بحسب وكالة الأنباء، وتحت عنوان “عندما يخرج الاتحاد الأوروبي عن جادة الطريق في الأزمة بين المغرب وإسبانيا”، إن “آلة الاتحاد الاوروبي الدبلوماسية باهتة التأثير على الساحة السياسية الدولية”.
رداً على اتهام مارغاريتيس شيناس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، الأربعاء، المغرب بـ”ابتزاز” أوروبا عبر ملف الهجرة، قائلا في تصريح إذاعي، إن “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل مشكلة جميع الأوروبيين”.
وردا على شيناس ، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، قالت الرباط : “إذا كان الأمر يتعلق بإثبات مخلفات الماضي الاستعماري الذي تواصل أوروبا الدفاع عنه، بينما نعيش في القرن الـ21، فإن هذا التصريح المفاجئ يعكس شعورا مستترا بالكاد للتسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع البلدان الأجنبية”.
وابدت الرباط انزعاجها ازاء الاستقبال والترحيب الذي حظي به الرئيس الصحراوي ابراهيم غالي بإسبانيا وهو يتلقى العلاج.
وتأتي هذه التطورات في خضم توتر بين الرباط ومدريد تفجر منذ أشهر بعد أن تكتمت اسبانيا على استقبالها زعيم البوليساريو بدعوى تلقيه العلاج من إصابته بفيروس كورونا.
وجاء موقف اسبانيا باستدعاء السفيرة المغربية للاستياء من تدفق آلاف المهاجرين على جيب سبتة المحتلة ليفاقم التوتر القائم أصلا، بينما لم يتلق المغرب بعد تفسيرا مقنعا من الجانب الاسباني لاستقباله كبير الانفصاليين في الوقت الذي تحاول فيه مدريد الإيحاء بأنها طرف محايد في نزاع الصحراء.
وسلطت أزمة تدفق آلاف المهاجرين على جيب سبتة المحتل الضوء على خلل في التعاطي الاسباني مع الجانب المغربي وعدم التنسيق مع الرباط والاستهانة بحساسيات مغربية هي معلومة لدى الحكومة الاسبانية ومنها ملف سيادة المغرب على صحرائه وهي قضية سيادة وطنية غير قابلة للمساومة أو الابتزاز.
وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية ارانكا غونزاليس لايا عبر الإذاعة المحلية العامة، إنّ “إسبانيا لا تزال ملتزمة بشدّة بحل سياسي. يجب التوصل إليه في إطار الأمم المتحدة”، مضيفة “هذا هو الموقف الإسباني وهذا الموقف لا يمكن أن يتغير لأن إسبانيا دولة تحترم الشرعية الدولية”.
وقبل أزمة الحدود هذا الأسبوع حذرت السلطات المغربية إسبانيا من تداعيات وجود غالي على أراضيها بجواز سفر جزائري مزور واسم مستعار.
وقالت شيناس أن الاتحاد “زج نفسه في الأزمة القائمة بين مدريد والرباط، ليس للتنديد باستقبال مجرم حرب على التراب الأوروبي، ولكن للدفاع عن أوروبية الثغرين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية”.
وتقع مدينتا سبتة ومليلية في أقصى شمال المغرب، وهما تحت الإدارة الإسبانية، وتعتبر الرباط أنهما “ثغران محتلان” من طرف إسبانيا، التي أحاطتهما بسياج من الأسلاك الشائكة بطول نحو 6 كلم.
واتهم مارغاريتيس شيناس، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، الأربعاء، المغرب بـ”ابتزاز” أوروبا عبر ملف الهجرة، قائلا في تصريح إذاعي، إن “سبتة هي أوروبا، إنها حدود أوروبية، وما يحدث هناك ليس مشكلة مدريد، بل مشكلة جميع الأوروبيين”.
والثلاثاء، استدعى المغرب سفيرته لدى مدريد كريمة بنيعيش، للتشاور، بعد أن استدعتها الخارجية الإسبانية، احتجاجا على تدفق ما بين 5 آلاف و6 آلاف مهاجر غير نظامي من المغرب إلى سبتة، الاثنين.
وردا على شيناس، قالت الوكالة المغربية: “إذا كان الأمر يتعلق بإثبات مخلفات الماضي الاستعماري الذي تواصل أوروبا الدفاع عنه، بينما نعيش في القرن الـ21، فإن هذا التصريح المفاجئ يعكس شعورا مستترا بالكاد للتسلط والغطرسة الذي يظهره الاتحاد الأوروبي في سياسته الخارجية مع البلدان الأجنبية”.
ورأت الرباط أن هذا الموقف يعكس “مدى هشاشة أوروبا وقصر نظرها، عندما يتعلق الأمر باتخاذ موقف بخصوص قضايا مهمة من قبيل الهجرة أو الأمن”.
وتابعت: “الأمس، كان ذلك مع تركيا وروسيا، واليوم جاء الدور على المغرب ليعاني من وقع إحباطات أوروبا منعدمة الكفاءة والفاقدة لمعالم الطريق”.
وأردفت الوكالة : يحق للمجتمع الدولي التساؤل عن “سبب الترحيب بهذا المدان سيئ السمعة (غالي)، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال أوروبية (في اتهامه بجرائم إرهاب وإبادة)، والذي يُستقبل كشخصية مهمة على التراب الأوروبي، بينما يتم التخلي عن آلاف اللاجئين الفارين من الفقر والمجاعة والحروب في عرض البحر (المتوسط)”.
