يشهد المغرب، موجة غضب بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمحروقات، بسبب انعكاسات الطلب العالمي وايضا بسبب سنة شحيحة الامطار، تنبئ عن موسم فلاحي استثنائي.
تعهُّدات بسقف مرتفع، تلك التي تضمنها مشروع قانون المالية (الموازنة) في المغرب لسنة 2022، الذي يراهن على تحقيق نمو بنسبة 3.2 في المئة، إلى جانب توقع إحداث 250 ألف منصب شغل مباشر خلال سنتين؛ لكن تلك التعهدات سرعان ما اصطدمت بالزيادات المتتالية في أثمان المواد الغذائية والمحروقات، حتى قبل الشروع في مناقشة المشروع المذكور الذي تقترحه الحكومة والمصادقة عليه.
وقد دعت الجبهة الاجتماعية وعدة نقابات وفعاليات مغربية، الى الخروج للتظاهر من اجل دفع الحكومة إلى تبني سياسات تخفف من الارتفاع المهول للأسعار على القدرة الشرائية للأسر.
وفي هذا السياق ، وجه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري معارض) رسالة مفتوحة للحكومة تتضمن خمس إجراءات وصفها بالاستعجالية لمواجهة الارتفاعات المتتالية في الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن، مشيرا إلى أن يراقب “بقلق بالغ موجة الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وخصوصا تلك المرتبطة بالمواد الأساسية، مما ينعكس سلبا على دخل الأسر، ويسهم في تدهور الأوضاع المعيشية المتسمة أصلا بالهشاشة، وينذر بمخاطر أقلها ازدياد معدلات الفقر، وعودة شبح الهجرة القروية نحو المدن، وخاصة مع ما يهدد السنة الفلاحية، التي تشي كل المؤشرات بأن هذه السنة ستكون استثنائية في انعاكاساتها السلبية على الفلاحين الصغار والعالم القروي القائم على الفلاحة الصغرى المعاشية والرعي”.
واوضح الاتحاد الاشتراكي بأن الانعكاسات الدولية وتاثيراتها على الاسعار، لايعفي الحكومة من تحمل مسؤولياتها في الحماية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين عبر إبداع حلول مستعجلة كفيلة بالتقليل من انعكاس ما يقع خارجيا على المعيش اليومي للأسر”، مطالبا بالتعجيل بإدخال تعديلات على قانون المالية، بما يسمح بإجراءات ضريبية وتشريعية تحمي الدخل الفردي للأسر، وتحد من ارتفاع الأسعار.
واعتبر الحزب الاشتراكي المغربي، بأن من أولوية الاولويات في هذا الاطار : “التدخل المستعجل للمؤسسات الوطنية المعنية بمحاربة الفساد والرشوة، وتلك المعنية بالمنافسة، من أجل مراقبة والتدخل لحماية المواطنات والمواطنين من كل أشكال الاحتكار والمضاربة والاتفاق القبلي بين الشركات على تحديد أسعار مرجعية في ضرب صارخ للمنافسة النبيلة”. مضيفا ضرورة :”سنّ إجراءات فورية لحماية العالم القروي المتضرر الأول من تزامن الجفاف مع التقلبات الاقتصادية الكونية، وضرورة التفعيل الأمثل لصندوق دعم العالم القروي، مع إخضاعه للرقابة والمحاسبة المواطنة”.
وانتقد الاتحاد ” أساليب التواصل الحكومي المعطوبة في هذه المرحلة الحرجة، التي تتطلب انتهاج سبيل الصراحة مع المواطنات والمواطنين، الذين في حاجة إلى التفعيل الأمثل للحق في المعلومة، عوض إنتاج خطاب لم يخرج من المرحلة الانتخابية المتسمة بتقديم الوعود عوض الأرقام والمعلومة والمنجزات والنقائص”،معتبرا أن هناك غياب أي رؤية تنبؤية مبنية على تحليل دقيق للسياسة والاقتصاد العالميين أثناء وضع قانون المالية، وبسبب إجراءاتها الضريبية التي لم تساهم في حماية الأسر من الانعكاسات الخارجية على السوق المحلية، وفي غياب بدائل اجتماعية وضريبية وقانونية تسهم في التخفيف من تأثيرات هذه الأزمات على الدخل الفردي للأسر، فقد أبانت هذه الحكومة عن غياب الإبداع والكفاءات والاستباقية، ولا يمكنها أن تتحجج بالعوامل الخارجية التي كانت معروفة سلفا، فالحكامة الجيدة هي القدرة على تدبير الأزمات، وليس الاختباء خلفها لتبرير الفشل.
