“الإعلام المغربي في قبضة الحكومة: هل تروج السياسة الجديدة للشفافية أم تعزز الرقابة الخفية؟”

0
100

الصحافة المغربية تحت المجهر: هل تسعى الحكومة للتحكم في الإعلام؟

في جلسة ساخنة داخل البرلمان المغربي، دافع وزير الثقافة والشباب والاتصال، مهدي بنسعيد، عن سياسة الحكومة بشأن دعم الصحافة الوطنية، بينما واجه سلسلة من الانتقادات الحادة من نواب المعارضة الذين طرحوا تساؤلات جادة حول نية الحكومة في التحكم في الإعلام المغربي. الجدل كان مركزًا حول الشروط المجحفة لدعم المقاولات الصحفية، التي حسب المعارضة، تُقصي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مما يثير الشكوك حول مستقبل الصحافة المستقلة في المملكة.

الحكومة تحت المراقبة: الانتقادات تتوالى

افتتحت الجلسة بمداخلات قوية من نواب المعارضة الذين اعتبروا أن الحكومة تتبنى سياسة محاباة لصالح الشركات الإعلامية الكبرى، ما يعزز تركيز السلطة الإعلامية بيد القلة. هذا التوجه، كما يراه المعارضون، يتناقض مع المبادئ الدستورية الخاصة بالتعددية الإعلامية.

السؤال المطروح: هل تهدف الحكومة بالفعل إلى تعزيز التنوع الإعلامي، أم أن السياسات الحالية تهدف إلى توجيه الرأي العام لصالح أجندات معينة؟

الشفافية في توزيع الدعم: هل تسعى الحكومة للغموض؟

أحد أبرز النقاط التي أثارتها المعارضة هو غياب الشفافية في توزيع الدعم العمومي للمقاولات الصحفية. ففي وقت كانت اللوائح تُنشر علنًا في الحكومات السابقة، اختارت الحكومة الحالية السرية في نشر قائمة المستفيدين.

السؤال الجوهري هنا: هل السرية في توزيع الدعم تحمي المقاولات الكبرى أم أنها مجرد محاولة لإخفاء الترتيبات الخفية التي قد تصب في صالح قلة قليلة؟

استبعاد الإعلام المتخصص: إقصاء للهوية الثقافية؟

أثارت المعارضة قضية استبعاد الإعلام المتخصص في قضايا مثل الإعلام الأمازيغي والإعلام الرياضي من دائرة الدعم. حيث اعتبرت أن هذا التوجه يعكس تراجعًا في التزام الحكومة بالمبادئ الدستورية المتعلقة بالحفاظ على الهوية الثقافية المتنوعة للمغرب.

السؤال المطروح: كيف يمكن للمغرب الحفاظ على تعدديته الثقافية إذا تم إقصاء الإعلام المتخصص الذي يعكس جزءًا كبيرًا من تلك الهوية؟ هل يمكن أن تكون هذه خطوة نحو تغريب الإعلام الوطني؟

مقارنة مع الجارة الشمالية: هل نحن بعيدون عن إسبانيا؟

في المقارنة مع إسبانيا، حيث يُقدّر عدد الصحفيين بـ20,000، أشارت المعارضة إلى أن المغرب يتخلف عن الجارة الشمالية في دعم الإعلام المحلي. بينما يتلقى الإعلام الإسباني دعمًا يستهدف تعزيز التعددية واستقلالية المؤسسات الصحفية، يُلاحظ أن الحكومة المغربية تتبنى سياسة تهميش للمؤسسات الصغيرة.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يتم تبني نموذج مماثل للنموذج الإسباني لتعزيز التعددية الإعلامية وتوفير بيئة صحفية مستقلة في المغرب؟

رد الحكومة: تعزيز الجودة أم القمع؟

دافع الوزير بنسعيد عن السياسة الجديدة التي تهدف إلى تحسين الأداء المهني للمقاولات الصحفية، متحدثًا عن ضرورة دعم المؤسسات الكبرى التي تمتلك القدرة على توظيف صحفيين متخصصين في مختلف المجالات. وأكد أن الحكومة تسعى لتحقيق التوازن في دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، مع إعطاء الأولوية للمؤسسات القادرة على إنتاج محتوى مهني عالي الجودة.

لكن هل ينجح هذا التوجه في تعزيز حرية الصحافة وتنوع الآراء، أم سيؤدي إلى تحجيم الإعلام المستقل؟

تأثير هذه السياسات على الديمقراطية المغربية

الإعلام في أي دولة يُعد حجر الزاوية للديمقراطية، حيث يُساهم في نقل المعلومات، ويُعطي صوتًا للمواطنين في قضاياهم اليومية. في ظل التراجع الكبير في عدد الصحفيين وتقلص التنوع الإعلامي، هل يمكن للمغرب أن يحقق ديمقراطية حقيقية وسط هذه التحديات؟ هل تسعى الحكومة إلى توجيه الإعلام في اتجاه يخدم مصالحها، أم أن هناك نية لإعادة هيكلة القطاع بشكل يضمن استقلاليته ومهنية أكبر؟

الخاتمة: الصحافة المغربية بين دعم التنمية وتحديات الحريات

ما شهدته الجلسة في البرلمان المغربي يعكس تحديات كبيرة تواجه الصحافة الوطنية، من حيث الشفافية و التمويل وتعددية الآراء. إذا استمرت الحكومة في سياساتها الحالية، قد يجد المغرب نفسه أمام إعلام محدود يقتصر على تقديم الرؤى المتوافقة مع أجندات معينة، مما يُقلل من تأثير الإعلام في تعزيز الديمقراطية والتنمية في المجتمع. ومع ذلك، إذا أعادت الحكومة النظر في هذه السياسات وطبّقت إصلاحات شاملة، فقد يُمكن للإعلام المغربي أن يعود إلى دوره الرئيسي في تعزيز التعددية والمساهمة في النهوض بالمجتمع.

السؤال الأبرز: هل ستعيد الحكومة المغربية تقييم سياساتها الإعلامية وتعمل على إصلاح قطاع الإعلام بطريقة تضمن استقلاليته وتعزز من تعدديته، أم أن الإعلام الوطني سيظل تحت قبضة قلة من المؤسسات الكبرى؟