استيراد أبقار “ جاموس هزيلة”من البرازيل يثير جدلا واسعا في المغرب وحكومة رجل الأعمال تؤكد مطابقتها للجودة

0
526

أثيرت حالة كبيرة من الجدل في المغرب خلال الساعات الماضية، بعدما تداول عدد كبير من المواطنين صور الأبقار التي تم استيرادها من البرازيل لتغطية النقص الحاصل في الأسواق الوطنية،  على مواقع منصات التواصل الاجتماعي، خاصة مع هزالة هذه الأبقار وما يظهر عليها من كبر السن؟!.

وكانت وسائل إعلام محلية تحدثت، الأحد، عن وصول شحنة مكونة من 2800 رأس من الأبقار البرازيلية مخصصة للذبح إلى ميناء الجرف الأصفر، جنوب غرب الدار البيضاء، ضمن خطة حكومية تهدف إلى تمويل السوق باللحوم الحمراء للحد من ارتفاع أسعارها في الأسابيع الأخيرة.

غير أن مقاطع الفيديو التي بثها الإعلام العمومي المحلي أثناء تغطية العملية، أثارت تساؤلات عديدة وسط النشطاء المغاربة في شبكات التواصل الاجتماعي، عن سلالة الأبقار المستوردة وما إن كانت من فصيلة الجاموس البرازيلية.

وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي لجوء المغرب لاستيراد هذه الأصناف الأقل جودة والتي تقل أسعارها بكثير عن لحم الأبقار.

ووجهت العديد من التدوينات سهام النقد لمخطط المغرب الأخضر وغيره من المخططات والبرامج الفلاحية، التي حولت المغرب من الاختيار بين الأبقار السويسرية والهولاندية والأصناف ذات الجودة، إلى اللجوء للجواميس للتغطية على ضعف العرض بالسوق الوطنية، معتبرة أن هذا الأمر من بين الأدلة على فشل المخطط الأخضر الذي صرفت عليه ميزانية ضخمة.

وفي تعليق الحكومة على هذا الموضوع، وعلى التخوفات من جودة وسلامة هذه الأبقار، قال مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن جميع الأبقار المستوردة، وقبل دخولها للبلد يتم افتحاصها مخبريا والتأكد من سلامتها، وهذا موضوع لا تساهل فيه.

وشدد بايتاس خلال كلمته في الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع مجلس الحكومة على أن كل المنتجات المستورة تك ن مطابقة للجودة وتخضع لمستويات متعددة من الرقابة والاختبار، رافضا تقديم جواب حول سعر الكيلوغرام الذي تم به استيراد هذه الأبقار. 

وينتشر حيوان الجاموس في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء و آسيا وفي كثير من بلدان أميركا الجنونية، وهو من سلالة الأبقار، التي تفضل الحياة البرية. 

و نبه أصحاب تعليقات على المنصات الاجتماعية لانخفاض أسعار “لحوم الجاموس” مقارنة بأسعار بسلالات الأبقار المحلية، مؤكدين أن سعره لا يتجاوز دولارين بالبرازيل مقارنة بسعر اللحوم الحمراء المحلية التي يتراوح سعرها بين 8 و10 دولار للكيلوغرام الواحد.

وتفاعل النشطاء مع الشحنة الأخيرة بسخرية أيضا، إذ قال مدونون إن هذه السلالة من الأبقار تستعين بها شرطة البرازيل للقيام بدوريات تمشيطية، موجهين انتقادات للسياسة الحكومية في مجال الأمن الغذائي.

لم تعلق حكومة رجل الأعمال “عزيز أخنوش” ولا توضيح من الناطق الرسمي للحكومة  بشأن السلالة المستوردة وما إن كانت من فصيلة الجاموس، لكن تصريحات سابقة أكدت أن عملية الاستيراد “تحترم المعايير والشروط الصحية المفروضة من طرف المكتب الوطني للسلامة الغذائية”. 

وكانت بواخر أبقار الذبح المستورة من البرازيل والأوروغواي واسبانيا قد وصلت إلى موانئ المغرب في منتصف شهر فبراير المنصرم، وذلك لتموين السوق المحلي ودعم استقرار أسعار اللحوم الحمراء.

وأوقف المغرب رسميا في شهر يناير الماضي استيراد الأبقار ولحومها من بريطانيا وأيرلندا الشمالية بعد ظهور حالات “جنون البقر” في هذين البلدين، بينما لم يتخذ أي قرار بتعليق استيراد الأبقار من البرازيل.

