في مشهد سياسي يزداد سخونة مع اقتراب استحقاقات 2026، يتقدم حزب الأصالة والمعاصرة بحذر على رقعة الشطرنج الحكومية، متخذاً موقفًا غامضًا بين دعم الأغلبية وانتقادها. فهل هي مناورة تكتيكية لاستنزاف الحلفاء وكسب نقاط لدى الناخبين؟ أم أن الحزب يختبر إمكانية الانسحاب من السفينة قبل أن تغرق؟
ازدواجية الخطاب: تكتيك أم ارتباك؟
خلال اجتماع المكتب السياسي الأخير، خرج “البام” بانتقادات مبطنة تجاه الحكومة التي يشكل أحد أعمدتها، في خطوة بدت لكثيرين كضربة استباقية لتمهيد طريقه نحو الاستحقاقات المقبلة. وبينما يدافع الحزب عن استمراره في الأغلبية، فإنه في الوقت ذاته يهاجم سياسات الحكومة التي يشارك في إدارتها. فهل يريد الحزب لعب دور الحكم والمعارض في آنٍ واحد؟
مناورة ذكية أم محاولة لانتزاع مكاسب؟
يرى الباحث رشيد لزرق أن هذا الموقف لا يعكس خلافات جوهرية بقدر ما هو “مناورة تكتيكية” تهدف إلى انتزاع امتيازات إضافية داخل الحكومة، خصوصًا في المناصب ذات العائد الانتخابي. فالحزب، رغم انتقاداته، لا يبدو مستعدًا للتخلي عن مكاسبه السياسية، إذ أن خروجه من الحكومة في هذه المرحلة قد يعني نهايته السياسية.
تحركات مدروسة أم استباق لخلاف داخلي؟
في المقابل، ترى الباحثة شريفة لموير أن “البام” يسعى إلى إعادة تموقعه قبل الانتخابات من خلال انتقاد الأغلبية، خاصة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يتصدر الحكومة. لكنه في نفس الوقت لا يريد قطع شعرة معاوية مع السلطة التنفيذية، مما يضعه في معادلة معقدة بين الحفاظ على موقعه داخل الحكومة وكسب ثقة الناخبين كـ”بديل قوي”.
ما الهدف النهائي؟
بين المناورة والتموقع الانتخابي، يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة يراهن على لعب دور المعارضة من الداخل، في محاولة للاستفادة من أخطاء الأغلبية دون أن يتحمل تبعاتها. لكن إلى متى سيستطيع الحزب البقاء في هذه المنطقة الرمادية دون أن يدفع ثمن ازدواجيته؟ وهل سينجح في إقناع الناخبين بأنه البديل المنتظر، أم أن هذه الاستراتيجية ستنقلب عليه في اللحظة الحاسمة؟
في السياسة، كما في الشطرنج، التموقع أهم من التحرك. ولكن، حين تقترب النهاية، لا بد من اختيار جانب واحد. فهل يجرؤ “البام” على الحسم، أم سيظل يناور حتى اللحظة الأخيرة؟