يعدّ المغرب واحدا من أكثر البلدان الإفريقية مديونية؛ وبلغ إجمالي ديون المملكة خلال العام 2022، 65.41 مليار دولار، في حين كانت قيمة الدين الخارجي تناهز 65.72 مليار دولار سنة 2020.
الرباط – كشف بنك المغرب أن المملكة المغربية تتوفر على احتياطي من العملة الصعبة يقدر 357 مليار درهم، مسجلة انخفاضا بنسبة 0,4 في المائة من أسبوع لآخر، وارتفاعا بنسبة 8,7 في المائة على أساس سنوي.
وأبرز البنك المركزي، في مذكرته حول المؤشرات الأسبوعية، أن الدرهم ارتفع بنسبة 0,58 في المائة مقابل الأورو، وانخفض بنسبة 0,23 في المائة مقابل الدولار الأمريكي، وذلك خلال الأسبوع الممتد من 04 إلى 10 ماي الجاري.
وأشار بنك المغرب إلى إجمالي تدخلات بنك المغرب خلال الأسبوع الممتد من 04 إلى 10 ماي 2023، 78 مليار درهم، من بينها 36,2 مليار درهم على شكل تسبيقات لمدة 7 أيام بناء على طلبات عروض، و21,2 مليار درهم على شكل عمليات إعادة الشراء طويلة الأجل، 20,6 مليار درهم على شكل قروض مضمونة على المدى الطويل.
وعلى مستوى السوق الما بين بنكية، بلغ متوسط حجم التداول اليومي 3,5 مليار درهم، في حين بلغ معدل الفائدة بين البنوك خلال هذه الفترة 3 في المائة في المتوسط.
وضخ بنك المغرب، خلال طلب عروض بتاريخ 10 ماي (تاريخ الاستحقاق 11 ماي)، ما مجموعه 38,2 مليار درهم على شكل تسبيقات لمدة 7 أيام.
وعلى مستوى سوق البورصة، ارتفع مؤشر “مازي” بنسبة 0,7 في المائة، ليصل أداؤه السلبي منذ مطلع السنة إلى 2,2 في المائة. ويعكس هذا التطور الأسبوعي، بالأساس، ارتفاع مؤشرات قطاعات الأغذية الفلاحية بنسبة 1,5 في المائة والمباني ومواد البناء بنسبة 2,5 في المائة والبترول والغاز بنسبة 3,4 في المائة.
في المقابل، انخفضت مؤشرات قطاعات شركات التوظيف العقاري والبنوك بنسب بلغت 3,4 و0,2 في المائة على التوالي.
أما في ما يتعلق بإجمالي حجم المبادلات، فقد بلغ 299,1 مليون درهم، مقابل 1,3 مليار درهم قبل أسبوع.
بعد حوالي أسبوع من شهر مارس الماضي على إصدار سندات اقتراض دولية بقيمة 2.5 مليارات دولار، تقدم المغرب بطلب رسمي إلى صندوق النقد الدولي للحصول على “خط ائتمان مرن” بـ5 مليارات دولار، بحسب ما كشفه بيان للمؤسسة المالية الدولية.
وتمكنت الحكومة المغربية من جمع 2.5 مليار دولار من إصدار سندات اقتراض في السوق المالية الدولية، بداية الشهر الجاري، مباشرة بعد خروج البلاد من “اللائحة الرمادية” لمجموعة العمل المالي.
وبحسب بيان لوزارة الاقتصاد والمالية، انقسمت السندات المطروحة إلى شريحتين؛ الأولى بـ1.25 مليار دولار بأجل استحقاق 5 سنوات وبعائد 6.22 بالمئة، والثانية 1.25 مليار دولار أيضا، بأجل استحقاق 10 سنوات وبعائد 6.6 بالمئة.
وحقق هذا الإصدار، الذي يعد “جزءا من استراتيجية تنويع مصادر تمويل الخزينة المغربية، نجاحا باهرا لدى المستثمرين الدوليين”، بحسب الوزارة التي أشارت إلى أن دفتر الطلبات وصل 11 مليار دولار مع تنوع كبير من حيث التوزيع الجغرافي والملفات الشخصية للمستثمرين.
عن سياقات وخلفيات هذا التوجه الجديد للحكومة المغربية، يلفت الخبير الاقتصادي، إدريس الفينا، إلى هدف “مواكبة التوجهات والتحولات الطارئة في السوق الدولية، وآثارها المحتملة على ميزان الأداءات وبالتالي قيمة العملة المغربية”.
ويوضح الفينا في تصريح لموقع “الحرة”، أن الرباط، لجأت في عام 2020 إلى نفس الخط للحصول على 3 مليارات دولار، بالتزامن مع أزمة كورونا، لمواجهة تقلبات السوق الدولية، غير أنها لم تستعملها بشكل كامل وتمكنت من تحقيق سيولة كبيرة للعملة الصعبة.
