العقارات الفاخرة بباريس: تحقيقات فرنسية وتداعيات مغربية
تتزايد التساؤلات حول التدخلات الرسمية المغربية في مراقبة ممتلكات المغاربة بالخارج، خاصة في ظل التقارير القادمة من فرنسا بشأن التدقيق في أملاك أثرياء مغاربة يمتلكون عقارات فاخرة في باريس. التقارير تشير إلى تحقيقات شاملة أطلقتها المديرية العامة للمنافسة والاستهلاك وزجر الغش (DGCCRF) الفرنسية حول ملكية هذه العقارات، ومدى الامتثال للإجراءات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ماذا تكشف التحقيقات الفرنسية؟
تركزت التحقيقات على “عقارات مجمدة” في مقاطعات باريسية راقية، لم تُستغل للسكن أو الكراء منذ اقتنائها. ضمن هذه العملية، برزت أسماء شخصيات مغربية في سياق التدقيق.
ومع انتهاء مهلة التسوية التلقائية التي يمنحها مكتب الصرف المغربي، يُطرح السؤال: هل يتمتع المغرب بالحق القانوني في متابعة أملاك مغاربة يحملون جنسيات مزدوجة أو جنسية البلد المضيف؟
الإطار القانوني المغربي
يعتمد المغرب على المادة الثامنة من قانون المالية 2024 لتسوية وضعية الممتلكات بالخارج. هذه العملية تهدف إلى تشجيع المغاربة على التصريح بممتلكاتهم مقابل إعفاء من الملاحقة القضائية، شريطة دفع مستحقات محددة. لكن، ماذا عن الممتلكات التي لم يصرح بها أصحابها؟ هل يمكن للحكومة المغربية ملاحقة أملاك غير مصرح بها في بلد أجنبي؟
مخاوف أثرياء مغاربة
التقارير تشير إلى قلق بين المغاربة الذين لم يصرحوا بعقاراتهم لمكتب الصرف. هذا التخوف يأتي في ظل شراكات محتملة بين السلطات الفرنسية ونظيرتها المغربية لتبادل المعلومات، مما قد يؤدي إلى متابعة قانونية أو فرض ضرائب ثقيلة. لكن، ما حدود السيادة القانونية المغربية أمام قوانين البلدان الأخرى؟
الإثراء غير المشروع: مشروع قانون مع وقف التنفيذ
في سياق موازٍ، قدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية مشروع قانون لمنع الإثراء غير المشروع. جاء هذا المقترح بعد تراكم مظاهر الاستغلال السيئ للوظيفة العمومية في المغرب، وفق تقارير الصحافة وجمعيات حماية المال العام.
ورغم أهمية هذا القانون، إلا أن الحكومة لم تُمرره، مما يثير أسئلة حول جدية الإصلاحات في محاربة الفساد.
لماذا لم يُمرر القانون رغم الحاجة الملحة إليه؟ هل هناك قوى خفية تعيق مسار الشفافية والمساءلة؟
تساؤلات قانونية وأخلاقية
1. هل يحق للسلطات المغربية متابعة أملاك مواطنيها في الخارج إذا كانوا يحملون جنسية أجنبية؟
2. كيف يؤثر التشابك بين القانون الدولي والسياسات الضريبية المحلية على هذا الملف؟
3. هل يمكن لهذه التدقيقات أن تؤدي إلى تعديل التشريعات الوطنية لضمان شفافية أكبر؟
التداعيات المستقبلية
مع تضييق الخناق الدولي على مصادر الأموال غير المشروعة، تبدو المرحلة القادمة حاسمة في العلاقة بين الدولة ومواطنيها من حاملي الجنسيات المزدوجة. فبين حق الدولة في الرقابة وحماية الممتلكات المشروعة، تظل هذه القضية مرشحة لإثارة مزيد من الجدل.
إلى متى سيظل ملف الممتلكات بالخارج ورقة حساسة في السياسات الضريبية والدبلوماسية؟ وهل يمكن أن يؤدي التركيز على هذه القضايا إلى إصلاحات جذرية في نظام الشفافية والمساءلة بالمغرب؟