ومستنكرة، تساءلت الوكالة : “كيف يمكن للاتحاد الأوروبي، المنغمس في حسابات سياسية ضئيلة، أن ينسى في جزء من الثانية جهود المغرب في تدبير أزمة الهجرة بروح من المسؤولية، الرصانة، والوفاء تجاه شركائه”.
ودعت أوروبا إلى الاعتراف بأنه “إذا كانت إشكالية الهجرة لا زالت قائمة منذ عدة سنوات مع مئات الموتى في المحصلة والكثير من الغرقى في عرض المتوسط، فإن ذلك يعزى أولا وقبل كل شيء إلى الإخفاقات المتتالية للاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول شاملة، منسقة وقابلة للتطبيق مع بلدان المصدر والعبور (للمهاجرين)”.
ومضت قائلة: “لا يمكن لأوروبا إحاطة نفسها بسياج والرمي بجمرة ملتهبة إلى الدول الأجنبية.. يبدو أن فكرة أوروبا الحصن، المفضلة لدى أقصى اليمين المعادي للأجانب والعنصري، تجد صدى لها في بروكسل (عاصمة الاتحاد)”.
ورفضت الوكالة اتهام المسؤول الأوروبي للرباط بـ”ابتزاز” أوروبا عبر ملف “الهجرة”، مشددة على أن المغرب “بلد ذو سيادة وليس دركيا (شرطيا) لأوروبا”.
وأعرب المغرب عن استيائه حين تسرب خبر وجود إبراهيم غالي في اسبانيا. وأكدت جبهة البوليساريو يومها أنه يتلقى العلاج من كوفيد-19، لافتة إلى أن وضعه الصحي “لا يثير القلق”.
ورغم أن وزيرة الخارجية الاسبانية أرانتشا غونزاليس لايا أكدت أن اسبانيا وافقت على استقبال غالي “لأسباب بحت إنسانية”، أبلغت الرباط إلى مدريد “عدم تفهمها وانزعاجها” مطالبة بـ”توضيحات”.
ولا يزال وصول غالي (71 عاما) إلى اسبانيا لغزا كبيرا رغم مرور نحو شهر على ذلك.
وذكرت صحيفة إل باييس أنه وصل في 18 ابريل/نيسان في طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية هبطت في قاعدة جوية في شمال البلاد. ويبدو أنه وصل باسمه الحقيقي ولكن مع جواز سفر دبلوماسي. ولا ريب أن الجزائر هي التي أصدرت هذا الجواز رغم عدم تأكيد ذلك.
ومنذ ذلك الحين يرقد غالي في مستشفى في لوغرونيو (شمال) باسم مستعار بوصفه مواطنا جزائريا، لكن قرار مدريد استقبال غالي لم يمر مرور الكرام بالنسبة إلى الرباط وخصوصا أن البوليساريو تطالب بانفصال الصحراء المستعمرة الاسبانية السابقة التي استعاد المغرب سيادته عليها.
ويذكر اينياسيو سيمبريرو الصحافي الاسباني المتخصص في الملف بأن لاسبانيا “تقليد عريق في استقبال شخصيات أو عائلاتها” تأتي من دول تعاني نظاما صحيا متقادما بهدف تلقي العلاج، معتبرا أيضا أن مدريد قد تكون اعتقدت أنها قادرة على إبقاء وجود غالي على أراضيها طي الكتمان.
وبوصفها قوة استعمارية سابقة، بذلت مدريد ما في وسعها لتبدو في موقف محايد، متجنبة خصوصا دعم قرار الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول، فيما كان دونالد ترامب لا يزال في البيت الأبيض، الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.
ويوضح سيمبريرو أن “اسبانيا تدعم المغرب بمقدار كبير من الحذر”، لكن “ما يزعج السلطات المغربية” أنها لا تقوم بذلك علنا، لافتا إلى أن وصول غالي إلى إسبانيا فاقم أزمة بين البلدين كانت أشبه بنار تحت الرماد.
وفي رأيه أن غاية الرباط هي استخدام هذه القضية لإجبار اسبانيا على تغيير موقفها في شكل يحاكي المصالح المغربية.
ويبدي برنابيه لوبيز أستاذ التاريخ العربي المعاصر في جامعة مدريد المستقلة الرأي نفسه، واصفا وجود الزعيم الانفصالي على الأراضي الاسبانية بأنه “هدية مثالية إلى المغرب” لممارسة ضغوط دبلوماسية على مدريد.
ويرى العديد من المحللين أن التعاون بين الرباط ومدريد في عدة مجالات حيوية بالنسبة إلى اسبانيا، من مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات أو الهجرة غير القانونية، يمكن أن يتأثر بهذا الخلاف.
ويقول ايساياس بارينيادا أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كومبلوتنسي في مدريد أنه في كل مرة يقع خلاف حول الصحراء المغربية “يزداد فورا عدد المهاجرين الوافدين”.
لكن الرباط أبلغت الخارجية الاسبانية بأن تدفق آلاف المهاجرين لجيبي سبتة ومليلة المغربيتين المحتلتين لا علاقة له بالخلاف مع مدريد حول استقبالها إبراهيم غالي كبير الانفصاليين.