واستفاد المغرب من خط “الوقاية والسيولة” من صندوق النقد الدولي في عام 2012، واستعمله في 2020 للحصول على 3 مليارات دولار لمواجهة تداعيات الأزمة الناتجة عن فيروس كورونا.
ويشير المتحدث إلى أن الاعتماد على “الخط الائتماني المرن”، يكون بحسب حاجيات الاقتصادات الوطنية، ويأتي طلب الحصول عليه من طرف المغرب في الظرفية الحالية التي يبقى فيها الاقتصاد الدولي “مفتوحا على كل المخاطر والاحتمالات”، بما فيها إمكانية ارتفاع أسعار البترول لتتجاوز 100 دولار بحسب توقعات عدد من الجهات المختصة.
ويساعد الخط الائتماني لصندوق النقد الدولي على الحماية من الصدمات الخارجية، حيث يزود الدول التي تتوفر على إطار سياسات قوية وسجلات تتبع للأداء الاقتصادي من الوصول بشكل كبير ومسبق إلى موارد الصندوق دون شروط.
ويوضح الفينا أن المغرب ليس بلدا نفطيا، بالتالي، فإن من شأن أي ارتفاع أن ينعكس سلبيا على ميزان الأداءات وعلى احتياطي العملات الصعبة وإمكانيات الاستيراد وكل التوازنات الماكروـ اقتصادية للبلاد.
من جهة أخرى، يبرز المتحدث أن للمغرب برنامج استثماري كبير تصل قيمته إلى 55 مليار دولار، بالتالي يحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرة من أجل تنفيذ هذه المشاريع.
ويأتي الطلب المغربي للحصول على الخط الائتماني، أياما كذلك من إزالة المملكة من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي “غافي” (GAFI) الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكانت إزالة المغرب من تلك القائمة شرطا أساسيا لاستفادة المملكة من “خط الائتمان المرن”؛ في هذا الجانب يوضح الفينا أن الصندوق الدولي والممولون الدوليون يضعون هذا الإجراء للاستفادة والولوج إلى خطوط الائتمان المرنة، وهو ما سيساعد الرباط على الحصول على شروط تفضيلية أكثر من السابق.
“ظروف مثالية”
من جهته، يتوقع الخبير المالي، مهدي فقير، أن تعرف السوق الدولية “تقلبات في قادم الأشهر”، موضحا أنه مع هذه التوقعات ومع تحسن التصنيف الائتماني للمغرب، “كان القرار منتظرا، وتم أخذ توقيته بعناية في إطار التنسيق الحاصل بين البنك المركزي والحكومة”.
ويبرز فقير في تصريح لموقع “الحرة” أن التوقيت والظروف الحالية تبقى “مثالية” حيث أن من المرتقب ارتفاع كلفة الاقتراض خلال الأشهر القادمة،
ويكشف الخبير المغربي أن لجوء الحكومة المغربي للاقتراض “ليس لحاجة ماسة بقدر ما هو توجه لإقرار التوازنات التي نص عليها قانون المالية للسنة الجارية”، مضيفا أن المغرب أخذ وقتا كافيا لـ”الاستعداد واتخاذ قرار الاستفادة من خط ائتماني”.
ويوضح المتحدث ذاته، أن “الأعراف الدولية للحماية من المخاطر الاقتصادية، تشدد وتوصي بضرورة حصول اقتصادات الدول على خطوط ائتمانية لخلق سيولة يتم اللجوء إليها عند الحاجة”.
ويعدّ المغرب واحدا من أكثر البلدان الإفريقية مديونية؛ وبلغ إجمالي ديون المملكة خلال العام 2022، 65.41 مليار دولار، في حين كانت قيمة الدين الخارجي تناهز 65.72 مليار دولار سنة 2020.
وبخصوص الرهانات التي يطرحها موضوع الاقتراض الخارجي، يوضح المتحدث أن المغرب قام بتسديد نسبة من ديونه لصندوق النقد الدولي بشكل استباقي في عام 2021، ويواصل سياسة الاقتراض بـ”احترم تام للمقتضيات القانونية التي تنص على أن الاستدانة تخص بالأساس قروض للاستثمار، وليس قروض استهلاك لتمويل ميزانيتها ومشترياتها مثل بعض الدول الأخرى”.
من جهته يبرز الخبير الاقتصادي، نجيب أقصي أن “الدولة بحاجة للاستدانة ليس فقط في السوق الداخلية لتغطية عجز الميزانية بل أيضا بالعملات الصعبة للتصدّي لعجز هائل في الميزان التجاري بلغ 312 مليار درهم (31 مليار دولار) في العام 2022، أي ما بين 23 و24 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي”.
وشدّد أقصبي في تصريح لوكالة فرانس بريس، على أن “اللجوء للاقتراض الخارجي يشكّل دليلا على وجود صعوبات في الاستحصال على إمدادات في السوق الداخلية”.