“التكتل الشعبي: البديل السياسي الجديد للمغرب في ظل تحديات الساحة السياسية”
تواجه الساحة السياسية في المغرب أزمة غير مسبوقة، أُفرزت من خلال انحباس واضح في أداء المؤسسات التقليدية، والتي كانت في الماضي الركيزة الأساسية للتأطير السياسي والاجتماعي.
ويبرز هذا العجز في العجز البنيوي في الوظائف المؤسسية للمؤسسات السياسية والنقابية والجمعوية، ما أفسح المجال لظهور مجموعة من الحركات الشعبية الهادفة إلى تصحيح المسار السياسي، وفتح آفاق جديدة نحو تحقيق إصلاحات جذرية.
أرضية سياسية جديدة تهدف لإصلاح الساحة السياسية المغربية
في خضم التحديات السياسية التي يواجهها المغرب اليوم، يتسارع الصراع السياسي بين القوى التقليدية في المشهد الحزبي. هذا الواقع، الذي يتسم بانحباس سياسي غير مسبوق، يعكس تراجعًا في دور المؤسسات السياسية والنقابية والاجتماعية في التأطير والتمثيل. من أبرز تجليات هذا التراجع، نجد ضعف الوساطة السياسية وضعف الأداء المؤسسي على كافة الأصعدة، سواء التنفيذية أو المنتخبة، مما فتح المجال لنمو “القطاع السياسي غير المهيكل” وتأطير عشوائي يفقد المؤسسات قوتها.
هل غياب التأطير المؤسساتي يُهدد السلم الاجتماعي والأمن الاستراتيجي؟
النظام السياسي الحالي يعاني من معضلة واضحة: غياب التنسيق بين مسارات العمل الحزبي والنقابي وبين التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة. هذا الوضع يفاقم مسافات التوتر بين المواطن والمؤسسات، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للإنجازات التي حققها المغرب في مجالات الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي.
يظهر أن السياسة الحزبية اليوم بحاجة إلى تجديد شامل، مع ضرورة التفكير في حلول مبتكرة لمعالجة هذه التحديات الكبرى. لذلك، يأتي “التكتل الشعبي” ليكون بمثابة استجابة لهذا الفراغ، والذي يرمي إلى إعادة الحياة إلى السياسة المغربية عبر تكتل يجمع القوى السياسية المتنوعة في إطار مشترك.
أولًا: أسس ومنطلقات التكتل الشعبي
تُظهر التجربة السياسية الراهنة في المغرب انحسارًا حادًا في الدور الذي لعبته الأحزاب والنقابات والجمعيات في التأطير الاجتماعي والسياسي، حيث أصبحت العديد من هذه المؤسسات عاجزة عن تلبية حاجات المجتمع أو التعبير عن تطلعاته. ما أدى إلى ظهور مجموعة من الحركات الشعبية الهادفة إلى تصحيح المسار السياسي، وفتح آفاق جديدة نحو تحقيق إصلاحات جذرية.
ويكمن التحدي الأكبر في التوفيق بين الديناميكيات السياسية الداخلية، وبين التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة في البلاد.
أين تكمن أسباب هذا التراجع؟ وهل يمكن للفراغ السياسي الحالي أن يصبح حافزًا لظهور أطر سياسية جديدة؟
هذا الوضع يدعو إلى ضرورة فتح الباب لمبادرات جديدة، وإعادة تأهيل السياسة المغربية من خلال تطوير سياسات جديدة قائمة على الأفكار المبدعة والمختلفة، لا على الأرقام والمناصب.
لذلك، قدم التكتل الشعبي نفسه كبديل سياسي قائم على الوحدة والعدالة الاجتماعية. تأسس التكتل بعد دراسة دقيقة لمسار الأحزاب السياسية، مع أخذ الاعتبار إلى خلفية تاريخية بدأت مع حركة التعددية السياسية في فترة الاستقلال. وأبرزت هذه الحركة ضرورة خلق حركة شعبية تأخذ على عاتقها إزالة هيمنة الحزب الواحد.
هل يستطيع التكتل الشعبي إعادة الوهج للعمل السياسي في المغرب؟
النشوء الحالي للتكتل الشعبي يعكس ضرورة ملحة لإعادة هيكلة المشهد السياسي. التكتل لا يمثل فقط بديلاً سياسياً عن الوضع الراهن، بل يسعى لتحقيق وحدة الهدف قبل وحدة الصف، ويؤكد على الاستثمار في المساحات المشتركة بين مختلف الفئات السياسية والمجتمعية.
التكتل يتجاوز التصنيفات السياسية التقليدية، محاولًا تشكيل رؤية جديدة قائمة على التنوع في الوحدة، مما يعكس التزامه بتحقيق مشروع مجتمعي ديمقراطي وتنموي. ويعتبر التكتل أن هذا المشروع يجب أن ينطلق من تربة مغربية أصيلة، قادرة على تجاوز التشرذم الحزبي وبناء حكومة أكثر تمثيلية وشمولية.
ثانيًا: مرجعيات وأهداف التكتل الشعبي وآليات العمل المشترك
تسعى المبادرة الجديدة إلى إعادة إحياء دور الأحزاب السياسية في بناء دولة الحقوق والمؤسسات، وتوطيد الالتزام الوطني والاعتزاز بالثوابت الوطنية. ويركز التكتل على مجموعة من الأهداف:
-
تحصين ثوابت الأمة ومقدساتها: يؤكد التكتل على ضرورة الحفاظ على الثوابت الوطنية من الملكية الدستورية، التي تضمن وحدة واستقرار المغرب، إلى الدين الإسلامي الحنيف الذي يعزز من قيم الوسطية والتسامح. كما يلتزم بحماية الوحدة الوطنية والترابية، التي تُعتبر أساسًا لسيادة المغرب واستقلاله.
-
تفعيل أدوار الأحزاب والقوى المجتمعية: التكتل لا يسعى فقط إلى بناء هياكل سياسية جديدة، بل يأمل في تفعيل دور الأحزاب السياسية، وتعزيز مشاركتها الفاعلة في اتخاذ القرارات الكبرى في البلاد. فهل يكمن الحل في إعادة صياغة علاقة هذه الأحزاب بالقوى المجتمعية الأخرى مثل النقابات والجمعيات؟
-
إعادة التوازن بين التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمشاركة السياسية: يهدف التكتل الشعبي إلى بناء جسور قوية بين العمل السياسي والمجتمعي، من خلال تفعيل الآليات التي تعزز المشاركة السياسية والتفاعل بين المواطنين والمؤسسات السياسية. ولكن هل سيكون لهذه الجهود تأثير حقيقي في إعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات السياسية؟