في جلسة برلمانية حامية الوطيس، ألقى عبد الصمد حيكر، القيادي بحزب العدالة والتنمية المعارض، كلمة نارية كشفت عن وجهة نظر المعارضة تجاه أداء الحكومة الحالية. لم تكن كلمته مجرد انتقادات عابرة، بل كانت تحليلًا مفصلاً لفشل برامج حكومية طموحة، بدءًا من تقليص الفوارق المجالية إلى مخطط المغرب الأخضر، مرورًا ببرامج السكن والتعمير.
هل نحن أمام حكومة فشلت في تحقيق وعودها؟ أم أن هذه الانتقادات هي مجرد صراع سياسي بين الأغلبية والمعارضة؟ لنغوص في تفاصيل هذا الخطاب الذي هز قبة البرلمان.
“احترام البرلمان دليل على الثقافة الديمقراطية”: البداية كانت قوية
افتتح حيكر كلمته بتذكير رئيس الحكومة بأهمية احترام البرلمان، معتبرًا أن ذلك “دليل على التشبع بالثقافة الديمقراطية”. لكنه سرعان ما انتقل إلى الهجوم، متهمًا الحكومة بعدم الوفاء بالتزاماتها الدستورية، خاصة فيما يتعلق بحضور رئيس الحكومة للإجابة على أسئلة النواب.
“جيتوا يلا جوج المرات، ك خصكم تجيو أربع مرات”، هكذا قال حيكر، في إشارة إلى غياب رئيس الحكومة عن جلسات المساءلة البرلمانية. هذه النقطة ليست مجرد تفصيل إجرائي، بل تطرح سؤالًا أكبر: هل الحكومة تتعمد تجنب المحاسبة؟
برامج بمليارات الدراهم… ونتائج مخيبة للآمال
لم يكتفِ حيكر بانتقاد غياب رئيس الحكومة، بل انتقل إلى تفكيك أداء الحكومة في برامجها التنموية. بدأ ببرنامج تقليص الفوارق المجالية، الذي تم ضخ ما يقارب 200 مليار درهم فيه. لكن النتائج، حسب حيكر، كانت كارثية: “استمرار التباينات المجالية، التفاوتات التنموية، وتهديد الاستقرار الاجتماعي”.
ثم انتقل إلى مخطط المغرب الأخضر، الذي كان يُفترض أن يكون نقلة نوعية في القطاع الزراعي. لكن حيكر تساءل: “شنو النتيجة؟ شكون اللي كان مسؤول عليها؟”. وفقًا له، فإن النتائج كانت مخيبة للآمال، خاصة في منطقة الحوز، حيث يعاني المواطنون من تبعات الإشراف الحكومي الفاشل.
السكن والتعمير: بين الوعود والإخفاقات
في قطاع السكن، كانت الانتقادات أكثر حدة. تحدث حيكر عن برنامج “المدن بدون صفيح”، الذي انطلق عام 2004، وليس 2014 كما يُروج. وأشار إلى أن الحكومة الحالية لم تُضف أي مدينة جديدة إلى قائمة المدن الخالية من الصفيح، بل إنها استمرت في تدبير ما تم التخطيط له سابقًا.
ولم ينسَ حيكر أن ينتقد “التشريد الممنهج” في المدن العتيقة، مثل الدار البيضاء، حيث يتم تهجير السكان لصالح الملاكين والمقاولين. “هذا ليس عدلاً”، هكذا علق حيكر، ملمحًا إلى أن السياسات الحكومية تكرس التباينات الاجتماعية بدلًا من حلها.
دعم السكن: أين ذهبت المليارات؟
أحد أكثر النقاط إثارة في خطاب حيكر كان نقده لبرنامج دعم السكن. وفقًا له، فإن هذا البرنامج “دمر القدرة الشرائية للمغاربة”، وأدى إلى إفلاس المقاولات الصغيرة، بينما استفادت منه فئات محدودة.
“شكون اللي غادي يقبل على دعم بعد ما دمرت القدرة الشرائية؟”، تساءل حيكر، مشيرًا إلى أن البرنامج فشل في تحقيق أهدافه، بل ساهم في تفاقم الأزمة السكنية، خاصة في المناطق القروية والجبلية، حيث لا يوجد عرض سكني كافٍ.
فساد التعمير: “تقوا الله في هذ البلاد”
لم يتردد حيكر في كشف ما وصفه بـ”الفساد غير المسبوق” في قطاع التعمير. تحدث عن حالات ابتزاز ورشوة في الجماعات المحلية، خاصة في مدن مثل الدار البيضاء، حيث أصبح الفساد العنوان الأبرز.
“تقوا الله في هذ البلاد”، هكذا خاطب حيكر المسؤولين، داعيًا إلى إصلاحات جذرية في قطاع التعمير، الذي يعاني من تراجع الاستثمارات وتراكم الرخص الفاسدة.
خاتمة: أين الحل؟
في نهاية كلمته، لم يقدم حيكر حلولًا جاهزة، بل ترك الأسئلة معلقة في الهواء: كيف يمكن إنقاذ برامج التنمية من الفشل؟ كيف يمكن محاربة الفساد في قطاع التعمير؟ وهل ستستمع الحكومة إلى هذه الانتقادات، أم ستستمر في تجاهلها؟
خطاب حيكر لم يكن مجرد انتقاد، بل كان صرخة مدوية تُنذر بأزمة حقيقية في تدبير الشأن العام. فهل ستكون هذه الصرخة بداية لتغيير حقيقي، أم مجرد كلمات تذهب أدراج الرياح؟
أسئلة تبحث عن إجابات:
-
هل ستتخذ الحكومة خطوات جادة لمعالجة الفشل في برامجها التنموية؟
-
كيف يمكن محاربة الفساد في قطاع التعمير؟
-
ما هي الحلول الممكنة لأزمة السكن في المغرب؟