تحدّث الأغلبية في المغرب عن عودة عدد من الوجوه المألوفة ضمن العمل السياسي في البلاد مرة أخرى بمناصب جديدة. وعلى الرغم من أن ذلك لا يُعد مفاجأة أو حدثاً جديداً بالنسبة للشارع المغربي، إلا أنه يؤكد تراجع رئيس البرلمان السابق “رشيد الطالبي العلمي” والتجمع الوطني للأحرار عن شعاراته السابقة التي رفعها قبل الانتخابات، وهي “المجرب لا يُجرب” وجوه جديد وكفاءات شابة، معتبرين أن الترشيحات الجديدة للمناصب هي بمثابة إعلان عن تنصّل القوى السياسية بشكل كامل عن وعودها السابقة للشارع.
وكشف بيان للأغلبية الحكومية أنه تم الاتفاق على ترشيح راشيد الطالبي العلمي الرئيس السابق للبرلمان المغربية مرة اخرى لرئاسة مجلس النواب و النعم ميارة لرئاسة مجلس المستشارين وذلك في أفق انتخاب رئيسي المجلسين وباقي الأجهزة المكونة لغرفتي البرلمان طبقا للدستور.
وأوضح البلاغ أن الاتفاق على هذا الترشيح جاء “بناء على نتائج الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها بلادنا والتي شكلت محطة مهمة في توطيد المسار الديمقراطي لبلادنا، كما تميزت بمشاركة مواطنة مهمة أعطت زخما قويا لمخرجات صناديق الاقتراع “.
على الرغم من أن بعض هؤلاء عليهم شبهات فساد كبيرة”،إن إعادة طرح أسماء هؤلاء من قِبل “الأغلبية الحكومية” إلى “كونهم ارتبطوا بملفات مهمة وحساسة خلال السنوات الماضية، ولا يمكن التخلي عنهم خوفاً من كشفهم تلك الملفات”، وكشفت تقارير المفتشية لوزارة المالية والمجلس الأعلى للحسابات، اختلالات في الدعم الممنوح للجامعات الرياضية خلال 2019، بعد أن كشف حجمه، الذي بلغ 107 ملايير و170 مليون سنتيم، غير أن وزارة الشباب والرياضة، صرحت بـ 47 مليارا و370 مليون سنتيم، ما يعني أن حجم الاختلالات في هذه السنة لوحدها بلغ حوالي 60 مليار سنتيم، لم يشر إليها التقرير الذي قدمه الوزير الفردوس.
وأشار تقرير وزارة المالية، أن وزارة الشباب والرياضة، تجاهلت توصيات المجلس الأعلى للحسابات، بعد تأكيده على أن الإيرادات السنوية المنجزة، من قبل الصندوق الوطني للتنمية الرياضية، خلال السنوات من 2011 إلى 2016، تبلّغ بشكل خاطئ، إذا لم تتمكن من الاستجابة للتوصيات، فيما يتعلق بالدعم الممنوح للجامعات الرياضية، خلال الفترة التي تليها، أي بين 2017 و2019.
وخلّف تقرير وزارة الاقتصاد والمالية، صدمة بسبب حجم الأموال، التي ضاعت نتيجة شبهة اختلالات، عرفها عمل الوزارة خلال تلك الفترة، الأمر الذي يتطلب تدخل السلطات المعنية، وفتح تحقيق جدي في الموضوع لترتيب المسؤوليات.
كما كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات (حكومي يعنى بمراقبة المال العام) عن جملة من المشاكل التي تعتري عمل الوزارات والمؤسسات الحكومية والبلديات واستشراء الفساد فيها.
التقرير السنوي الصادر في سبتمبر/ أيلول الماضي،دفع المختصين والنشطاء لطرح سؤال مفاده: ماذا بعد كشف الفساد والخروقات في الوزارات والمؤسسات الحكومية والبلديات؟
-
واعتبر الغلوسي رئيس جمعية حمياة المال في المغرب، أن التساؤل اليوم ينبغي أن يتجه نحو وجود إرادة سياسية لمحاربة الفساد من عدمها، مضيفا أن الجميع اليوم يقر بما أسماه خطورة الفساد، ويقر بانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية، وبكونه معيقا للتنمية.
-
مضيفا أن القضاء يتحمل جزءا من المسؤولية، بالنظر لاقتصار المتابعة على بعض الموظفين والمنتخبين، في حين لا ترقى الأحكام –حسب وصفه- لمستوى الجرائم المالية التي ترتكب، بل تشجع على ما أسماه استمرار الفساد في التدبير العمومي ونهب المال العام.
وتنسف عملية تدوير الوجوه التي لم يستفق منها المغاربة، طيلة الأعوام الماضية، الوعود التي طرحها عزيز أخنوش ، الذي كان قد أكد في كلمته الأولى بعد اختياره رئيساً، أمام الشعب المغربي، بالأفضل والأحسن له، ويغيّر شكل العملية السياسية بما تتناسب مع تطلعات الشعب المغربي والشباب، باليد الأخرى. لكن اختيار الأغلبية الحكومية لــ “رشيد الطالبي العلمي”، سيدفع المغاربة للتساؤل بعودة أسماء لطالما فشلوا في مناصب سابقة.
وتعليقاً على ذلك، رأى الكاتب والصحفي ، جمال السوسي، عودة هؤلاء من أبواب البرلمان كان متوقعاً من أول لحظة لما انتخب “الطالبي العلمي ” رئيس للفريق البرلماني للأحرار. وأضاف “إعادة تدوير الوجوه نفسها لسياسيين مغاربة، فشلوا في مناصب سابقة، يندرج ضمن ملف الفساد، لأن الفساد في المغرب عبارة عن حلقة مغلقة، وفيها ملفات لا يريد أحد كشفها، فالكل متورط بها”، موضحاً أن “هناك إصراراً على المحاصصة المرفوضة على مستوى الخطاب الإعلامي للحكومة والرأي العام، ولكن على أرض الواقع تُثبت الحكومة الحالية تمسكها بالمحاصصة وتوزيع المناصب بين التحجالف الثلاثي من دون الاستعانة بالكفاءات والرجل المناسب في المكان المناسب، واختيارهؤلاء، علماً أنهم وجوه سياسية وحكومية سابقة غابت سنتين وعادت اليوم، بما ينسف البرنامج الحكومي الذي قدمه عزيز أخنوش”.