التمثيلية النسائية بين “الكوطا” والشرعية الدولية: أسئلة الديمقراطية المؤجلة

0
267
صورة: أرشيف

مع اقتراب استحقاقات 2026 التشريعية، يطفو من جديد ملف إصلاح القوانين الانتخابية إلى سطح النقاش السياسي المغربي، حيث وضعت وزارة الداخلية والأحزاب السياسية تعزيز التمثيلية النسائية في مجلس النواب كأولوية على طاولة المشاورات. وفي المقابل، جرى استبعاد لائحة الشباب بحجة تقنية تتعلق بسقف السن، أما مغاربة العالم فبقوا كعادتهم خارج الحسابات، وكأن السياسة محرمة عليهم بينما تحويلاتهم المالية حلال ومرحب بها.

هنا يطرح السؤال الجوهري: هل نحن أمام إصلاح انتخابي حقيقي يستجيب لحاجات المجتمع، أم أمام إعادة تدوير لنفس الأدوات لغايات مرتبطة بالصورة الخارجية للمملكة أكثر مما هي مرتبطة بدمقرطة الداخل؟

الكوطا النسائية: إنصاف دستوري أم استجابة دولية؟

المدافعون عن آلية “الكوطا” يرونها إجراءً دستورياً يترجم مبدأ المناصفة ويُنصف نصف المجتمع. خديجة الزومي، منسقة ائتلاف المنظمات الحزبية النسائية، تعتبر أن الأمر ليس “هبة” بل “حق” دستوري يضمن مشاركة النساء في صناعة القرار.

لكن، أليس من المشروع التساؤل: إذا كانت الكوطا تعبيراً عن العدالة الدستورية، فلماذا تظل مشاركة النساء في المؤسسات المنتخبة ضعيفة وغير مؤثرة بعد أكثر من عقدين من اعتمادها؟ هل يكفي إذن رفع الأرقام لإقناع الداخل والخارج بأن الديمقراطية المغربية تتقدم؟

قراءة نقدية: بين الداخل والخارج

رشيد لزرق، المحلل السياسي، يربط النقاش بسياقين:

  • سياق داخلي: محدودية الإصلاحات السابقة، حيث بقي حضور النساء هامشياً.

  • سياق خارجي: الضغوط المتزايدة من شركاء المغرب الدوليين، خصوصاً الاتحاد الأوروبي والمنظمات الأممية، التي تضع مؤشرات المساواة ضمن مقاييس الديمقراطية.

وهنا يطرح سؤال آخر: هل المغرب بصدد بناء ديمقراطية للداخل أم بصدد تجميل الواجهة لتفادي الانتقادات الدولية؟

مغاربة العالم: الغائب الحاضر

المفارقة الكبرى أن مغاربة العالم، الذين يعتبرون ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، يظلون خارج المعادلة السياسية. فكيف نفسر أن تحويلاتهم تعد “شرياناً حيوياً” للمالية العمومية، بينما مشاركتهم في صنع السياسات الوطنية تبقى ممنوعة أو مؤجلة؟ أليس هذا تمييزاً صارخاً يفرغ الخطاب عن المواطنة الكاملة من مضمونه؟

ما بين التقنية والسياسة

إذا اقتصر النقاش على زيادة مقاعد النساء عبر الكوطا، فإن الأمر لا يعدو أن يكون ترتيباً تقنياً يخدم هاجس الشرعية الخارجية. أما إذا جرى تحويل الكوطا إلى مدخل لإصلاح ثقافة الأحزاب وبروز قيادات نسائية حقيقية، فحينها فقط يمكن الحديث عن رافعة لتعزيز الديمقراطية الداخلية.

لكن السؤال الأكثر إلحاحاً يبقى: هل تمتلك الدولة والأحزاب الإرادة السياسية لتحويل المناصفة من شعار انتخابي إلى ممارسة يومية داخل الأحزاب والمؤسسات؟ أم أن الأمر سيظل مجرد إعادة إنتاج للتبعية الرمزية، حيث تُمنح المقاعد للنساء بنفس الطريقة التي تُغلق بها الأبواب أمام الشباب ومغاربة العالم؟