البرلمان يُصادق على مشروع قانون العقوبات البديلة بـ”72 نائبًا وامتنع 29 نائبًا عن التصويت و لم تسجل أي معارضة”؟

0
400

في بلد يبلغ عدد سكانه 37 مليون نسمة، يوجد حوالي مئة ألف سجين، ويفتقد حوالي الثلث منهم إلى أسرة. تعود هذه الظاهرة إلى أسباب متعددة، بما في ذلك ارتفاع معدلات الاعتقال الاحتياطي، في حين تشير السلطات إلى زيادة في معدلات الجريمة.

الرباط -تمت الموافقة على مشروع القانون الذي يسمح بتقديم العقوبات البديلة بدلاً من السجن في المغرب بأغلبية كبيرة في البرلمان، حيث صوت 72 نائبًا لصالح المشروع، في حين امتنع 29 نائبًا عن التصويت. لم تسجل أي معارضة رسمية من الأحزاب السياسية أو النواب، مما يعكس التأييد الشامل لهذه الخطوة القانونية الهامة.

المشروع يأتي في إطار الجهود المستمرة لتحسين نظام العدالة الجنائية في المغرب، وتعزيز استخدام العقوبات البديلة كخيارات تصحيحية بدلاً من السجن المباشر. ومن المتوقع أن يُسهم هذا القانون في تخفيف الضغط على النظام السجني وتحسين إدارته، بالإضافة إلى تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والانصاف في تطبيق العقوبات.

ويهدف هذا القانوني حسب وزير العدل إلى “إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن، وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة”.

الملك المفدى محمد السادس يأمر بإرسال مساعدات إنسانية إلى غزة ..مبادرة ملكية تلو الأخرى للتخفيف من حدة الكارثة في

ويؤكد النص القانوني الجديد على عدم جواز الاستفادة من العقوبات البديلة في حالة العود، تحقيقا للردع المطلوب، في مقابل منح إمكانية تطبيق العقوبات البديلة في حق الأحداث المخالفين للقانون وفق شروط وضوابط محددة تراعي مصلحتهم الفضلى وتحقق إدماجهم داخل المجتمع، حيث أن الرهان هو اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج، بعدما تضمنت العقوبات مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا محددا، وكذلك إقامته في مكان محدد، والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، وتعويضه وإصلاحه الأضرار الناتجة عن الجريمة.

ويقرّ القانون، الذي تعول الحكومة عليه لتقليص اكتظاظ السجون، عقوبات بديلة حددت في العمل لأجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية وفرض تدابير تأهيلية أو علاجية، كالخضوع لعلاج نفسي أو العلاج من الإدمان على الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية، وأخرى تقييدية كعدم الاقتراب من الضحية والخضوع للمراقبة لدى مصالح الشرطة والدرك الملكي والخضوع لتكوين أو تدريب وغير ذلك، كما تمت في إطار إقرار العدالة التصالحية إضافة عقوبة إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

وقال رشيد لزرق في تصريح سابق ، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، “هناك مخاوف من استغلال العقوبات البديلة وشرعنة شراء أيام السجن بالمال، بما فيها ارتكاب الجرائم، لتجنيب الأغنياء العقوبات السجنية، ما يهدد بنسف مبدأ المساواة بين المواطنين المكرس في التعاقد  الدستوري”.

وفي أكتوبر الماضي صادق مجلس النواب على مشروع قانون العقوبات البديلة، حيث صوت 115 مستشارا على مشروع القانون المذكور، مقابل 41 صوتا معارضا و5 ممتنعين.

وتعتبر ظاهرة الاكتظاظ في السجون المغربية من أبرز المشاكل التي تعاني منها المندوبية العامة للسجون، كما تعد مراجعة السياسة الجنائية بشكل سريع وعاجل، والتفعيل السريع للقانون المتعلق بالعقوبات البديلة، حلا لمواجهة الظاهرة حسب مسؤولين حكوميين.

وتقول وزارة العدل إنها حرصت في مناقشة هذا المشروع، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، على مراعاة عدم التمييز عند تطبيق العقوبات البديلة على أفراد المجتمع بغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية، ورصد جميع الملاحظات والمقترحات المقدمة، بهدف بلورة تصور شامل ومتكامل على مستوى التنزيل السليم لمقتضيات وأحكام هذا المشروع، وصولا إلى صيغة تحقق أهداف العقوبة.

وأكد خليهن الكرش، عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالبرلمان أن الإمكانيات غير كافية لتنفيذ قانون العقوبات البديلة، بالنظر إلى حجم التحديات والرهانات التي تواجهها المندوبية العامة لإدارة السجون التي ستشرف عليه.

حوالي مئة ألف سجين في المغرب، بينما لا تتوفر السجون سوى على 64.6 ألف سرير. هذه الأرقام لم تصدر عن منظمة غير حكومية أو جهة حقوقية، بل عن إدارة السجون المغربية (المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج) التي ذكرت أن رقم السجناء وصل حداً غير مسبوق.

والظاهرة قد ترتفع أكثر، إذ تحذر هذه الإدارة أن استمرار الاعتقال بالوتيرة الحالية من شأنه رفع نسبة العجز بين السجناء وبين عدد الأسرة. ودعت المندوبية “السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ، لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية”.

وكانت المندوبية قد أشارت في وقت سابق أنه لكل 100 ألف نسمة هناك 265 سجيناً، وهي النسبة الأعلى مقارنة بدول الجوار.

ودعا المرصد المغربي للسجون، وهو منظمة غير حكومية، إلى تأسيس “لجنة وطنية للرصد والإنقاذ” تقوم بزيارة السجون ورصد ظروفها، وتفعيل حقيقي لـ”الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، باعتبار أن الاكتظاظ هو أيضاً تعذيب حسب القرارات الأممية”، و”اتخاذ إجراءات لإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والحركات الاجتماعية”، حسب بيان من المرصد.

وتدافع الحكومة عن هذا القانون لأنه يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفسح المجال أمام المستفيدين منها للتأهيل والاندماج داخل المجتمع، وذلك قصد المساهمة في الحد من مشكلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف.

وحسب هذا القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان ، فإن العقوبات البديلة لن تطبق إلا على الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها 5 سنوات، وهو ما يعني أن القضايا المتعلقة بالإرهاب والاتجار في المخدرات والبشر والاغتصاب وأمن الدولة والاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ وتبديد الأموال العمومية وغسيل الأموال والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة، لا يمكن أن تكون موضوع تدابير العقوبات البديلة.

كما أن المقتضيات الجديدة، تعد حسب المُلمين بالقانون، فرصة لتمكين القاضي في إطار سلطته التقديرية، من تفعيل عقوبات كالمنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، وهو ما سيساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على المؤسسات العقابية.