“استثناء الجمعيات من تقديم الشكايات في قانون المسطرة الجنائية: خطوة نحو تعزيز الفساد أم تعزيز الرقابة؟ كيف يتناقض ذلك مع الخطاب الملكي في مكافحة الفساد؟”
أثار مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، الذي صادق عليه المجلس الحكومي في 29 غشت 2024، نقاشًا حادًّا حول حقوق المجتمع المدني في مكافحة الفساد، خاصة مع استثناء الجمعيات من متابعة المفسدين. في هذا السياق، يبرز الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش في 30 يوليو 2016، والذي يؤكد على أن “محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع”، كمرجع رئيسي في تحليل هذا الموضوع.
المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية
تنص المادة الثالثة من المشروع على أنه “لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو الجهات المعنية”. هذا النص أثار انتقادات واسعة من قبل الجمعية المغربية لحماية المال العام، التي اعتبرت أن المادة تشكل “ردة حقوقية ودستورية” وتهدف إلى “تجريد المجتمع من أدوات التصدي للفساد”.
تساؤلات حول المادة الثالثة
-
ما هي دوافع تضمين هذه المادة في قانون المسطرة الجنائية؟ هل تعكس رغبة في تقليص دور الجمعيات في متابعة قضايا الفساد، أم أن هناك اعتبارات قانونية أخرى؟
-
كيف ستؤثر المادة على قدرة المجتمع المدني في مكافحة الفساد؟ هل ستقيد هذه المادة بشكل كبير قدرة الجمعيات على تقديم شكايات والضغط على السلطات المعنية؟
انتقادات محمد الغلوسي
محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، يرى أن المادة الثالثة تعكس “الإرادة الواضحة للتوجه المستفيد من الإثراء غير المشروع”، وتستهدف “إغلاق الحقل الحقوقي والمدني” أمام أي جهود لمكافحة الفساد. ويعتبر أن هذه المادة تقوض “الدستور المغربي واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” التي صادق عليها المغرب، وتعيق مهام النيابات العامة والشرطة القضائية في التصدي لمخالفات القانون.
تحليل المادة الثالثة
تنص المادة الثالثة من المشروع على أن الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن الجرائم الماسة بالمال العام لا يمكن أن تتم إلا بناءً على طلب من الوكيل العام للملك، بناءً على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو تقرير من المفتشيات العامة. هذا النص يثير تساؤلات عدة حول كيفية تأثيره على فعالية مكافحة الفساد:
-
هل ستقوض المادة الجديدة دور الجمعيات في مكافحة الفساد؟
-
منذ زمن طويل، كانت الجمعيات تلعب دوراً مهماً في تقديم الشكايات ومراقبة الفساد. بإبعادها عن هذا الدور، هل سيؤدي ذلك إلى تعزيز الفساد والتقليل من شفافية المؤسسات؟
-
-
ما هي التداعيات القانونية والدستورية لهذا التعديل؟
-
هل يساهم هذا التعديل في تقويض الدستور المغربي، خصوصاً في سياق التزام المغرب باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد؟
-
-
كيف ستؤثر هذه التعديلات على دور النيابة العامة والشرطة القضائية؟
-
إذا كانت النيابة العامة وشرطة القضائية ملزمتين فقط بالتحرك بناءً على تقارير محددة، هل سيتم إضعاف قدرتهما على التصدي لمخالفات القانون الجنائي بشكل فعال؟
-
الربط بالخطاب الملكي
في خطابه بمناسبة عيد العرش في 30 يوليو 2016، أكد الملك محمد السادس أن “محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع”، مشدداً على أن “لا أحد يستطيع ذلك بمفرده”. الملك أشار إلى أن الفساد يتطلب “تفعيل الآليات القانونية لمحاربته وتجريمه”، وهو ما يعكس ضرورة تطبيق القانون بفعالية وبكل شفافية. النص الملكي يحث على المساءلة والمحاسبة عبر “آليات الضبط والمراقبة”، مما يستدعي ضرورة مراجعة المادة الثالثة لضمان عدم تعارضها مع التوجيهات الملكية.
التداعيات المحتملة
يمكن أن تساهم المادة الثالثة في تقليص فعالية جهود مكافحة الفساد إذا ما تم تنفيذها كما هو منصوص عليه. هذا قد يؤدي إلى:
-
تقويض جهود مكافحة الفساد: إذا تم تقييد دور الجمعيات، فقد يفقد المجتمع المدني أحد أدواته الأساسية في مكافحة الفساد.
-
زيادة الفساد: قد تعزز المادة المذكورة بيئة تسهل الإفلات من العقاب، مما يؤدي إلى تفشي الفساد والرشوة.