تعيش الجبهة الانفصالية أزمة داخلية وسط صراع نفوذ بين قياداتها، فيما تتعالى أصوات معارضة من داخل مخيمات تندوف (المحتلة) منددة بتدهور الأوضاع الاجتماعية والصحية،الذي يتابع العلاج من تبعات إصابته بفيروس كورونا في الجزائر بعد عودته من اسبانيا في الأشهر القليلة الماضية، صراع أجنحة يبدو مبكرا على خلافته، بينما تعيش الجبهة أزمة داخلية مع شغورا في عدة مناصب بسبب وفاة عدد من المسؤولين.
وتشير الأزمة الحالية إلى أن الجبهة الانفصالية قد لا تكون جاهزة لمواكبة العملية السياسية التي من المتوقع أن تنطلق قريبا بعد تعيين الأمم المتحدة مبعوثا خاصا جديدا للصحراء المغربية.
فيما تشير تقارير متطابقة إلى وجود حالة من الاحتقان في مخيمات تندوف التي وصلها غالي نهاية الأسبوع بعد طول غياب بسبب مرضه، حيث تعالت أصوات معارضة من داخل المخيمات منددة بحالة جمود السياسي لنحو نصف عام.
وبحسب تقرير نشره موقع هسبريس الإخباري المغربي اليوم الاثنين، فإن عددا من الناشطين الصحراويين انتقدوا بشدة في منشورات تفاعلية على مواقع التواصل الاجتماعي حالة الانسداد الناجمة عن اختزال كل السلطة في شخص إبراهيم غالي.
واستنكر هؤلاء تنامي ما وصفوه بصراح الأجنحة داخل الجبهة بين القيادات العسكرية على خلافة غالي الذي يبدو بدوره غير قادر على السيطرة على الوضع مع تقدمه في السن ووضعه الصحي، فالرجل لا يزال يتلقى العلاج بمستشفيات الجزائر بعد رحلة علاج في اسبانيا وهي الرحلة السرية التي فجرت أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد.
ويشير مضمون منشورات نشطاء صحراويين إلى أن عودة غالي الأخيرة إلى مخيمات تندوف، لن تخرج الجبهة من دوامة الأزمات والصراعات ولا حتى قدرته هو ذاته على حلحلة الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للكيان غير الشرعي الذي تدعمه الجزائر.
وكانت تقارير إعلامية سابقة قد سلطت الضوء على تدهور الأوضاع في مخيمات تندوف خاصة مع انتشار الأمراض ونقص الأدوية وغياب الرعاية الصحية بعد أن تسببت إجراءات الإغلاق الدولية والحجر الصحي بفعل تفشي فيروس كورونا في اضطراب الإمدادات الطبية والغذائية الموجهة لسكان المخيمات من قبل منظمات دولية.
ونقلت ‘هسبرس’ عن الخبير القانوني والباحث في الشأن الإفريقي عبدالفتاح الفاتحي قوله إن “مخيمات تندوف تحولت إلى مرجل يغلي بمختلف المشكلات الاجتماعية والسياسية والتدبيرية، لا سيما في ظل غياب إبراهيم غالي لفترة طويلة، حيث استأسدت شخصيات من القيادات العسكرية والسياسية، فساءت الأوضاع الاجتماعية أكثر من أي وقت مضى”.
وتابع “الوضع الحالي صعّب مهمة الرجل المريض لإعادة التوازن إلى الطموحات الشخصية في ما بين القيادات المتناحرة على المناصب الشاغرة التي توفي أصحابها أو التي بدا تغييرها مطلوبا، لأن علاج حالة الفوضى والغليان السياسي التي تعيشها المخيمات يقتضي في بعض الحالات عملية جراحية قد تكون مؤلمة للاستقرار السياسي” للكيان غير الشرعي الذي يكابد لاستعادة بعض من توازنه.
ورأى الفاتحي أن عودة غالي لمخيمات تندوف تأتي على ما يبدو ضمن محاولة عاجلة لتنقية الأجواء وتهدئة التوترات بين القيادات النافذة وهو عودة تتزامن مع تعيين الأمم المتحدة لستيفان دي ميستورا مبعوثا خاصا للصحراء.
وثمة خلافات كبيرة بين القيادات النافذة داخل البوليساريو حول النهج السياسي الداخلي والخارجي المتعلق بنزاع الصحراء الذي يفترض أن تتبعه الجبهة على ضوء ما استجد بعد تعيين دي ميستورا.
وكشف غياب غالي عن فراغ كبير داخل الجبهة وغياب للتناغم بين قياداتها على اعتبار أن الكيان غير الشرعي المسمى ‘الجمهورية العربية الصَحراوية الديمقراطية’ التي تفككت أحزمة دعمها الخارجية قائم على المصالح والنفوذ لا على رؤية ومشروع سياسي ذاتي بقدر ما هو مشروع مدفوع جزائريا ووفقا لحسابات الجارة الشرقية للمغرب.
وفي ظل حالة الاضطراب الداخلي، يقول الخبير القانوني والباحث المغربي في الشأن الإفريقي عبدالفتاح الفاتحي، إن قيادات الجبهة فقدت تأثيرها ودورها داخل مخيمات تندوف، ما دفع شقا من الصحراويين المحتجزين في تندوف لممارسة أنشطة غير مشروعة من التهريب إلى الالتحاق بصفوف الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل والصحراء.