وفي خضم جدل العجول المستوردة فقد أكدت مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية (أونسا) تشديدها إجراءات المراقبة على جميع الحيوانات الحية التي يتم استيرادها للتحقق من مطابقتها لمعايير السلامة المعمول بها في المملكة.

وأوضح المكتب في بيان أن تلك الإجراءات التي تتم في مراكز التفتيش على الحدود تتمثل في:

– فحص الحالة الصحية للحيوانات المستوردة

-معاينة الشواهد والوثائق التي تبين سلامتها الصحية.

– إجراء فحص لهويتها للتأكد من مطابقتها للمعايير المعتمدة في المغرب.

وشدد المصدر ذاته على أنه “يسمح فقط للحيوانات السليمة بدخول التراب الوطني، حيث يتم عزلها في اسطبلات تالعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية، في انتظار خضوعها مرة أخرى للمراقبة من قبل طبيب بيطري معتمد ولجنة بيطرية خاصة للإشراف على عملية الحجر الصحي لتلك الحيوانات المستوردة”.

حماية المستهلك

ويؤكد عدد من المدافعين عن حقوق المستهلك على ضرورة احترام شروط السلامة الصحية والتتبع الدقيق لمسار الأبقار التي يستوردها المغرب خاصة من البلدان التي رصدت حالات “جنون البقر”.

يقول رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي، إن المغرب لم يسجل إلى حدود اليوم أي حالة لجنون البقر وسط الشحنات التي استوردها مؤخرا سواء من البرازيل أو أي دولة أخرى.

ويضيف الخراطي في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن المصالح البيطرية للمكتب الوطني للسلامة الصحية قد اكتسبت خبرة مهمة على مستوى تتبع ومراقبة سلامة الحيوانات المستوردة وذلك منذ ظهور مرض جنون البقر في أوروبا.

ويتابع المتحدث أن هذه المصالح تعمل على التنقل ومراقبة الحيوانات الحية مباشرة من البلد المصدر قبل اجراء المعاينة في المعابر الحدودية للمملكة للتحقق من هويتها وسلامتها، وذلك حماية للثروة الحيوانية الوطنية والمستهلك من أثار جنون البقر.

ويشير الخراطي إلى ضرورة إجراء تحاليل مخبرية على عينات من لحوم الأبقار المستوردة مباشرة بعد الذبح وقبل السماح بتوجيهها إلى الاستهلاك.

مواجهة ارتفاع الأسعار

وقد استورد المغرب منذ 3 فبراير المنصرم 3890 رأسا من العجول، وذلك بعد تعليق الضريبة على القيمة المضافة بغرض تسهيل تزويد السوق المحلي بحاجياته من الأبقار الموجهة للذبح.

وتراهن الحكومة على استيراد 40 ألف رأس من الأبقار قبل حلول شهر رمضان لتغطية الحاجيات ودعم استقرار سوق اللحوم الحمراء.

يقول رئيس الجمعية المغربية لبائعي اللحوم بالجملة عبد العالي رامو، إن عدد الأبقار التي تم استيرادها إلى حدود اليوم تبقى غير كافية من أجل الحد من ارتفاع الأسعار.

ويعزي الرامو في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” استقرار أثمان اللحوم الحمراء في الفترة الأخيرة إلى لجوء عدد من مربي الماشية والأغنام إلى توجيه هذه الحيوانات للذبح خوفا من أن تهوي الأسعار بالموزاة مع اتخاذ إجراءات جديدة لتسهيل عملية الاستيراد.

ويضيف المتحدث أن “استيراد الأبقار لم يتجاوز 4000 ألف رأس إلى حدود اليوم، بينما كان الهدف بلوغ 40 ألف رأس قبل شهر رمضان الذي يعرف إقبالا كبيرا على استهلاك اللحوم الحمراء”

إنتاج واستهلاك اللحوم الحمراء

وقد بلغ حجم إنتاج الحوم الحمراء في المغرب 606 ألف طن في سنة 2019، وتتوفر البلاد على 184 مجزرة حضرية و693 مجزرة قروية و5 مجازر خاصة.

وارتفع إنتاج اللحوم الحمراء في المملكة بنسبة 51 في المائة مابين سنة 2008 و2019 وفق معطيات وزارة الزراعة.

وحسب ذات المصدر فقد وصل متوسط الاستهلاك الفردي من اللحوم الحمراء إلى 17.2 كيلوغرام للفرد حسب إحصائيات عام 2019.