استياء وجدل على وسائل التواصل الاجتماعي”من ظهور المحامي المعتقل محمد زيان في حالة “مأساوية” أثناء المحاكمة”

0
547

بعد تأجيل المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف بالرباط، البث في ملف النقيب محمد زيان، عمّت حالة من الاستياء والإحباط منصات التواصل الاجتماعي في المغرب، وذلك بعد نشر مشاهد  تظهر المحامي ووزير حقوق الإنسان الأسبق محمد زيان (82 سنة) في حالة تبعث على الشفقة، أثناء مثوله، أمس الإثنين، أمام المحكمة، حيث بدا ذا بنية جسدية هزيلة ويعاني من المرض.




وقد استدعي النقيب والمحامي زيان إلى جلس أمس بمحكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط في قضية ثانية تتعلق بعدم إرجاع مستحقات إلى خزينة الدولة، بعد أن قام تقرير  لـ“المجلس الأعلى للحسابات”، الصادر برسم السنة المالية 2023، بتبرئة المحامي والوزير الأسبق  محمد زيان من تلك التهمة.

وقد قررت المحكمة الغرفة الابتدائية في محكمة الاستئناف في الرباط تأجيل جلسة المحاكمة إلى 14 يونيو المقبل، على ملتمس من أعضاء هيئة دفاع المحامي زيان التي طلبت مهلة لإعداد المرافعات.

شغل النقيب محمد زيان، حقيبة وزارة حقوق الإنسان في التسعينيات، خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إذ يقضي عقوبة سجنية مدتها ثلاث سنوات بتهم جنسية، وأخرى تتعلق بإهانة القضاء، في حين يعتبر حقوقيون أن اعتقاله جاء بناء على مواقفه السياسية وآرائه المنتقدة للسلطة في المغرب.

ويعاني المعتقل النقيب محمد زيان، وفق أسرته، أمراضاً مزمنة تتعلق بمرض القلب ومرض التهاب المفاصل الفقارية، وغيرها مما هو مرتبط بتقدمه في السن ووضعيته في السجن.

وكتب حسن بناجح، عضو “الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير في المغرب”، على منصة “إكس” تدوينة جاء فيها: “حضرت صباح اليوم جلسة المحاكمة الجديدة للنقيب محمد زيان، وكنت صحبة أعضاء من الهيئة، ورأينا النقيب وتبادلنا التحايا.”

وأضاف: “صراحة، أمر مؤلم للغاية أن يستمر الإصرار على إبقاء الرجل في الاعتقال، وإضافة محاكمة جديدة، وهو، كما شاهده كل من حضر الجلسة، في شيخوخة متقدمة وبنية جسدية مقلقة للغاية.”

وتابع الكاتب والناشط الحقوقي: “تعجز كل التعابير، وتختنق كل العبارات، وتقصر كل الأوصاف عن التعبير عن هذا المشهد الذي غزا اليوم منصات التواصل والإعلام، ورأيناه بأم أعيننا، وهو للحظة استقدام المعتقل السياسي النقيب محمد زيان إلى المحكمة.. سنة ونصف قضاها لحد الآن في السجن تلخصها هذه الصورة المؤلمة، وهي تسائل كل الضمائر، هل بعد كل هذا سيستمر اعتقال رجل في سن 82 سنة من أجل آرائه؟”.

وختم بناجح تدوينته بالعبارة التالية: “غريب ومحير هذه المعاملة القاسية مع رجل لا يملك إلا الرأي والموقف السياسي!”

أما الصحافية حنان باكور، فكتبت في صفحتها الفيسبوكية أنها لم تقو على مشاهدة فيديو النقيب محمد زيان وهو في طريقه إلى المحكمة منهكاً بالكاد يرمي خطواته. وعلّقت: “لا يليق بنا هذا المشهد… لا يليق مطلقاً أن يستمر هذا الملف وملفات أخرى في سجل بلد يرأس مجلس حقوق الإنسان!“

وأكدت أنه “من يحب هذا البلد فعلاً عليه أن يدفع في اتجاه انفراج ينهي مأساة زيان ومعتقلي الريف وغيرهم من الصحافيين ومعتقلي الرأي.. لا أن يطبع مع مشاهد مؤلمة كالتي عكسها فيديو النقيب.”

كما كتب الباحث يحيى شوطة: “نحب بلادنا، ونغار إذا تطُووِل عليها، لكن هذه الصورة نقطة سوداء كبيرة في جبيننا جميعاً، اختلفوا مع النقيب زيان ما شئتم، لكن احتراماً للرجل وسنّه ووضعه الاعتباري كوزير ونقيب سابق لا يليق إهانته والإمعان في جرجرته. نتمنى أن ينتصر صوت الحكمة والتبصر في بلادنا ويفرج على الرجل، كثير من المجرمين من يستحقون أن يكونوا في هذا الوضع والمكان لكنهم يعيثون في الأرض فساداً.”

