في الوقت الذي يراقب فيه العالم بقلق المجازر والأزمات الإنسانية المستمرة في غزة، يسعى الكيان الإسرائيلي لتعزيز صورته داخل المغرب من خلال استراتيجية إعلامية خاصة. تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه شوارع المدن المغربية احتجاجات متواصلة منذ 7 أكتوبر، تدين العدوان الإسرائيلي وترفض التطبيع.
التحرك الإسرائيلي: الدبلوماسية والاهتمام الإعلامي
تشير التقارير الأخيرة من موقع Maghreb Intelligence إلى أن حسن كعيبة، الذي تولى منصب نائب رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط مطلع أغسطس، يعمل بجد لبناء علاقات مع الصحافيين المغاربة.
كعيبة، الذي شغل سابقاً منصب الناطق الرسمي للإعلام العربي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، دعا عدداً من الصحافيين المغاربة لزيارة إسرائيل في سبتمبر المقبل.
يبدو أن هذه الخطوة الدبلوماسية التي يقودها كعيبة هي جزء من جهد استراتيجي لتشكيل صورة إيجابية لإسرائيل في المغرب، وهي بلد يدعم المقاومة الفلسطينية وينتقد السياسات الإسرائيلية بشدة.
توقيت تعيين كعيبة وتواصله مع الصحافيين يكتسب أهمية خاصة، إذ يتزامن مع إدانات دولية واسعة للأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة.
الخلفية والسياق: التحولات الدبلوماسية والجدل
يأتي تعيين كعيبة في منصبه الجديد بعد فترة من الاضطرابات والجدل حول سلفه، ديفيد غوفرين، الذي واجه اتهامات بالتحرش الجنسي ومخالفات أخلاقية.
اختيار إسرائيل لضابط عسكري مثل كعيبة في الرباط يعتبره الكثيرون جزءاً من استراتيجية أوسع للحفاظ على النفوذ وإدارة الصورة العامة في المغرب.
وقد أدان المرصد المغربي لمناهضة التطبيع تعيين كعيبة، واصفاً إياه بأنه إهانة لسيادة المغرب وكرامته. وأكد المرصد أن هذا التعيين هو “إهانة مركبة” للشعب المغربي، حيث يُضاف إلى ذلك استمرار الضغط للتطبيع رغم المجازر والإبادة الجماعية المستمرة في غزة والضفة الغربية والقدس.
الآراء العامة والاحتجاجات: استجابة وطنية
تتجلى ردود الفعل المتنامية ضد التطبيع والوجود الإسرائيلي في المغرب في الاحتجاجات المستمرة في المدن المغربية. أصبح مطلب إنهاء التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط من أبرز شعارات هذه التظاهرات. يحذر الناشطون ومجموعات المجتمع المدني من المخاطر التي يشكلها النفوذ الإسرائيلي في مختلف القطاعات، بما في ذلك الإعلام، وتأثيره على الرأي العام.
تحليل: الأبعاد الاستراتيجية للتحركات الإسرائيلية
يمكن اعتبار جهود إسرائيل في المغرب، وبالأخص اهتمامها بالإعلام، كاستراتيجية مدروسة للتخفيف من التصورات السلبية وتأثيرها على الرأي العام المغربي. من خلال التعامل مع الصحافيين ومحاولة تقديم صورة إيجابية، تسعى إسرائيل لتقليل تأثير الإدانة الواسعة لأعمالها في غزة.
تعكس هذه الاستراتيجية أيضاً نمطاً أوسع من التحركات الدبلوماسية وتلاعب وسائل الإعلام التي تستخدمها الدول التي تواجه انتقادات دولية. وهي تسلط الضوء على تعقيدات الدبلوماسية الدولية حيث تتداخل الأزمات الإنسانية والمصالح الجيوسياسية.
خاتمة: ضرورة اليقظة والانخراط النقدي
بينما تسعى إسرائيل إلى تعزيز تواصلها مع الإعلام المغربي، من الضروري أن يظل المجتمع المغربي والصحافيون يقظين ويقومون بتقييم هذه المحاولات بشكل نقدي. السياق الحالي للعنف وانتهاكات حقوق الإنسان في غزة يتطلب استجابة قوية ومبنية على المعلومات من وسائل الإعلام والمجتمع المدني. يجب أن تبقى الأولوية في محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الإنسانية وضمان عدم تبرير أو تلميع الانتهاكات المستمرة.
في مواجهة هذه الديناميات المعقدة، ستلعب الرأي العام المغربي والنشاط المدني دوراً حيوياً في تشكيل النقاش ومحاسبة الفاعلين المحليين والدوليين على أفعالهم وسياساتهم.