وقوف حكومة عزيز أخنوش عاجزة أمام أول اختبار لها، مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات قياسية، ومن هنا نتساءل عن مدى قدرة هذه الحكومة على تقديم الحلول الحقيقية لما قد يعانيه المجتمع المغربي من مشاكل جراء هذه الزيادات الصاروخية في أثمان المحروقات ؟؟
الرباط – نفت الحكومة على لسان ناطقها، اليوم الخميس، وجود أي مشروع لتعديل حكومي مرتقب خلال الأسابيع القليلة المقبلة يستبعد عددا من الوزراء.
جاء ذلك وفق المتحدث باسم الحكومة المغربية مصطفى باتياس، في ندوة صحفية أعقبت الاجتماع الأسبوعي للحكومة.
وقال بايتاس: “لا تعديل حكومي في هذه الساعة، دون أن أتحدث أكثر في الموضوع”.
وكانت وسائل إعلام محلية، نقلت عن مصادر في الأغلبية الحكومية، “تلقي رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الضوء الأخضر للشروع في مشاورات التعديل الحكومي”.
ويضع تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية حدا لحالة الترقب التي سادت منذ بداية الأسبوع بعد نشر تقرير صحافي يتحدث “عن تعديل حكومي مرتقب، في الأسابيع القليلة المقبلة، سينهي مسار وزراء مبتدئين ومخضرمين، نساء ورجالاً، لم يتمكنوا من مواكبة تطلعات رئاسة الحكومة، وظلت قطاعاتهم خارج السياق”.
وأفاد التقرير الصحافي بأن ما بين ستة وثمانية وزراء سيتأثرون بهذا الإجراء في “ضوء المآخذ التي سجلت على قطاعات يشرفون عليها، لا سيما ما يتعلق بالتواصل مع المواطنين، والبطء الشديد في تقدم بعض المشاريع، وعدم التفاعل مع التحديات والإكراهات الحالية، بما في ذلك ارتفاع الأسعار”.
كما سجل أن التعديل الذي يمكن أن يتم خلال رمضان لن يقتصر على الوزارات الجديدة والصغيرة، بل ينتظر أن يشمل وزارات كبرى، منها وزارات سيادة، بذريعة أنها تتحرك أحياناً ضد خريطة الطريق الحكومية، ما يتطلب انسجاما كبيرا داخل الحكومة والأغلبية وعملا مشتركا وتضامنا ومتابعة للملفات بشكل دقيق من لدن مكونات التحالف الحكومي.
وكانت الحكومة الحالية التي يقودها رئيس “التجمع الوطني للأحرار” عزيز أخنوش قد عرفت أسرع تعديل في تاريخ الحكومات المغربية المتعاقبة، بعدما أعفى العاهل المغربي الملك محمد السادس في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وزيرة الصحة والحماية الاجتماعية نبيلة الرميلي، بعد أسبوع من تعيينها، إثر تقدمها بملتمس قصد التفرغ الكامل لمهامها كرئيسة لمجلس مدينة الدار البيضاء، بعدما “تبيّن لها حجم العمل الذي تتطلبه منها هذه المهمة التمثيلية، وما تقتضيه من متابعة مستمرة لقضايا سكّانها وللأوراش المفتوحة بهذه المدينة الكبرى، ما سيؤثّر على الالتزامات الكثيرة والمواكبة اليومية التي يستوجبها قطاع الصحة، لا سيما في ظروف الجائحة”، وفق بيان للديوان الملكي.
