اختيار 2500 مؤسسة ريادية: إصلاح حقيقي لبناء جيل جديد أم مسكّن لإعادة إنتاج الفشل؟

0
63

في خطوة أثارت تساؤلات حول جدواها وتوقيتها، أعلن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، مراجعة منهجية ومعايير اختيار 2500 مؤسسة تعليمية ستحتضن مشروع “مؤسسات الريادة” للسلكين الابتدائي والإعدادي خلال العام الدراسي 2025/2026.

هذا الإعلان جاء بعد موجة من الجدل التي رافقت اختيارات سابقة، ما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية هذه المبادرة في معالجة التحديات البنيوية التي تواجه التعليم في المغرب.

لماذا إعادة المراجعة؟

جاءت المراجعة عقب انتقادات طالت معايير الاختيار السابقة، حيث اعتُبر أنها تفتقر إلى رؤية استراتيجية تُراعي الفوارق المجالية والإمكانات المحدودة للكثير من المؤسسات.

فهل تهدف هذه الخطوة إلى تصحيح الأخطاء السابقة أم إلى استيعاب الضغط المتزايد على الوزارة في ظل تراجع الثقة بمنظومة التعليم العمومي؟

الوزارة ركّزت في رسالتها الموجهة إلى الأكاديميات الجهوية على “الاستمرارية البيداغوجية” وضمان انخراط الفرق التربوية بشكل فعّال. ولكن السؤال يبقى: هل يكفي تغيير المعايير لضمان نجاح مشروع طموح كهذا؟ أم أن المشكلة أعمق وتتطلب إصلاحًا شاملًا للبنية التحتية والتكوين التربوي؟

محاور المنهجية الجديدة: خطوة إلى الأمام؟

الرسالة الوزارية حددت منهجية الاختيار عبر أربع مراحل، منها التركيز على اختيار مؤسسات روافد الإعداديات الموجودة بالفعل، وضمان تغطية شاملة لكل جهة. لكن، هنا يُطرح سؤال جوهري: هل هذه المنهجية مبنية على دراسة ميدانية تُراعي احتياجات المناطق النائية؟ أم أنها تُكرر النمط المركزي الذي يُهمل الخصوصيات المحلية؟

التنفيذ والتحديات: هل يكفي التخطيط؟

رغم وضوح الخطوات الأربع لتنفيذ المشروع، إلا أن التحديات العملية كثيرة:

  1. الموارد البشرية: هل تتوفر الكوادر التربوية المؤهلة لتنفيذ هذا النموذج البيداغوجي الموحّد؟

  2. البنية التحتية: كيف سيتم التعامل مع المؤسسات التي تعاني من نقص في المرافق أو التجهيزات؟

  3. المتابعة والتقييم: ما هي الآليات التي ستعتمدها الوزارة لضمان تحقيق الأهداف المعلنة؟

ارتباط التعليم بالرياضة: أين الخلل؟

يُلاحظ أن الوزارة تُشرف على ملف الرياضة إلى جانب التعليم، ورغم الاهتمام بمشاريع مثل “مؤسسات الريادة”، تبدو الرياضة الوطنية في حالة ركود باستثناء كرة القدم.

هل يعكس هذا التشتت ضعف الرؤية؟ ولماذا تبدو الرياضة بعيدة عن الأولويات التعليمية رغم أهميتها في بناء أجيال متوازنة؟

الأسئلة الكبرى: ما الخطوة التالية؟

  • هل هناك دراسات تقييمية للمؤسسات التي شُرع في تطبيق نموذج الريادة بها؟

  • كيف ستضمن الوزارة أن لا تتحول هذه المبادرة إلى مجرد إجراء شكلي لا يُحقق النتائج المرجوة؟

  • هل يمكن للمنهجية الجديدة تجاوز تحديات التعليم بالمناطق القروية والنائية؟

ختامًا: خطوة في الاتجاه الصحيح أم مناورة أخرى؟

تبدو خطوة مراجعة منهجية اختيار مؤسسات الريادة ضرورية، لكنها لن تكون كافية دون معالجة الإشكالات الأعمق في المنظومة التعليمية. التعليم في المغرب يحتاج إلى رؤية شاملة تربط بين تطوير المناهج، تحسين التكوين، وتعزيز البيئة المدرسية.

وما لم يتم التعامل مع هذه التحديات بجدية، فإن المشاريع الطموحة قد تبقى رهينة الخطط النظرية دون أثر ملموس على أرض الواقع.