في قلب المؤسسات الإعلامية العمومية المغربية، تُصرف مليارات الدراهم سنويًا، بينما يبقى المواطن يشاهد أداءً ضعيفًا لا يوازي حجم الإنفاق. أرقام الرواتب، كما كشفت بعض المصادر، تصل إلى مستويات خيالية مقارنة بالمردود الفعلي، ومع ذلك لا ينعكس ذلك على جودة المحتوى أو قدرة الإعلام على الدفاع عن قضايا الوطن، خصوصًا الوحدة الترابية.
هذه المفارقة تطرح سؤالًا مباشرًا: لماذا تفشل المؤسسات العمومية في أداء أبسط مهامها رغم الإمكانات والميزانيات الضخمة؟
صمت مريب وارتباك مستمر
الإعلام العمومي، وفق مراقبين، يعيش أزمة هوية واستراتيجية. ففي الوقت الذي يحتاج الوطن فيه إلى خطاب إعلامي وطني واضح، غالبًا ما تقتصر المؤسسات على نقل الأخبار والبلاغات الرسمية، دون تحليلات معمقة أو مواجهة الحملات الإعلامية المعادية. النتيجة: صمت مريب أو تكرار رتيب للبلاغات الرسمية، وكأن هذه المؤسسات خارج الزمن السياسي والإعلامي الراهن.
أمثلة على الجمود الإداري
قناة “ميدي1 تيفي” مرت بتقلبات عدة وصلت أحيانًا إلى إساءات غير مباشرة لصورة المؤسسة الملكية، بدل أن تتحول إلى حصن للدفاع عن المغرب. أما الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، في ظل رئاسة فيصل العرايشي لأكثر من ربع قرن، لم تشهد أي تجديد أو تطوير حقيقي، رغم امتيازات مالية ضخمة، في وقت يشتكي فيه المواطن من ضعف المحتوى وانقطاعه عن متابعة القضايا الجوهرية.
“محمد السادس بين الحقيقة والتشويه: تفنيد مغالطات لوموند والدفاع عن السيادة المغربية”
وكالة المغرب العربي للأنباء، المفترض أن تكون واجهة إعلامية للمملكة دوليًا، ما زالت تعاني من ضعف التأثير وانتشار محدود، في حين تُصرف عليها أموال طائلة لإنتاج محتوى يحمي صورة المغرب ويواجه الحملات الإعلامية المعادية.
آراء الصحفيين والمثقفين
عدد من الخبراء يرون أن الإعلام العمومي أصبح عبئًا ماليًا أكثر من كونه أداة دفاع عن القضايا الوطنية. كما قال أحدهم: “الميزانيات الكبيرة لا تعني شيئًا إذا لم تكن هناك رؤية واضحة وإبداع مهني يدعم الدفاع عن القضايا الوطنية، خصوصًا أمام الحملات الإعلامية المعادية.”
أسئلة حرجة للقارئ
الواقع يثير أسئلة جوهرية:
-
لماذا يستمر كبار المسؤولين في مواقعهم رغم ضعف الأداء؟
-
كيف يمكن للإعلام العمومي أن يتحول من مجرد ناقل للبلاغات إلى صمام أمان وطني؟
-
ما دور الرقابة والمساءلة في إعادة بناء هذه المؤسسات لتصبح فعّالة ومؤثرة؟
الطريق نحو الإصلاح
الحل يكمن في:
-
إصلاح هيكلي للمؤسسات الإعلامية العمومية، يشمل تحديث الهياكل التنظيمية والكوادر.
-
وضع استراتيجية إعلامية وطنية واضحة مع مؤشرات أداء تقيس قدرة الإعلام على الدفاع عن القضايا الوطنية.
-
تعزيز الابتكار الإعلامي والتواجد الرقمي لمواجهة الحملات المعادية وتعزيز صورة المملكة داخليًا وخارجيًا.