دخل الاتحاد الأوروبي على خط تعليق السلطات الجزائرية لاتفاقية الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع اسبانيا، معتبرا أن القرار “مقلق للغاية” ولا سيما أن الجزائر “شريك مهم” للاستقرار الإقليمي، داعيا إلى “إعادة النظر في قرارها”.
وقالت المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، نبيلة مصرالي :”ندعو الجزائر إلى إعادة النظر في قرارها” واستئناف الحوار بينها وبين إسبانيا “لتجاوز الخلافات الحالية”. مؤكدة على إجرائهم “تقييما لتأثير هذا القرار” على المعاهدة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.
وذكرت صحيفة “الشروق” المحلية المقربة من السلطة، نقلا عمّا أسمته بمصدر موثوق، بأن “هناك قرارات أخرى سيعلن عنها لاحقا، وأن تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز أمام البرلمان كانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وعجّلت بتعليق معاهدة الصداقة بين البلدين”.
وردت الحكومة الإسبانية الخميس على قرارات الجزائر بالقول إنها ستدافع بقوة عن مصالحها الوطنية حيث قال وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده تراقب تدفقات الغاز من الجزائر، وإنها لم تتأثر حتى الآن بالخلاف الدبلوماسي بين البلدين بسبب موقف مدريد من قضية الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة بوليساريو.
وتعتبر إسبانيا من الشركاء الأوائل بالنسبة إلى الجزائر، لكنها لا تنافس الفرنسيين ولا الأتراك ولا الصينيين ولا الإيطاليين، لذلك تأتي في الترتيب الثامن، رغم قرب المسافة بينهما.
وتشكل الجزائر سوقا مهمة بالنسبة إلى الإسبان خاصة في مجال بعض المنتوجات الزراعية والصناعية ومواد البناء والمواد الأولية. ويبقى الغاز ورقة ثقيلة للبلدين كمورد وكزبون، وستكون فرضية امتداد الأزمة الدبلوماسية إليه، واردة والتي سيكون فيها التجاذب بين البلدين.
فرغم استبعاده من طرف بعض المراقبين لأن يكون في صلب الأزمة، على اعتبار أن المسألة تتعلق بعقود طويلة الأمد تحتكم لتشريعات دولية، فإن البعض الآخر يرى بأن اتفاقات الغاز المسال المنقول عبر البواخر لا يخضع لتلك الضوابط، وعليه لا يستبعد أن يكون ضمن أوراق الضغط التي تلمّح بها الجزائر.
وكانت الجزائر ، قد علقت، الأربعاء المنصرم، “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” التي أبرمتها مع إسبانيا عام 2002، وذلك بعد تغيير مدريد موقفها بشأن النزاع في الصحراء الغربية لتصبح داعمة لموقف المغرب. وقالت إسبانيا إنها “تأسف” لقرار الجزائر.
وفي مارس/ آذار الماضي، عاد الدفء للعلاقات، بعد إعلان إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في إقليم الصحراء، الأمر الذي رفضته الجزائر وأعلنت الأربعاء تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا إضافة الى حظر التجارة.
فالاعترافات المتواترة بمغربية الصحراء التي تعززت بعد إقرار الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأن مقترح الحكم الذاتي هو الأساس المنطقي والأكثر واقعية لحل النزاع، حشرت الجزائر والبوليساريو في الزاوية.
وقررت الجزائر العام الماضي أيضا عدم تمديد اتفاق لتصدير الغاز عبر خط أنابيب يمر عبر المغرب لإسبانيا والذي كان يشكل كل الإمدادات المغربية من الغاز تقريبا. وتمد الجزائر إسبانيا بالغاز عبر خط أنابيب تحت البحر وبالسفن.
كما ألزمت معاهدتها مع إسبانيا الطرفين بالتعاون في السيطرة على تدفقات الهجرة بما يجعل تعليقها مشكلة محتملة لإسبانيا في هذا الملف وربما يمثل مشكلة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أيضا.
وتستضيف إسبانيا القمة المقبلة لحلف شمال الأطلسي وستسعى خلالها لأن تضم خريطة الطريق السياسية الجديدة للحلف العسكري “التهديدات الهجينة” مثل الهجرة غير المنتظمة صوب الشمال وفقا لما قاله ألباريس لرويترز أمس الأربعاء.
والخلاف الدبلوماسي بين الجزائر واسبانيا سيؤثر على العلاقات الجزائرية الأوروبية ويعرض السلطة الجزائرية لضغوط غربية خاصة إذا تراخت في كبح الهجرة وهو مصدر قلق لعموم أوروبا وليس لمدريد وحدها.
وتحول إسبانيا لدعم موقف المغرب في قضية الصحراء المغربية أنهى نزاعا بين مدريد والرباط العام الماضي يتعلق بالمنطقة المتنازع عليها وبالهجرة الجماعية أيضا.
وتسعى اسبانيا في المقابل للحفاظ على مصالحها امام الخطوات الجزائرية حيث قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس للصحفيين الخميس إن حكومة بلاده “ستدافع بقوة” عن مصالحها الوطنية على ضوء ما بدر من الجانب الجزائري.
وأضاف ألباريس أن إسبانيا تراقب تدفقات الغاز من الجزائر، أكبر مورد لها وتمثل نحو نصف إجمالي وارداتها والتي قال الوزير إنها لم تتأثر حتى الآن بالخلاف الدبلوماسي بين البلدين بسبب موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية.