صادق مجلس النواب المغربي، مساء الاثنين 15 مارس 2021، على مشروعي قانونين مدرجين ضمن جدول أعمال الدورة التشريعية الاستثنائية، في قراءة أولى، ويتعلق بالحماية الاجتماعية وبالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وذلك خلال جلسة عمومية ترأسها الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، بحضور محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة.
وفي معرض تقديمه لمشروع قانون – إطار رقم 09.21 يتعلق بالحماية الاجتماعية، أوضح الوزير أن “هذا المشروع موجه بالأساس لحماية الفئات الفقيرة الهشة والأسر ذات الدخل المحدود ضد مخاطر الطفولة والمرض والشيخوخة وفقدان الشغل”، مشيرا إلى أن 22 مليون مغربي منهم 11 مليون منخرط في نظام المساعدة الطبية راميد و11 مليونا من المهنيين والتجار والفلاحين والصناع التقليديين وأصحاب المهن الحرة سيستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ومن نفس الخدمات ونفس سلة العلاجات التي يستفيد منها الأجراء في القطاع الخاص حاليا.
ويهدف مشروع القانون الإطار إلى تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض من خلال توسيع الاستفادة لتشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية والتنزيل التام لهذا التأمين لفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، وذلك بجدولة زمنية محددة. كما يهدف |إلى تعميم التعويضات العائلية وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.
وخلال نفس الجلسة، صادق مجلس النواب على مشروع قانون رقم 46.19 يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والذي يندرج في إطار التحيين القانوني للصلاحيات التي خولها دستور 2011، بمقتضى الفصل 36، لهذه الهيئة.
ويحدد مشروع القانون السالف الذكر، مهام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وكيفيات تأليفها وتنظيمها وقواعد سيرها وحالات التنافي. وستساهم الهيئة في تعزيز المجهود الوطني لمكافحة آفة الفساد وترسيخ الحكامة الجيدة، وإشاعة قيم النزاهة والشفافية، ومواجهة التطور الكمي والنوعي لمظاهر الفساد، مع الاستئناس بالمعايير المتعارف عليها بخصوص هيئات مكافحة الفساد، خاصة ما يتعلق منها بالاستقلالية وتوسيع مجال التدخل والجمع بين الحكامة والوقاية والمكافحة.
وسيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ بعد المصادقة النهائية عليه من طرف البرلمان بمجلسيه، وابتداء من تاريخ تعيين رئيس وأعضاء الهيئة وأمينها العام.
وكان تقرير للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في المملكة، قدّم تشخيصا لواقع الرشوة في المغرب، وتقييما لإجراءات محاربتها، اعتمادا على التقارير الدولية والوطنية، وأيضا على “خلاصات دراسة معمقة أنجزتها الهيئة حول تطور الفساد”.
وجاء في التقرير السنوي الأول لسنة 2019، أن مستويات الفساد قد تصاعدت في البلاد، و أن الرشوة باتت تكلف المغرب ما بين 2 و5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأرجعت الهيئة في تقريرها تفشي الفساد في المغرب إلى عدة أسباب، منها: الإفلات من العقوبة والرغبة في الثراء السريع، فيما تأتي بعدها الأسباب المتعلقة بالصعوبات الاقتصادية والفقر والأجور غير الكافية.
من ناحيته قال الخبير الاقتصادي المغربي رشيد ساري، “إن التقرير يتسم بطابعه الرسمي، لأنه صادر عن الهيئة الوطنية للنزاهة والشفافية ومحاربة الفساد، وأن الأمر يعبر عن رغبة الدولة في محاربة مصادر الفساد المتعددة، والتي تستنزف أكثر من نقطتين من معدلات النمو”.
ويشير التقرير إلى أن جرائم الارتشاء والاختلاس واستغلال النفوذ، المعروضة على المحاكم، “تتصدر قائمة القضايا المعروضة على القضاء”، وأن مكانة جرائم الفساد، بالنظر لعدد القضايا والمتابعين، “تبقى جد مرتفعة في مجموع الجرائم المرتكبة، وتوجد في تطور مستمر، وبوثيرة جد مرتفعة خلال العشر سنوات الأخيرة”.
ويرى ساري أن الحل في الوقت الراهن هو الحد من معضلة الفساد، من خلال سن إجراءات قانونية تكون أكثر زجرية وفعالية، من خلال تسخير موارد بشرية وتقنية للمراقبة من أجل تسهيل ضبط الخروقات التي ترتكب.
ويرى أن سنة 2020 ستسجل حتما أرقاما أكثر قتامة من حيث تفشي الفساد بالمقارنة مع سنة 2019.
فيما قال الخبير الاقتصادي المهدي الفقير، إن ظاهرة الفسادة جرت معالجتها بشكل واضح بشأن تحسين عملية الرقابة.
وتبنت السلطات المغربية في السنوات الماضية قانونا يلزم الموظفين العموميين بالتصريح بممتلكاتهم، وآخر لحماية المبلغين عن الفساد وضمان حق الوصول للمعلومات، كما أسست في 2017 هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
ودعت الهيئة إلى ضرورة النهوض بدينامية جديدة في المجهودات المبذولة في هذا الشأن لرفع منسوب مفعولها، خاصة من خلال تقوية استراتيجية الدولة في مجال مكافحة الفساد.