ارتفعت بشكل كبير أسعار عدد من المواد الاستهلاكية خلال الأيام الأخيرة، في غمرة انشغال المغاربة بالانتخابات الثلاثية التي شهدها المغرب في الثمن من شتنبر الجاري.
ويتعلق الأمر أساسا بالطحين، والقمح، وزيت المائدة، والشاي وبعض القطاني، والتي سجلت معظمها زيادة تعد الخامسة من نوعها في ظرف أشهر قليلة، دون أن تبادر الشركات إلى بسط أي تبرير، أو توزيع أي ملصقات توضح للزبناء الأسباب التي تقف وراء رفع السعر.
وطرحت هذه الزيادات الكثير من علامات الاستفهام لدى الباعة بالتقسيط وأصحاب محلات البقالة وكذا المواطن البسيط الذي أصبحت قدرته الشرائية مهددة.
في تعليقه على الارتفاع الصاروخي، في أسعار بعض المواد الغذائية، حذر بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك من استمرار وتيرة ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أنها تضرب القدرة الشرائية للطبقات الهشة، وهذا الانفعال سيكون له انعكاس سلبي على الاستقرار الاجتماعي.
وعبر الخراطي في حديث عن استنكاره لهذه الزيادات، مؤكدا أن الغلاء يعزى لجشع بعض الشركات التي تحاول تدارك ما فاتها خلال الأزمة الصحية، والتي يؤدي فاتورتها المستهلك المغربي، في ظل غياب وزارة تعنى بحماية المستهلك، وأكد على ضرورة إحداث وزارة لهذا الغرض.
كما حمل الخراطي المسؤولية للحكومة المنتهية ولايتها، التي سنّت قانون حرية المنافسة، دون أن تسهر على تنفيذه كاملا، بما يضمن حقوق المستهلك ويحميه من لهيب الأسعار.
ووفقا للمادة الثانية من القانون 104.12، فإن أسعار السلع والمنتجات والخدمات تُحدد عن طريق المنافسة الحرة، عدا السلع والمنتجات والخدمات التي تحدد قائمتها بنص تنظيمي بعد استشارة مجلس المنافسة.
وفي الوقت الذي يتم تفسير غلاء بعض المواد بالزيادة في السوق العالمية، سجل الخراطي أن العديد من المواد التي طالتها الزيادات، لا يوجد أي مبرر يفسر غلاءها، حيث تعرف استقرارا على المستوى العالمي، داعيا الحكومة إلى الخروج عن صمتها، وتمكين المواطن المغربي من حقه في المعلومة الصحيحة وحقه في الإخبار.
فبخصوص زيت المائدة مثلا الذي عرف زيادة كبيرة، لفت رئيس الجامعة إلى أن إسبانيا أيضا عرفت زيادة في هذه المادة الاستهلاكية، إلا أن الثمن هناك يبقى أقل من سعر البيع في المغرب، كما أن بعض المواد الصناعية القادمة من الصين، عرفت زيادات ملحوظة، في حين لا يزال ثمنها على حاله في البلد الآسيوي.
وعبر رئيس جامعة حقوق المستهلك عن إدانته للظرفية التي جاءت فيها هذه الزيادات، وهي ظرفية انتخابية، وظرفية تتسم بأزمة اقتصادية ناجمة عن تداعيات جائحة كورونا.
وسجل الخراطي أن هناك أسئلة كثيرة تطرح بخصوص هذه الزيادات، خاصة أنه وعلى عكس القانون الذي يجعل الأثمنة رهينة بالعرض والطلب، فإن هناك شبه توافق بين الحرفيين والمصنعين على الزيادة في جميع المواد في لحظة واحدة، وهو ما يتطلب التوضيح.
وأكد المتحدث أنه إذا كانت الزيادة انعكاسا لارتفاع الأسعار في السوق الدولية مقبولة، فإن الزيادات غير المبررة وغير المرتبطة بزيادات على المستوى الدولي تبقى مرفوضة، وغير مقبولة، خاصة في هذه الظرفية، مضيفا في ذات الصدد أن بعض الشركات التي لم تزد في الثمن، خفضت السعر، وهو غش للمستهلك، وتأسف لكون جميع الوسائل استعملت للإضرار بالمستهلك.
وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة تابعة للحكومة، في تقرير لها صدر في مارس الماضي، ارتفاعا في أسعار الاستهلاك ابتداء من شهر أغسطس، متأثرة على الخصوص بزيادة أسعار المنتجات الغذائية، لا سيما الفواكه والخضروات وزيوت المائدة.
وأوضحت المندوبية، في المذكرة ذاتها، أن هذا الارتفاع يعزى إلى تعاقب سنتين من الجفاف على التوالي، وكذلك لارتفاع أسعار المواد الخام الزراعية في السوق الدولية، ليرتفع معدل التضخم بشكل طفيف خلال سنة 2020، محققا نموا بنسبة 0.7 في المئة، عوض 0.2 في المئة خلال 2019.
وزيادة على ذلك، كشفت المؤسسة بخصوص الارتفاع الذي عرفته أسعار زيوت المائدة بالمغرب، أن ذلك راجع لارتفاع أسعار المواد الخام في السوق الدولية، كما ارتفعت أسعار الصويا والذرة بنسب مرتفعة، وهو الارتفاع الذي طال القمح، وقد يطال اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض، حيث إن 87 في المئة من أعلاف الحيوانات والتسمين تتكون من الذرة والشعير والصويا، ومعظمها تستورد من الخارج.