مع كل موسم أمطار، تعود مدينة سلا إلى الواجهة ليس بإنجازات جديدة، بل بالمآسي المتكررة التي تطال ساكنتها، حيث تتحول التساقطات المطرية إلى كابوس يومي يعزل الأحياء ويكشف ضعف البنية التحتية.
هذه السنة لم تكن استثناءً، فمع أولى التساقطات الغزيرة، غرقت المدينة في الفوضى المعتادة، ووجد المواطنون أنفسهم مجددًا ضحايا الإهمال والتقصير.
واقع متردٍ وبنية تحتية هشة
شهدت عدة مناطق في سلا، من باب لمريسة إلى حي كريمة وأقواس بطانة، فيضانات مفاجئة نتيجة انسداد البالوعات وعجز قنوات الصرف الصحي عن استيعاب كميات المياه.
فأين ذهبت الميزانيات المخصصة للبنية التحتية؟ ولماذا تتكرر هذه المأساة كل عام دون حلول جذرية؟
لا يخفى على أحد أن إشكالية البنية التحتية في سلا ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج سنوات من الإهمال وسوء التدبير. إذ رغم الشكاوى المتكررة والتقارير الصحفية السابقة، يبدو أن السلطات المحلية والمجالس المنتخبة لم تستفد من الدروس الماضية، ولا تزال تتعامل مع الوضع بسياسة ترقيعية لا ترقى إلى مستوى التحديات.
المسؤولية الموزعة بين السلطات والشركات
من يتحمل المسؤولية عن هذا الوضع؟ هل هي المجالس الجماعية التي لم تضع خططًا استباقية كافية؟ أم شركة ريضال التي من المفترض أن توفر خدمات الصرف الصحي والصيانة الدورية؟
في مشاهد متكررة، وجد المواطنون أنفسهم محاصرين في منازلهم، فيما اضطرت السلطات إلى الاستعانة بوسائل بدائية لمواجهة الوضع، حيث شوهد العمال وهم يكشطون الأوحال يدوياً، في مشهد يعكس ضعف التجهيزات المخصصة لحالات الطوارئ.
إلى متى يستمر هذا العبث؟
في ظل استمرار هذه الكوارث الموسمية، يطرح المواطنون تساؤلات مشروعة: متى سيتم التعامل مع البنية التحتية لسلا بجدية؟ وهل ستظل حياة الناس وممتلكاتهم مهددة مع كل موسم مطري؟
الحلول ليست مستحيلة، ولكنها تتطلب إرادة سياسية قوية واستراتيجية واضحة لإصلاح قنوات الصرف وتحديث التجهيزات الأساسية. كما أن غياب المحاسبة الحقيقية للمسؤولين عن هذا الوضع لا يزيد إلا من تعميق الأزمة.
في نهاية المطاف، التساقطات المطرية ليست المشكلة، بل هي مجرد مرآة تعكس واقعًا مترديًا للبنية التحتية. فهل ستكون هذه السنة نقطة تحول في معالجة الأزمة، أم أن “الريم ستعود لعاداتها القديمة بلا حسيب ولا رقيب”؟