فبعد تنصيب حكومة عزيز أخنوش، كشف هذا الأخير في جلسة مشتركة لمجلس النواب والمستشارين عن الالتزامات العشر الكبرى للحكومة خلال الفترة 2021 – 2026، المدرجة في البرنامج الحكومي، ويتعلق الأمر بإحداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال الخمس سنوات المقبلة، ورفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30% عوض 20% حاليا، وتفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وحماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي. وأيضا تعبئة المنظومة التربوية بكل مكوناتها بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا (عوض المراتب المتأخرة في جل المؤشرات الدولية ذات الصلة)، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة من خلال إحداث صندوق خاص، بميزانية تصل لمليار درهم بحلول سنة 2025، والرفع من وتيرة النمو إلى معدل 4% خلال الخمس سنوات المقبلة، وإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة على أساس مواكبة 200 ألف أسرة سنويا، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية إلى أقل من 39% عوض 46,4% حسب مؤشر جيني، ثم أخيرا تعميم التعليم الأولي لفائدة كل الأطفال ابتداء من سن الرابعة مع إرساء حكامة دائمة وفعالة لمراقبة الجودة. وأضاف أن هذا البرنامج تم وضعه وفق مقاربة تشاركية للإجابة على انتظارات اجتماعية ملحة ولتجاوز آثار الجائحة وتحقيق إقلاع اقتصادي، يعزز مكانة المغرب قاريا ودوليا.
يبدو أن حكومة عزيز أخنوش قد فشلت فشلا ذريعا في تنزيل الالتزامات التي وعدت بها المغاربة، لأنها -على ما يبدو- عندما فوجئت بإكراهات لم تكن في حسبانها، منها شح الأمطار خلال هذا الموسم الفلاحي، وكذا اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما صاحب ذلك من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، لم تكن لها القدرة على الإبداع، ولذلك لجأت إلى الحلول السهلة والتقليدية لمواجهة آثار تلك الإكراهات. من قبيل فرض مزيد من الضرائب، والالتجاء إلى الاقتراض المحلي والدولي. وهو ما يعني إثقال كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة بزيادات مالية إضافية، دون مراعاة الضربات التي تلقتها هذه الطبقات بفعل جائحة كورونا على امتداد السنتين الماضيتين.
في الندوة الصحافية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي الأخير، قال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم حكومة أخنوش، متناقضاً، إن المملكة “لا يوجد بها نقص في المواد الأساسية، لكن سعر تلك المواد سيرتفع”، ولكن الأسعار سترتفع وفق الأحداث الدولية، مؤكدا أن البلاد بعيدة عن التوترات الإقليمية في شرق أوروبا.
المواطن المغربي يكتوي بنار الأسعار و حكومة الملياردير أخنوش: “لا نعرف أين سيقف ارتفاع الأسعار”؟!
هذا التصريح يؤكد ما نحن ندندن حول في هذا التقرير، من أن حكومة الملياردير “عزيز أخنوش” تفتقد إلى إبداع الحلول، فالكل يعرف أن أسعار المحروقات ارتفعت في السوق الدولية بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن ماذا قدّمت الحكومة لتخفيف آثار هذه الأزمة على الطبقات الفقيرة بالخصوص، هذا هو السؤال. لكن يبدو أن هذه الحكومة ليس لها جواب.
تعليقا على الموضوع، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس بالرباط، أحمد البوز، أن هناك “عوامل مختلفة تتحكم في الاستوزار تتراوح بين حضور السيفي والكفاءة والمسار المعرفي والعلمي والسياسي”.
إلى جانب ما سبق يشير المتحدث، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، إلى عوامل أخرى مثل “الأصول الجغرافية والاجتماعية والعائلية والقرب من مراكز القرار، وطبيعة العلاقة التي ينسجها الشخص المستوزر إما مع قيادة الحزب أو القيادة السياسية في الدولة”، وهي العوامل التي يرى المتحدث أنها “كانت حاضرة بقوة كأحد منافذ الاستوزار في المغرب منذ الاستقلال”.
وحسب البوز فإن حضور تلك العوامل رغم أنه “قل” حاليا إلى أنه “لم ينعدم”، إذ يوضح أن “منافذ الاستوزار ولو أنها أصبحت تتخذ شيئا فشيئا الوضع الطبيعي، الذي يجب أن يكون في أي بلد، والمتمثل في الكفاءة والمسار السياسي والمعرفة بالقطاع الذي سيتولى تدبير شؤونه، إلا أنه مع ذلك ما تزال تحضر عوامل أخرى ومنافذ أخرى” والتي يرى أنها “تشكل نوعا من الخلل في الحياة السياسية”.
أما بالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ميلود بلقاضي، فإن “الوصول إلى المناصب الوزارية في المغرب مسألة غامضة ومعقدة وتتحكم فيها عدة معايير”.
