الأمن المغربي يكثف عمليات محاربة الهجرة السرية في اتجاه إسبانيا

0
357

كثفت السلطات المغربية خلال الأشهر الأخيرة عمليات محاربة الهجرة السرية والشبكات النشيطة فيها، خاصة على مستوى الأقاليم الجنوبية للمملكة في اتجاه جزر الكناري، عبر تعزيز نظام المراقبة الساحلية وتدخل عناصر من الدرك الملكي، في إطار عمليات التمشيط، واسفرت العمليات عن إيقاف العديد من المرشحين وإنقاذ قوارب في عرض مياه البحر.

وفي هذا الإطار، اوقف مصالح الأمن ليلة السبت ما مجموعه 133 مرشحا للهجرة السرية، بينهم أربع نساء، في المنطقة الساحلية بمدينة الداخلة جنوب المغرب، وفق مصدر أمني.

وفقا للمصدر، تم توقيف مجموعتين من 68 و65 مهاجرا سريا شمال قرية الصيد إمطلان (140 كلم عن الداخلة) في جماعة بئر انزاران، ويتعلق الأمر بمرشحين للهجرة ينحدرون من عدة مدن بالمملكة.

وتم فتح تحقيق مع الموقوفين، من قبل السلطات المختصة، تحت إشراف النيابة العامة، للوقوف على ملابسات تنظيم هذه العمليات الخاصة بالهجرة السرية.

وكان وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، قد أكد في مارس الماضي بأن “مدريد على اتصال دائم بالرباط من أجل تصحيح الأوضاع الأمنية بتلك المعابر”، مبرزا، وفق تصريحات صحفية، أن “السلطات المغربية تبذل قصارى جهدها للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى سبتة ومليلية”.

من جهته قال الباحث في الشأن السياسي الدولي، محمد شقير إن “إسبانيا لا تستطيع مواجهة أزمة الهجرة لوحدها ما يدفعها إلى ربط الاتصال بالمغرب على الدوام للتنسيق بخصوص العمليات الأمنية المشتركة”، مضيفا أن “المغرب يتوفر على الإمكانيات اللازمة لمساعدتها على ذلك”.

وأشار شقير، في تصريح لجريدة “هسبريس” الإلكترونية، إلى أن “تدفق موجات الهجرة بالثغرين المحتلين يدق ناقوس الخطر لدى مدريد، حيث تسارع إلى طلب مساعدة السلطات المغربية لوقف ذلك”، موضحا أن “مدريد تعيش حالة استنفار بسبب نزوح الأوكرانيين إلى المدن الأوروبية في الأيام المنصرمة”.

وتابع المتحدث بأن “توالي عمليات الهجرة بسبتة ومليلية، بالموازاة مع الأزمة الأوكرانية، جعل إسبانيا تستبق أي عملية كبرى في المستقبل، لا سيما أن نجاح العشرات في عبور المدينتين يدفع بقية المهاجرين إلى الرفع من وتيرة عمليات الهجرة غير النظامية”.

وخلص الباحث الأمني إلى أن “مدريد تنسق مع الرباط بخصوص الملفات الأمنية الشائكة، رغم التوتر الدبلوماسي بين العاصمتين، لأنه ليس من مصلحتهما وقف التعاون في مجال الهجرة غير النظامية”.

وحاول نحو 1200 مهاجر صباح الخميس الماضي عبور السياج العالي حول جيب مليلية الإسباني على الساحل الشمالي للمغرب، ونجح 350 منهم في تحقيق ذلك، كما أعلنت السلطات المحلية الإسبانية.

ويمثل جيبا سبتة ومليلية  المغربيتين المحتلين الحدود البرية الوحيدة بين المغرب وإسبانيا، ويحاول المهاجرون بشكل متكرر دخولهما بشكل غير قانوني على أمل الوصول إلى الاتحاد الأوروبي سعيا إلى حياة أفضل.

وكشف التقرير السنوي الذي قدمته الجمعية الأندلسية لحقوق الإنسان،  عن ارتفاع الحرّاكة (المهاجرين السريين) المغاربة “رصدنا طيلة 2019 ارتفاعا كبيرا في عدد المغاربة الواصلين (إلى إسبانيا)، وفي نفس الوقت سجلنا تراجع معدل المهاجرات”. وأن عدد القاصرين الواصلين إلى إسبانيا عبر الطريق الغربية للبحر الأبيض المتوسط تفاقم في 2019، إذ أنهم يمثلون 30 في المائة من مجموع المهاجرين الواصلين إلى السواحل الإسبانية. وقال إن سنة 2019 شهدت مصرع 585 شخصا غرقا في محاولتهم الوصول إلى إسبانيا، ما يعني أن عدد الوفيات ارتفع مقارنة مع عدد الواصلين. “هذه هي النتيجة المأساوية لسياسات الهجرة اللاإنسانية التي أصبحت قاسية بشكل متزايد، والتي تنتهك بشكل خطير حقوق الإنسان والحق في الحياة”.

