يستعد المغرب لإجراء انتخابات تشريعية في 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، بينما تشتد المنافسة على تصدر نتائج الانتخابات المقبلة بين “العدالة والتنمية” و”التجمع الوطني للأحرار” بقيادة وزير الفلاحة عزيز أخنوش.
كما يبرز في المشهد السياسي، كقوة انتخابية، كلٌ من حزب “الأصالة والمعاصرة” و”حزب الاستقلال” (معارضان).
وحسم حزب التجمع الوطني الوطني للأحرار، في أسماء وكلاء لوائح بجهة سوس ماسة لخوض غمار الانتخابات التشريعية المقررة في شهر شتنبر المقبل، حسب الموقع الرسمي للحزب.
وجاءت هذه التزكيات على خلفية لقاء عقده عزيز أخنوش بمدينة أكادير مرشحي الدوائر الانتخابية بالجهة الجنوبية للمملكة، كاشفاً لأربع أسماء من أصل سبعة مرشحين للانتخابات البرلمانية بجهة سوس ماسة لخوض الانتخابات التشريعية في 8 سبتمبر/ أيلول المقبل، باستثناء دائرتين انتخابيتين يصطلح عليهما “دائرتي الموت” (تارودانت الشمالية وتارودانت الجنوبية) اللتان ستشهدان منافسة كبيرة بين لوائح “الحمامة” و”الميزان” و”المصباح”، والتي ما يزال يجري تكتم في ترشيحاتها، إلى جانب دائرة اشتوكة أيت باها.
ودأب الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرارعلى اختيار مرشحيه للانتخابات من الأعيان ورجال الأعمال، لأن الحزب لا يتوفر على لجنة تسمى بـ” لجان الترشيح” تعقد جموعا عامة للتصويت على المرشحين لخوض الانتخابات بشكل حر، ودون تقديم أي ترشيحات فردية، وفي مرحلة ثانية تقوم “لجان التزكية” بالمصادقة على الاختيار. وتعد الأمانة العامة للحزب أحد أهم لجان التزكية، التي يمكنها إدخال تعديلات مهمة على لجان الترشيح لتفضيل أشخاص على آخرين في الترتيب، كما لحزب “العدالة والتنمية” على سبيل المثال.
وبحسب ما نشره موقع التجمع الوطني للأحرار على موقعه الرسمي، فقد اكتفى بنشر أسماء وكلاء أربع لوائحه على مستوى خمس دوائر برلمانية من أصل سبعة. ويتعلق الأمر بكل من مصطفى تاضومانت وكيل لائحة “الحمامة” بالدائرة الانتخابية البرلمانية لطاطا، وإسماعيل الزيتوني وكيل الدائرة الانتخابية البرلمانية لإنزكان أيت ملول، وعبد الله غازي (متصرف بعمالة أكادير إداوتنان ورئيس المجلس الإقليمي لتيزنيت) وكيل الدائرة الانتخابية البرلمانية لتيزنيت، وإبراهيم حافيدي (مدير عام الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان ورئيس مجلس جهة سوس ماسة) وكيل الدائرة الانتخابية البرلمانية لأكادير إداوتنان.
وتفادى موقع “الأحرار” نشر وكلاء لائحتي “الحمامة” على مستوى الدائرتين الانتخابيتين “تارودانت الشمالية” و”تارودانت الجنوبية” (دائرتي الموت)، والتي يرجح أن يقودها كل من محمد بوهدود بودلال (رجل أعمال ونائب رئيس مجلس جهة سوس ماسة) وحاميد البهجة (رجل أعمال والمنسق الجهوي للتجمع الوطني للأحرار بجهة سوس ماسة)، وسط تنافس مع الاستقلال بمرشحيه (عبد الصمد قيوح المنسق الجهوي للتنظيم الاستقلالي بجهة سوس ماسة وزينب قيوح المنسقة الجهوية لنفس التنظيم بجهة درعة تافيلالت)، إلى جانب مرشحي العدالة والتنمية ممثلا في كل من محمد أوريش (رجل تعليم ونائب رئيس مجلس جهة سوس ماسة) ووكيل لائحة الأصالة والمعاصرة والذي يرجح أن يقودها عبد اللطيف وهبي (محام وأمين عام تنظيم الجرار) الذي سبق له وأن ترشح في الانتخابات التشريعية السابقة ممثلا بالبرلمان.