وخلال الندوة الأسبوعية،الخميس، قال الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس إن “أسعار المواد التي ينتجها المغرب محليا هي مستقرة”، مشيرا إلى أنه يتوفر على مجموعة من المعطيات حولها خاصة أسعار المنتوجات الفلاحية التي بقيت، وفقه، في المستوى الذي كانت فيه.
الوعود الإيجابية التي قدمتها الحكومة عبر برنامجها، بالإضافة إلى تطمينات مسؤولين حكوميين على رأسهم رئيس الوزراء عزيز أخنوش، اصطدمت بارتفاع كبير في أثمان المواد الغذائية والاستهلاكية، إلى جانب تسجيل ارتفاع في أسعار المحروقات في مختلف محطات بيع الوقود في المغرب، حيث وصل سعر اللتر الواحد من الغازوال في إحدى محطات الوقود في مدينة الرباط إلى 11.00 دراهم (1,20 دولار أمريكي)، فيما ناهز سعر البنزين 12.50 درهماً (2,50 دولار)، ويأتي هذا الارتفاع تزامناً مع وتيرة ارتفاع الأسعار الدولية للبترول المستمرة منذ أيام حيث قفز مؤخراً سعر برميل خام برنت إلى 85.73 دولاراً، فيما ناهز برميل خام غرب تكساس 83.40 دولاراً.
وأضاف بايتاس، أن “العديد من المواد المستوردة هي التي عرفت ارتفاعا في أسعارها”، مبرزا أن سبب ذلك هو “عودة انتعاش الاقتصاد العالمي وارتفاع الطلب على هذه المواد”، لافتا إلى أن ثمن البترول يلامس 100 دولار للبرميل.
وأكد بايتاس، أن الحكومة تقوم بمجهود للحفاظ على القدرة الشرائية بالإضافة إلى الحماية الاجتماعية وتوفير فرص الشغل بشكل سريع ومباشر، مفيدا أن صندوق المقاصة لوحده يكلف الدولة 17 مليار درهم.
وزاد قائلا “نتمنى من الله أن يغيثنا قريبا ونتمنى أن تنخفض أسعار مجموعة من المواد التي لها انعكاس على الاقتصاد الوطني”.
وكتبت صحيفة “الاتحاد الاشتراكي” أنه “على الرغم من كون هذه الارتفاعات المتواترة في ثمن الوقود أثرت بشكل مباشر على أسعار مواد التموين الأساسية التي تشهد هي الأخرى زيادات صاروخية، فإن الحكومة الموكول إليها دستورياً الحفاظ على استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمغاربة، لم تحرك ساكناً حتى الآن، ولا تبدو منشغلة بهذا الموضوع حتى اللحظة، تاركة المواطن فريسة لغلاء المعيشة تحت ذريعة قانون المنافسة وحرية الأسعار، وتقلب سعر برميل النفط في السوق الدولي الذي يتجه بخطى حثيثة نحو اختراق حاجز 100 دولار، وهو ما ينذر وطنياً بمزيد من الزيادات في أسعار المحروقات التي تهدد بشل حركة النقل إذا ما استمرت منحنيات الأسعار في هذه الوتيرة وإذا ما أصرت الحكومة على عدم تسقيف أسعار المحروقات وترك المواطنين يواجهون بمفردهم تبعات ارتفاع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية”.
محكمة إسبانية توقف حكم ترحيل مهاجرين قاصرين من جيب سبتة المحتلة إلى المغرب