على الأنصاري
17 فبراير، يمر مغاربيا في صمت، لا صدى للمغرب العربي الكبير، ولا لذكراه الثالثة والثلاثين، وكأن شيئا لم يكن في ذلك اليوم من عام 1989، حينما اجتمع قادة دول الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا والمغرب، بمراكش في لقاءً تاريخيً للإعلان عن تأسيس اتحاد المغرب العربي، إحياءً لمؤتمر طنجة التاريخي للأحزاب المغاربية في أبريل 1958.
الاتحاد المغاربي، موجود كمقر وكموظفين في أحد ازقة حي أكدال بالرباط، وعلى الورق، كميثاق ومعاهدة وبيانات واتفاقيات، وغياب على المستوى الفعلي، ليظل حلما شعبيا، بين تصورات وضرورات الوجود وقعيا، كخيار استراتيجي للمنطقة، وبين استحالت التحقق في ظل واقع متشتت ومتصارع ومتنافر سياسيا، لا يعي بين أولويات الأولويات.
خلال السنوات الثلاثين الماضية، وهي من عمر غالبية شعوب المنطقة المغاربية الشابة، ألفنا في يوم الذكرى “17 فبراير”، صدور بيانات “تطفح “بالآمال في الاندماج وفتح الحدود، ومسالك خاصة في المطارات والحدود خاصة بالمغاربيين، وكل الوعود الوردية التي تتحسس العواطف الشعبية، ومناظرات حول جدوى الاتحاد اقتصاديا وسياسيا في مواجهة كيانات مماثلة.
لكن في السنوات الأخيرة، خفت تلك البيانات والشعارات الرنانة، لربما، لان شعوب المنطقة أدركت فعليا، غياب الإرادة السياسية لتحقيق القليل من التماسك والتقدم نحو تجسيد الحلم ولو بالتدريج.
الواقع، لا يرتفع، الاتحاد المغاربي اليوم، بعيد المنال، الخلافات توسعت والحدود أغلقت، والإعلام يعمل بمعوله للتفريق، لا التقريب بين الشعوب، في ظل تنويه من أولياء القرار، رغم تكالب المخاطر على المنطقة كلل، أمنيا واقتصاديا واجتماعيا …الخ.
ويظل، سؤال ما العمل؟ مغيبا، من أجل اعادة تدوير السياسات الى درجة 180، للعودة إلى المسار الصحيح.
ولم يجد المتحدثون شيئاً يجمع دول المغرب العربي، سوى «الموشحات الأندلسية»، التي تعرف في المغرب باسم «الموسيقى الأندلسية» وفي الجزائر باسم «الطرب الغرناطي» وفي تونس وليبيا باسم «فن المألوف».
هذا على مستوى الذكرى والتذكر، أما على صعيد الواقع تزامن الحدث مع واقعة أوشكت أن تشعل حرباً في المنطقة. بعد أن كاد يندلع قتال بين القوات المغربية ومرتزقة البوليساريو في منطقة «الكركرات» في أقصى جنوب الصحراء المغربية المسترجعة.
منذ أواخر الخمسينيات تحاول دول المغرب العربي تأسيس اتحاد بينها، يغلبها الحماس تارة، أو بعض الظروف السياسية الطارئة، وفي أحيان أخرى ضغوطات من خارج المنطقة على غرار موقف دول الاتحاد الأوروبي التي ظلت تقول للمغاربيين إنها تفضل دولاً مندمجة بدلاً من التعامل مع كل دولة على حدة.