وأبرز التقرير أن الطريق الغربية للبحر الأبيض المتوسط تراجعت إلى المرتبة الثانية كبوابة للهجرة غير النظامية إلى أوروبا خلال 2019 بعد أن صنفت الأولى في 2018. إذ وصل 32 ألفا و513 مهاجرا إلى إسبانيا في 2019، مقابل وصول 74 ألف مهاجر إلى اليونان، و11 ألفا و471 مهاجرا إلى إيطاليا. وبخصوص طرق الوصول إلى إسبانيا، يعتقد التقرير أن 27 ألف مهاجر وصلوا إليها بحرا على متن قوارب الموت، بينما 6345 وصلوا إليها برا عبر سبتة ومليلية.

ويؤكد التقرير أن 54,65 في المائة من الواصلين إلى الجنوب الإسباني ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء، و41,18 في المائة من شمال أفريقيا. كما أن 87 في المائة هم ذكور، و12.63 في المائة فقط إناث. وحذر التقرير من تفاقم ظاهرة هجرة القصر، إذ انتقل عدد الواصلين من 3147 سنة 2017 إلى 7053 في 2018 ثم 8066 سنة 2019 ويشير إلى أن عدد قوارب الموت الواصلة إلى السواحل الإسبانية تراجع بشكل ملحوظ، حيث انتقل من 2127 في عام 2018 إلى 1194 سنة 2019. ووصل خلال السنة الماضية 1361 مهاجرا إلى سبتة، برا، و684 مهاجر، بحرًا؛ فيما وصل 5000 مهاجر تقريبًا إلى مليلية، برا، و995 بحرا. وذكر التقرير بتشييد الرباط سياجا شائكا في الجانب المغربي السنة الماضية مقابل نزع مدريد الأسلاك الشائكة والشفرات الحادة من الجانب الإسباني.

وحذر التقرير من مآسي الهجرة، إذ سَجلت السنة الماضية 254 مفقودا و331 قتيلا غرقا عند محاولتهم الوصول بحر إلى إسبانيا. وسُجِل مصرع 111 مغربيا غرقا، و81 جزائريا، و314 من دول إفريقيا جنوب الصحراء، و65 من جنسيات أخرى، بينما لم تحدد هوية 14 آخرين.

بالتزامن مع صدور التقرير الإسباني، اختارت السلطات المغربية الرد بطريقتها الخاصة عبر وكالة الأنباء الفرنسية. الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، خالد الزروالي، رد على الانتقادات الموجهة للمغرب بخصوص انتهاكات محتملة في تفكيك مخيمات المهاجرين واعتقالات عشوائية قائلا: “مقاربتنا الأمنية لا تستهدف المهاجرين الذين نعتبرهم ضحايا، بل تستهدف على الخصوص شبكات مهربي البشر الذين لا يترددون في استغلال هشاشة المهاجرين. إنهم يستغلونهم ولا يكفون عن طلب المزيد من المال من عائلاتهم”.

واعترف خالد الزروالي بأن المغرب مستهدف من قبل شبكات تهريب البشر، وبأن تفكيك هذه الشبكات لا يعني تراجع الهجرة، مؤكدا أن المغرب عزز “في 2019 إجراءاته لمكافحة شبكات تهريب البشر، على اعتبار أن الضغط الذي سجلناه في سنتي 2017 و2018 ظل قائما”، وقال “أنهينا السنة (2019) بحصيلة جد إيجابية، إذ تمكنا من تقليص عدد الواصلين إلى السواحل الإسبانية بنحو 60 بالمائة. لكن ذلك لا يعني أن الضغط على سواحلنا تراجع، فقد تمكنت أجهزتنا الأمنية من إحباط نحو 74 ألف محاولة للهجرة غير النظامية باتجاه إسبانيا (مقابل 89 ألفا في سنة 2018)” وذكر المسؤول المغربي بأن “موجات الهجرة تلك غيرت منذ بضع سنوات طريقها المركزي عبر ليبيا لتتجه نحو المغرب. علاوة على ذلك، تمكنا من تفكيك 208 شبكة لتهريب البشر مقابل 229 في سنة 2018” ونفى أن يكون المغرب شدد المراقبة على حدوده على حساب المهاجرين بعد أن حصل على دعم مالي إضافي خاص من الاتحاد الأوروبي سنة 2018، ودعم آخر مبرمج ابتداء من السنة الجارية.

وأوضح “ظل المغرب يعتمد لسنوات طويلة على إمكانياته الخاصة، وما بين 2004 إلى 2015/2016، استطعنا الحد من موجات الهجرة نحو إسبانيا بأكثر من 90 بالمائة .. لكن الضغط تزايد في سنة 2018 وأطلقنا تعاونا نعتبره اليوم إيجابيا مع شريكنا الاتحاد الأوروبي. وتجلى هذا التعاون في تقديم دعم مالي بقيمة 140 مليون يورو سنة 2019. وقد وقعنا مؤخرا اتفاقا آخر بقيمة 100 مليون يورو”. ويعتقد الزروالي أن هذه المساعدات المالية “بداية جيدة بما أنها ستمكننا من العمل وفق تعاون وثيق”. رغم ذلك “أن هذا ليس كافيا، فالمغرب يصرف أكثر مما يتلقى. مع ذلك لدينا تأكيدات من شركائنا الأوروبيين بأننا بصدد العمل في إطار منطق تعاون رابح-رابح”.