قال مصطفى بيتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، اليوم الخميس، إن القرارات الحكومية بالتشديد أو التخفيف في التدابير المتعلقة بالجائحة،يبقى مرتبطا بتطور المؤشرات الوبائية والتي تتم دراستها يوميا، بهدف الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين. وهو ما اعتبره مراقبون تخويفا من المخاطر التي تتهدد المجتمع لتحقيق أغراض سياسية، باعتبار أن الوقت ليس مناسبا للتعديل الحكومي المتداول في كواليس جهات عليا ، حسب ما بلغ لعلمنا.
ولم يستبعد بيتاس خلال ندوة صحافية عقب المجلس الحكومي، لجوء الحكومة إلى تدابير تشديدية، لافتا إلى الارتفاع الحاصل اليوم في عدد الإصابات بالفيروس، وأكد أنه في حال باتت الوضعية مقلقة فستكون الحكومة مضطرة لإجراءات تشديدية نسبيا، وفي حال التحسن ستلجأ للتخفيف.
وتمهيدا لفرض الإغلاق الشامل الذي من المتوقع أن يتواصل حتى رمضان في منتصف أبريل/نيسان المقبل، أكد بيتاس أن حالات الإصابة المؤكدة بمتحور أوميكرون في المغرب تتجاوز 28 حالة، في حين أن عدد الحالات المحتملة ارتفع إلى 112 حالة على الصعيد الوطني.
مخاوف وتهويل
وترجح صحيفة “المغرب الآن” أن الناطق باسم الحكومة الذي وظّف ” المتحور أوميكرون” الجديد لأهداف سياسية بغية الخروج من أزمة خلقتها حكومة الملياردير أخنوش عقب قرار وزير العدل عبد اللطيف وهبي قرار ” شرط جواز التلقيح لدخول المحاكم”، استعمل الإجراءات المشددة والإغلاق المتدرج ورقة ضغط على الشارع المتوهج والغاضب وقد يكون القشة التي قصمة ظهر البعير.
وتشير الصحيفة إلى أن مجلس الحكومة دأب على الخروج بإحاطة صحفية للمغاربة، معلنا عن المزيد من الإجراءات المشددة، وفقا لمعدلات الارتفاع في الإصابات والوفيات وحسب التجربة القصيرة التي أمضتها حكومة عزيز أخنوش (حوالي أربعة أشهر) أبانت تحدياً آخر، ليس مرتبطاً بأثر نجاح سياسات اقتصادية أو فشلها في تعميق الاحتقان الاجتماعي، بل مرتبطة بقرارات عشوائية غير مدروسة، حركت الشارع، وبرزت بعض العلامات المقلقة في سوسيولوجيا الحراك الاجتماعي.
أما الإشارات الأولى التي أثارت موجة قلق اجتماعي كبير، ولم تدع أي مجال للمجتمع لكي يعطي للحكومة بعض الوقت حتى تباشر الملفات، هو إعفاء وزير في أقل من أسبوع، بحجة عدم القدرة على الجمع بين مسؤولية القطاع الوزاري (وزارة الصحة) ومسؤولية عُمودية البيضاء، وهو الوضع نفسه الذي يوجد عليه رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، الذي أصر على عدم التخلي عن موقعه كعمدة لمدينة أكادير، مع ما يشكله هذا التداخل من تعطيل لمصالح المدينة.
الإشارة الثانية، التي كانت مقلقة جداً هي القرار المتسرع بفرض إجبارية جواز التلقيح، وعدم الاكتفاء باشتراطه للولوج للمجالات المغلقة، بل وممارسة الملاحقة لغير الملقّحين في كل الفضاءات العامة، بما في ذلك الشارع، وإخراج التلاميذ وكذا الأساتذة غير الملقحين من الأقسام.
الملف الثالث، وهو الذي يتعلق بشكل التعاطي مع ملف الأساتذة المتعاقدين (أطر الأكاديميات)، فخطابات الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة كانت كلها تسير في اتجاه رفض نظام التعاقد، والتعهد بإعادة النظر فيه، بل إن المشروعية الانتخابية للتحالف الثلاثي المشكل للحكومة قامت في جزء كبير منها على توظيف هذه الفئة، وتقديم وعود ناجزة، بأنها ستتخلص منه في حال وصولها إلى مربع التدبير الحكومي.
أما القرار الرابع، والذي لا تزال تداعياته مشتعلة إلى اليوم، فهو قرار تقييد سن التباري لولوج مهنة التدريس في 30 سنة، وإقصاء من هم فوق هذا السن، خلافاً لما كان معمولاً به في حكومة عبد الإله بن كيران، الذي قيد السن بـ45 سنة، وحكومة سعد الدين العثماني، التي قيدته بـ50 سنة.
الملف الخامس، والذي لا يزال إلى اليوم كامناً، لكن من الممكن أن يتفجر في أي لحظة، هو ما يرتبط بارتفاع الأسعار، وبشكل خاص أسعار المحروقات.
عملياً، تم احتواء مشكلة ملاحقة غير الملحقين في الفضاء العام، بدخول السلطة على الخط، واتخاذ قرارات حكيمة، نفّست عن الوضع، فقد تم السماح بالسفر بين المدن والأقاليم بدون الإدلاء بجواز التلقيح، وتم منع التعرض لغير الملحقين في الفضاء العام وكذا في المؤسسات التعليمية والجامعية.
وكان الشارع المغربي يتطلع إلى مرحلة جديدة، مع حكومة جديدة بثلاث مكونات سياسية أفرزتها صناديق الاقتراع، تتبنى منهجية التغيير والتجاوب مع تطلعات المواطنين ، لأن دور الحكومة تدبير الشأن العام وليس قرارت التحكم في المواطنين.
وفي 21 أكتوبر/تشرين أول الماضي، بدأ سريان قرار حكومي يقضي بإبراز وثيقة تسمى “جواز التلقيح” شرطا للتنقل في أرجاء البلاد ودخول المؤسسات العامة والخاصة والفنادق والمقاهي وغيرها.
وتأتي احتجاجات المحامين بعد أسبوع من إصدار وزارة العدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قرارا دخل حيز التنفيذ، الإثنين، ويشترط إبراز “جواز التلقيح” لدخول المحاكم في عموم المملكة.
وبخصوص إمكانية تمديد العطلة المدرسية بسبب الوضع الوبائي، فقد أفاد بيتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة أن عددا من المدارس سجلت بالفعل إصابات بالفيروس، لكن اتخاذ قرار بتمديد العطلة المدرسية سيكون مبنيا على تطور الوضع الوبائي بعد العطلة المقررة الأسبوع المقبل.
وأوضح أنه بناء على الوضع الوبائي في شهر يناير سيتم اتخاذ القرار، فإذا كان الوضع طبيعيا سيكون قرار العودة للدراسة، وفي حال كان الوضع مقلقا فسيتم اتخاذ القرار بناء على طبيعة الوضع، إذ إن الوضع الوبائي المقلق لا بد أن ينعكس على قرارات الحكومة.
دروس الفعل الاحتجاجي، والتحديات المحتملة في المدى القصير، فضلاً عن التحديات الخارجية، تضع حكومة عزيز أخنوش تحت الاختبار، وتجعلها بين خيارين، إما القيام بإجراءات فورية تمتص هذه الخميرة الاحتجاجية، أو الاستمرار في ارتكاب أخطاء سياسية أخرى تضع شرعيتها على المحك، وتعيد طرح سؤال علاقة السلطة بالثروة.