في الوقت الذي تتزايد فيه التساؤلات حول موقع حزب الأصالة والمعاصرة داخل المعادلة الحكومية، خرج المهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية ووزير الشباب والثقافة والتواصل، بتصريح لافت في الجامعة الصيفية للحزب، مفاده أن “البام ليس آلية انتخابية كما يظنه البعض، بل إطار تفكير وصياغة حلول”.
رسالة بنسعيد لم تكن مجرد استعراض للذاكرة التنظيمية، بل حملت محاولة إعادة تموضع سياسي وسط صراع صامت على الشرعية بين أحزاب الأغلبية. فمن خلال التذكير بمساهمة “البام” في النقاش حول الجهوية ومدونة الأسرة وحتى فكرة “جواز الشباب”، بدا وكأن الحزب يسعى إلى إحياء ماضيه كمختبر للنماذج السياسية، لا كأداة انتخابية عابرة.
لكن هل تنجح هذه العودة إلى أطروحة “حركة لكل الديمقراطيين” في إقناع الرأي العام اليوم؟
من حزب السلطة إلى حزب الأفكار؟
في كلمته التي ألقاها السبت بالجامعة الدولية بالرباط، شدد بنسعيد على أن “الانتخابات التي لا تأتي بحلول معندنا منديرو بها”، في إشارة ضمنية إلى نقد آليات الاشتغال السياسي التقليدي، غير أن هذا التصريح ذاته يفتح سؤالًا أعمق:
هل استطاع البام، كقوة سياسية مشاركة في الحكومة، تقديم حلول فعلية لأزمات البلاد؟
إذا كانت الجامعة الصيفية الحالية فضاءً لصياغة “خارطة طريق تتضمن حلولًا”، كما قال بنسعيد، فهل تعكس مداخلات الحزب فعلًا انشغالًا حقيقيًا بهموم المواطنين؟ أم أنها مجرد محاولة لترميم صورة باهتة داخل الأغلبية؟
كأس العالم 2030.. رهان البقاء؟
حديث بنسعيد عن مونديال 2030 لم يكن تفصيلاً عابرًا، بل مؤشرًا دقيقًا على محاولة الحزب التموقع في المشاريع الاستراتيجية الكبرى للمملكة. الوزير لم يُخفِ أن التحدي الحقيقي هو “ما بعد المونديال”، أي كيفية استثمار هذا الحدث لصناعة تحول اقتصادي وتنموي شامل.
لكن هنا تبرز مفارقة حقيقية: هل يملك “البام” تصورًا عمليًا لما بعد 2030؟ أم أن هذا الخطاب يُستخدم اليوم لصرف الأنظار عن عجز الأحزاب في تقديم بدائل واضحة للواقع الاجتماعي والاقتصادي المأزوم؟
الجامعة الصيفية: فضاء للنقاش أم واجهة للاستهلاك الداخلي؟
منذ أن تأسس، حاول “البام” أن يقدّم نفسه كحزب يفكر خارج الصندوق، وهو ما تعكسه رغبته اليوم، كما عبر عنها بنسعيد، في تجاوز المنطق الانتخابي الضيق نحو “الديمقراطية الاجتماعية”.
لكن كيف يمكن الحديث عن حلول وهيكلة جديدة بينما يظل الحزب صامتًا حيال قضايا اجتماعية متفجرة، من التعليم إلى غلاء الأسعار، ومن حرية الصحافة إلى ضعف الثقة في المؤسسات؟
هل أصبح التخييم امتيازًا؟ تراجع المستفيدين يكشف خللاً في السياسة الاجتماعية للشباب


