بهذا الشأن.