وبحسب الصحافي أحمد بيضي: “قد نختلف مع الرجل إيديولوجياً… لكن قد لا نختلف حول حالته الصحية والنفسية المؤثرة التي تستدعي الرأفة والرحمة.” وهو رأي يشاطره فيه الناشط الحقوقي محمد بنساسي، إذ يقول: “تتفق أو تختلف مع آراء ومواقف السيد النقيب محمد زيان، سواء السابقة منها أو اللاحقة، غير أن هذه الصورة الحزينة الموغلة في الألم والحسرة، لا تليق أبداً بوطننا، ولا بدور ومكانة مؤسساته.”

ويؤكد الإعلامي عصام الطالبي هذا الموقف: “اختلفت معه أم لا تختلف معه، فمكان النقيب زيان حتماً ليس هو السجن. اعتقال زعيم حزب سياسي ونقيب سابق ورجل طاعن في السن كان قراراً غير سليم، وأساء إلى صورة المسار الديمقراطي الذي رسمه المغرب.”

وأعرب عن أمله في أن يعطف العاهل المغربي “بعفو خاص على محمد زيان وباقي معتقلي الرأي في إطار مصالحة شاملة مع أبناء الوطن.”

وتساءل المدرس يونس حباش: ماذا يعني لك الوطن؟ ليجيب: “قطعة من عذاب ومعاناة وألم في كل مراحل العمر.” واستطرد قائلاً: “قد تسجن وتهان وتحتقر وأنت على مشارف التسعين من عمرك. قد يطلب منك أن تعيش وتصمت وتخرس عن قول لا للظلم. ما معنى أن تكون مغربياً وتمغربيت يجب أن تطرح كذلك أسئلة الثروة والسلطة والمعرفة والاحتقار والظلم وعدم الاعتراف والغبن.”

ويرى المحامي رضا بوكمازي أن “بلداً مثل المغرب لا تليق به مثل هذه الصور.” قبل أن يتوجه بالدعاء: “فك الله أسر النقيب زيان”.

 واختصرت الصحافية سناء القويطي الموقف في الجملة التالية: “أشياء كثيرة ليست على ما يرام”.

بينما كتب الإعلامي حسن المولوع: “صورة آلمتني جداً وأفقدتني القدرة على التعليق. ولا أخفيكم أنها أشعرتني باليأس والخوف”، قبل أن يختم بالحوْقلة: “لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم”.

وكان الوكيل العام للملك (المدعي العام) لدى محكمة الاستئناف (درجة ثانية) في الرباط قد أعلن، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، عن تأييد الحكم الابتدائي (درجة أولى) الصادر في حق المحامي محمد زيان، والقاضي بإدانته ومعاقبته بثلاث سنوات حبساً نافذاً، وغرامة نافذة قدرها 5000 درهم (حوالي 500 دولار أمريكي) بالإضافة إلى تعويضات مدنية للمطالبين بالحق المدني.

وأوضح أن محكمة الاستئناف أمرت بإلقاء القبض على المعني بالأمر وإيداعه السجن، بناء على ملتمس تقدمت به النيابة العامة في إطار المادتين 392 و414 من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما جرى فعلاً. ويأتي قرار المحكمة، وفق بيان المدعي العام، بعد توجيه مجموعة من التهم إلى المعني بالأمر، تتمثل في «جرائم إهانة رجال القضاء وموظفين عموميين بمناسبة قيامهم بمهامهم بأقوال وتهديدات بقصد المساس بشرفهم وبشعورهم وبالاحترام الواجب لسلطتهم، وإهانة هيئات منظمة، ونشر أقوال بقصد التأثير على قرارات القضاء قبل صدور حكم غير قابل للطعن وتحقير مقررات قضائية، وبث ادعاءات ووقائع كاذبة ضد امرأة بسبب جنسها، وبث ادعاءات ووقائع كاذبة بقصد التشهير بأشخاص عن طريق الأنظمة المعلوماتية، والتحريض على خرق التدابير الصحية عن طريق أقوال منشورة على دعامة إلكترونية، والمشاركة في الخيانة الزوجية، والمشاركة في إعطاء القدوة السيئة للأطفال نتيجة سوء السلوك، والمشاركة في مغادرة شخص للتراب الوطني بصفة سرية، وتهريب مجرم من البحث ومساعدته على الهروب، والتحرش الجنسي”.