يتشكل البرلمان المغربي من 395 مقعداً، تبلغ حصة المعارضة حالياً منها 167 مقعداً، موزعة كالتالي: 102 مقعداً لـ “الأصالة والمعاصرة” و46 نائباً لـ “الاستقلال” و12 مقعداً لـ “التقدم والاشتراكية”، إضافة إلى مقعدين لحزب “فيدرالية اليسار” (الذي لا ينسق مع الأحزاب الثلاثة) و3 مقاعد لـ “الحركة الديمقراطية والاجتماعية” ومقعد لحزب “الوحدة والديمقراطية” ومقعد لحزب “اليسار الأخضر”.
بدأ الصعود السريع للأحرار مباشرة بعد فوز العدالة والتنمية بانتخابات 2016، إذ نجح أخنوش فيما فشل فيه حزب الأصالة والمعاصرة خصم الإسلاميين الأبرز في ذلك الاستحقاق الانتخابي، بعدما أجبر العدالة والتنمية على عدم إشراك حزب الاستقلال شريكه الإستراتيجي في الحكومة، وأصرَّ بدلا من ذلك على تشكيل حكومة ائتلافية مع ثلاثة أحزاب أخرى من بينها الاتحاد الاشتراكي الذي رفض بنكيران مشاركته جملة وتفصيلا. أما وقد سقط بنكيران بعد إعفائه من طرف الملك بسبب “البلوكاج”، وقَبِلَ العثماني بكل هذه الشروط، بات الأحرار يُشكِّلون الآن حكومة داخل الحكومة، وأغلبية داخل الأغلبية، وصار العدالة والتنمية معزولا وحيدا وسط حكومة من المفترض أنه هو مَن شكَّلها.
طموح أخنوش وحزبه هذه المرة مختلف للغاية، فهو لا يريد لعب دور المُعرقل كما حدث سابقا، لكنه يرغب في الانتصار وإبعاد العدالة والتنمية عن الولاية الثالثة، وهو هدف خطَّط له بعناية. أولا، لم يدخل الحزب في أي صراع أيديولوجي مع الإسلاميين، عكس حزب الأصالة والمعاصرة الذي قال أمينه العام “إلياس العماري” في ندوة تقديم برنامج حزبه الانتخابي إنه جاء “للإطاحة بالإسلاميين لحماية المسلمين”. فقد قال أخنوش أثناء تصريح متلفز في مارس/آذار 2018 إن حزبه لم يأتِ لمواجهة العدالة والتنمية، ولا يريد كسر أحد، لأن للحزب تراكما تاريخيا سياسيا وقيادات ذات كفاءة عالية تريد أن تلعب الدور الذي يناسبها ويناسب ما تستطيع تقديمه للمغرب.
هذا التصريح يؤكِّد أن طريقة تفكير الأحزاب الموالية للقصر أخذت في التطوُّر والتغيُّر، فالأحرار يعلمون أن حزب العدالة والتنمية يُتقن جيدا العزف على وتر “المظلومية الإسلامية”، كما حدث في الانتخابات السابقة، لذلك فإن من الحكمة عدم الانجرار نحو هذه الصراعات الأيديولوجية، خصوصا أن الحزب لا يملك أرضا أيديولوجية صلبة يواجه بها الإسلاميين. أما باقي مقادير وصفة إبعاد إخوان العثماني فستكون بلا شك حملة انتخابية قوية، إلكترونية وتقليدية، بجانب التعويل على الأعيان لجذب شريحة المصوتين غير المُسيَّسين، الذين تصاعد منحنى مشاركتهم الانتخابية منذ سنة 2002. هذا بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على التصويت، لأن أي عزوف انتخابي سيكون في صالح العدالة والتنمية صاحب الكتلة الناخبة المُسيَّسة التي تُقرِّر على أُسس أيديولوجية، وأحيانا دينية.