وقال بلقاضي إن تلك المعايير “يمكن أن تتعلق بالكفاءة والعطاء والانضباط ويمكن أيضا أن تتعلق بالولاء والعلاقات العائلية والزبونية والخضوع” كما يمكن أن تكون حسب بلقاضي “خاضعة للولاء للنافذين في النظام السياسي المغربي”.
ويُرجع المصدر ذاته الإشكال المرتبط بمعايير الاستوزار إلى الأحزاب التي يرى أنها “لا تخضع في تعيين الشخصيات للمناصب السامية مثل الوزراء إلى معايير موضوعية” بل إنها، “مازالت تغلب عليها معايير التبعية والولاء والزبونية…” وهو ما يرى أنه يفسر “ضعف الحكامة التدبيرية للوزراء”.
علاقة بالحديث عن “ضعف الحكامة التدبيرية للوزراء” وعما إذا كان معيار الإلمام بالقطاع حاضرا في عملية الترشح والترشيح للمناصب الوزارية، يجدد بلقاضي التأكيد على أن “مسألة الترشيح للوزارة تخضع لمساطر غامضة تغيب فيها الشفافية والوضوح والديمقراطية” على حد تعبيره.
ويتابع المتحدث موضحا أن “رئيس الحزب يهمه الموقع والوزارة أكثر مما يهمه بروفايل المرشح لذلك المنصب”.
ومع ذلك لا يرى المتحدث أهمية كبيرة لمعيار إلمام الوزير بالقطاع الذي يشرف عليه، ويفسر هذا الأمر بقوله “من الناحية السياسية الوزير له وضع سياسي داخل الوزارة، وقوته لا تتأتى من ذاته بل تتأتى من محيطه أو ديوانه أو المستشارين الذين يحيطون به”، مبرزا أن “المسألة تتعلق بالوزير وقدراته وجرأته وتكوينه السياسي وأيضا بكيفية اختيار المحيطين به لأنهم هم من يساعدونه في اتخاذ القرار أو السياسة المناسبة”.
فالخمري الذي يؤكد بأن “الكفاءة والخبرة وإن كانتا مطلوبتين إلا أنهما ليستا المعيار المعتمد بالدرجة الأولى”، يتابع موضحا أن “الدليل على ذلك أننا شاهدنا خلال هذه التجربة وحتى في التجارب السابقة وزراء أو أسماء تقلدوا مناصب وزارية إما ليست لديهم الكفاءة والخبرة المطلوبة، كما شاهدنا تقلد أسماء لا علاقة بالقطاع الذي استوزرت فيه كأن يكون الشخص منتميا إلى قطاع مهني بعيد كل البعد عن القطاع المهني الذي استوزر فيه”.
ويعتبر المتحدث أن ذلك الأمر هو “من مظاهر الاختلالات في التعيينات الحكومية”، والتي يرى بأن من يتحمل المسؤولية فيها هي الأحزاب السياسية “على اعتبار أنها هي من تقترح”.
ويتابع المتحدث موضحا أن الأحزاب “يفترض فيها أن تعمل على تجديد نخبتها وتعمل على تحفيز ما لديها من أطر وكفاءات من أجل التمرس على قيادة الشأن العمومي”.
وكان الملك المفدى قد عين في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي الحكومة التي يترأسها عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، متصدر نتائج انتخابات الثامن من سبتمبر/ أيلول الماضي.
وتتكون الحكومة من 25 وزيرا يمثلون أحزاب “التجمع الوطني للأحرار” و”الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال”، إضافة إلى وزراء تكنوقراط، في حين تم الإعلان أنه سيجري لاحقا تعيين عدد من كتاب الدولة (وزراء دولة) في بعض القطاعات الوزارية، وهم لا يحضرون المجالس الوزارية التي يترأسها الملك، وهو الإعلان الذي لم يتحقق إلى حد الساعة.
الشعب اكتوى بنار الأسعار ..ارتفاع الطماطم في رمضان..بايتاس الطماطم في سوق إنزكان بين 2 دراهم و 4 دراهم !!؟