توفير مليون فرصة عمل التزام كان قد تعهد به رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أثناء الحملة الانتخابية لحزبه “التجمع الوطني للأحرار”، الذي تصدر نتائج الانتخابات البرلمانية للثامن من سبتمبر الماضي، فحتى كتابة هذا التقرير لم يمتمكن الملياردير أخنوش وحكومة الكفاءات تحقيق هذا الهدف في ظل التغيرات التي شهدها سوق الشغل بالمملكة؟
بحسب أرقام “المندوبية السامية للتخطيط” (مؤسسة رسمية مغربية)، فإن معدل البطالة في المملكة تخطى في نهاية 2022 11.8٪ مقابل 13٪ نهاية 2023.
وتطال البطالة خصوصا الشبان الذين تراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما (26,5%) مع معدل وصل إلى أكثر من 42% بين شبان المدن. الاقتصاد المغربي عاجز عن خلق وظائف كافية، مما ينذر بتنامي مشاعر “الاستياء والإحباط”.
تعد البطالة في المغرب “قنبلة موقوتة” ومسألة “يجب أن تؤخذ على محمل الجد” إذ أنها تطاول أكثر من ستة من شبان المدن من أصل 10، في مشكلة تعتبر سببا رئيسيا للقلق الاجتماعي الذي ينمي مشاعر الإحباط والاستياء في المملكة.
وذكرت المندوبية في مذكرة إخبارية لها تناولت “وضعية سوق الشغل خلال سنة 2023” أنه خلال تلك الفترة انتقل حجم البطالة من 1.44 مليونا إلى 1.58 مليون عاطل، ما يعني زيادة في عدد العاطلين بـ138 ألف شخص.
وأضافت المذكرة أن “معدل البطالة ارتفع بـ1.2 نقطة لدى الرجال، من 10.3٪ إلى 11.5٪، وبـ1.1 نقطة لدى النساء، منتقلا من 17.2٪ إلى 18.3٪”، كما “ارتفع هذا المعدل لدى حاملي الشهادات بـ1.1 نقطة، منتقلا من 18.6٪ إلى 19.7٪، وبـ0.7 نقطة في صفوف الأشخاص الذين لا يتوفرون على أي شهادة، منتقلا من 4.2٪ إلى 4.9٪”.
وأشارت المندوبية إلى أن “البطالة خلال هذه الفترة تميزت بزيادة نسبة الأشخاص العاطلين عن العمل حديثا”، مضيفة أن “نسبة الأشخاص العاطلين عن العمل لمدة أقل من سنة ارتفعت من 31.3٪ إلى 33.3٪، وبذلك انخفض متوسط مدة البطالة من 33 شهرا إلى 32 شهرا”.
وذكرت أن الاقتصاد المغربي فقد 157 ألف منصب شغل خلال السنة الماضية نتيجة فقدان 198 ألف منصب بالوسط القروي في مقابل إحداث 41 ألف منصب بالوسط الحضري.
كما سجلت المذكرة تراجع معدل النشاط في الفترة بين عامي 2022 و2023 بـ0.7 نقطة ليبلغ 43.6٪، وعزت هذا الانخفاض إلى “زيادة السكان في سن النشاط (15 سنة فأكثر) بنسبة 1.4٪ وانخفاض السكان النشيطين بنسبة 0.2٪”.
وأضافت أن معدل الشغل تراجع بدوره من 39.1٪ إلى 38٪، مسجلا انخفاضا بـ 1.4 نقطة في صفوف الرجال وبـ0.9 نقطة في صفوف النساء.
وسجلت المذكرة أيضا زيادة في حجم الشغل الناقص إذ انتقل خلال الفترة نفسها من 972 ألفا إلى مليون و43 ألفا، ما يعني انتقال معدل الشغل الناقص من 9٪ إلى 9.8٪.
ويعتبر الشغل الناقص بحسب تعريف سابق للمندوبية “مظهرا من مظاهر البطالة” فهو يعكس نقصا في حجم التشغيل بمعنى “العمل أقل من عدد ساعات العمل العادية”، و”سوءا في توزيع اليد العاملة” بمعنى أن “العمل لا يتماشى مع المؤهلات والتكوين”.
وتحذر وسائل الإعلام المحلية بانتظام من ارتفاع معدل البطالة خصوصا بين الشباب، الأمر الذي يشكل “قنبلة موقوتة” وينمي مشاعر “الاستياء والاحباط”.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد اعتبر في خطاب ألقاه في تشرين الأول/أكتوبر أن التقدم المحرز لا يعود بالفائدة على “الشباب الذين يمثلون أكثر من ثلث عدد سكان” المملكة.
وأضاف أن النموذج التنموي المغربي أصبح حاليا “غير قادر على الاستجابة” لمطالب شعبه، داعيا الحكومة إلى “إعادة النظر فيه”.
ولفت إلى أن “التقدم الذي يعرفه المغرب لا يشمل مع الأسف كل المواطنين وخاصة شبابنا، الذي يمثل أكثر من ثلث السكان”، داعيا إلى بلورة “سياسة جديدة مندمجة للشباب”.
بدوره علق الخبير الاقتصادي، المغربي ادريس الفينة، قائلاً : أن “هذه الأرقام تُبين مرة أخرى الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المغربي لخلق المزيد من مناصب الشغل، والمشكل الكبير يتمثل في الجفاف الذي يؤثر على فئة واسعة من المواطنين في الأرياف تشتغل في مهن مختلفة خصوصاً في القطاع الزراعي”.
خلال العام الماضي فقد الاقتصاد المغربي 157 ألف منصب شغل صافٍ، نتيجة فقدان 198 ألف منصب بالوسط القروي (أغلبها في القطاع الزراعي)، فيما أحدثت قطاعات البناء والخدمات والصناعة مجتمعةً 41 ألف منصب صافٍ فقط.
وأضاف الفينة لوسائل إعلام دولية ، أن “القطاعات التي يُعول عليها المغرب، مثل الصناعة والبناء والسياحة، غير قادرة على خلق مناصب شغل كافية لتعويض ما يضيع على مستوى القطاع الزراعي”.
خفّض المغرب توقعات النمو للعام الجاري إلى 3.2% و2.9% للعام المنصرم، مع مُعاناة البلاد من تأثيرات مواسم الجفاف المتتالية واستمرار آثار الخسائر التي تكبدتها المملكة بسبب جائحة كوفيد-19، وفق تقرير سابق للمندوبية، بينما تستهدف ميزانية 2024 نمواً بنسبة 3.7%.