المغرب يُسجل تساقطات مطرية في وقت “حسّاس” ومطالب بإيقاف الزراعات المستنزفة للماء وإيجاد استراتيجية واضحة تُلاحق حكومة أخنوش
شهدت عدد من المناطق المغربية، في الأسابيع الأخيرة، تساقطات مطرية هامة تزامنت مع حاجة ماسة للمياه للتخفيف من آثار الجفاف الممتد على مدى سنوات. ورغم الأضرار البشرية والمادية التي خلفتها بعض هذه التساقطات، يرى الخبراء أن لها فوائد ملموسة في سياق الأزمة المائية التي يواجهها المغرب.
تساقطات المطر وتأثيرها على الوضع المائي
في هذا السياق، قال الخبير الزراعي محمد بنعطا، إن هذه التساقطات جاءت في وقت “حسّاس”، حيث ستستفيد منها المملكة بشكل كبير بالنظر إلى ظروف الجفاف والضغط على الموارد السطحية والنقص الكبير في مياه السدود. وقد أوضح أن هذه التساقطات، خاصة في مناطق الجنوب الشرقي، ستنعش الفرشة المائية، وستساعد في معالجة مشكل قلة المراعي التي كانت تعاني منها المواشي، مضيفًا أن عددًا من سدود المنطقة ستستفيد أيضًا من الأمطار التي تساقطت.
ومع ذلك، يحذر بنعطا من أنه لا يمكن القول بأن المغرب قد تجاوز مرحلة النقص، إذ لا تزال معدلات ملء السدود في المملكة لا تتجاوز 30%، ولا توجد معطيات دقيقة بخصوص المياه الجوفية التي تُعتبر الخزان الاستراتيجي للمياه في البلاد.
السياسات الفلاحية واستنزاف الموارد المائية
من جهة أخرى، يشير بنعطا إلى وجود سياسات فلاحية “خاطئة” ساهمت في استنزاف الثروة المائية، مثل التركيز على زيادة الإنتاج الفلاحي لبعض المزروعات بغرض التصدير، داعيًا إلى ضرورة إعادة النظر في هذه السياسة والتركيز أكثر على مصلحة الوطن.
ويؤكد الخبير الاقتصادي زكرياء فيرانو أن الاستراتيجية الفلاحية المعتمدة في المغرب تركز على رفع القيمة المضافة للصادرات، مما كان له تداعيات إيجابية على الاقتصاد، إلا أن التقلبات المناخية والجفاف يطرحان تساؤلات حول الاستراتيجيات المستقبلية. ويطالب فيرانو الحكومة بتوضيح استراتيجيتها الفلاحية في ضوء التحديات المائية.
الحاجة إلى الحوكمة في استخدام الموارد المائية
كما يشير فيرانو إلى أن القطاع الفلاحي المغربي، على الرغم من اعتماده الكبير على التساقطات المطرية، يعد من أكثر القطاعات استهلاكًا للمياه. ويؤكد على ضرورة وجود حوكمة واضحة في استعمال المياه في الاقتصاد الفلاحي، بسبب غياب آليات الرقابة مثل شرطة المياه.
يشدد موسى المالكي، أستاذ الجغرافيا والباحث في القضايا الجيوإستراتيجية، على أهمية التنسيق بين السياسات المائية والزراعية. ويعتبر أن نجاح السياسة المائية بالمغرب يتطلب المزيد من التنسيق بين هاتين السياستين، حيث إن القطاع الزراعي يعتبر المستهلك الأول للموارد المائية بما يفوق 80%.
الحلول المقترحة لمواجهة أزمة المياه
في إطار مواجهة أزمة ندرة المياه، يتحدث المهدي الفاطمي، البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي، عن ضرورة استجابة المجتمع المغربي لهذه الأزمة. ويشدد على أهمية التعاون بين الحكومة والمجتمع ككل، مع ضرورة استخدام مياه الري بشكل عقلاني.
تدعو منظمات المجتمع المدني أيضًا إلى مراقبة حفر الآبار وترشيد استخدام مياه الشرب، حيث يجب اتخاذ خطوات عاجلة لتقنين استعمال المياه وتحديد آليات تحكم أفضل، مثل إلزام الحمامات ومحلات غسل السيارات بالإغلاق في أيام محددة.
نقد الحكومة وإجراءاتها
تثير السياسات الفلاحية التي تركز على التصدير انتقادات واسعة ضد حكومة عزيز أخنوش. فعلى الرغم من الارتفاع الكبير في الصادرات الفلاحية المغربية في السنوات الأخيرة، يعتبر الكثيرون أن ذلك جاء على حساب استنزاف الثروة المائية. وفي هذا الإطار، يدعو الخبراء إلى مراجعة الخريطة الزراعية المغربية لتكون أكثر توافقًا مع الوضعية المناخية الجديدة.
الخاتمة
إن التعامل مع قضية المياه في المغرب يتطلب استجابة شاملة من الحكومة والمجتمع، ويحتاج إلى استراتيجيات جديدة تتماشى مع الظروف المناخية والموارد المتاحة. يجب أن تكون الأولوية لصالح بناء نظام تعليمي يتماشى مع انتظارات المجتمع المغربي ويضمن استدامة الموارد المائية. المستقبل المائي للمملكة يعتمد على كيفية معالجة هذه القضية الشائكة وتوجيه الجهود نحو سياسات زراعية مستدامة.