الإعلان عن الإضراب العام: تصعيد جديد في مواجهة الحكومة

0
73

في خطوة تصعيدية جديدة، أعلنت المنظمة الديمقراطية للشغل عن تنظيم إضراب عام لمدة 24 ساعة يوم الأربعاء 5 فبراير 2025، احتجاجًا على مشروع قانون ممارسة حق الإضراب الذي تسعى الحكومة إلى تمريره. يأتي هذا التحرك في ظل توترات متزايدة بين النقابات والسلطات التنفيذية، وسط اتهامات للحكومة بمحاولة تقييد حق الإضراب وتهميش دور الفاعلين الاجتماعيين في صياغة هذا القانون.

السياق العام: بين حقوق العمال ورهانات الحكومة

يشهد المغرب في السنوات الأخيرة تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة، تترافق مع إصلاحات قانونية وتنظيمية تطال سوق العمل والعلاقات المهنية. إلا أن مشروع قانون ممارسة الإضراب أثار جدلاً واسعًا بين النقابات العمالية التي ترى فيه محاولة للالتفاف على المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة، وبين الحكومة التي تدافع عنه باعتباره خطوة نحو تنظيم سوق العمل وضمان استمرارية الإنتاجية.

لكن، هل يمكن فعلاً التوفيق بين حق الإضراب وضرورة ضمان استمرارية الخدمات الأساسية؟

اتهامات بتهريب القانون وتهميش الحوار الاجتماعي

تشير المنظمة الديمقراطية للشغل إلى أن الحكومة لجأت إلى “تهريب” مشروع القانون وتمريره خارج مؤسسة الحوار الاجتماعي، متجاوزة بذلك الأعراف التفاوضية المتعارف عليها. كما أعربت عن استنكارها لما وصفته بالإقصاء المتعمد للنقابات العمالية والمهنية من مناقشات جوهرية حول قانون مصيري يؤثر على مستقبل الطبقة العاملة.

فهل يعكس هذا الإجراء توجهاً نحو تقييد الحريات النقابية؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى تحكم هذا القرار؟

الإضراب العام: خطوة تصعيدية أم ورقة ضغط؟

تعتبر الدعوة إلى الإضراب العام رسالة قوية للحكومة، تعبر عن رفض واسع للسياسات التي يُنظر إليها على أنها تُضعف حقوق العمال. وهو أيضاً اختبار حقيقي لقدرة النقابات على حشد الدعم الشعبي وإجبار الحكومة على مراجعة مواقفها.

لكن يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى تأثير هذا الإضراب على القرار السياسي، وهل ستستجيب الحكومة لضغط الشارع والنقابات أم أنها ستمضي قدمًا في تنفيذ القانون كما هو؟

الموقف الحكومي: مبررات وضغوطات

في المقابل، تدافع الحكومة عن مشروع القانون باعتباره ضرورة لتنظيم سوق الشغل، وتعتبر أنه لا يتعارض مع الحقوق الدستورية، بل يسعى إلى تحقيق توازن بين حق الإضراب وضمان استمرارية الخدمات العامة. كما أن الضغوط الاقتصادية التي تواجهها البلاد تجعلها أكثر ميلاً لتمرير إصلاحات تُعتبر ضرورية للحفاظ على الاستثمارات والاستقرار الاقتصادي.

لكن، هل يمكن للحكومة أن تتجاهل المعارضة النقابية المتزايدة دون دفع ثمن سياسي؟

خاتمة: نحو مواجهة مفتوحة أم حل وسط؟

يبقى الإضراب العام ليوم 5 فبراير محطة حاسمة في مسار التوتر بين النقابات والحكومة. وإذا لم تُفتح قنوات حوار جادة، فقد نشهد تصعيدًا أكبر خلال الأشهر المقبلة. وبينما تسعى الحكومة إلى فرض رؤيتها للإصلاحات، تبقى الطبقة العاملة متشبثة بحقوقها الدستورية، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل التوازن الاجتماعي في المغرب.

في النهاية، هل سيكون هذا الإضراب نقطة تحول في العلاقة بين الحكومة والنقابات؟ أم مجرد محطة أخرى في سلسلة من الصراعات المستمرة؟ الأيام القادمة ستكشف الكثير عن مآلات هذا التصعيد ومدى تأثيره على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد.