“التوظيف الوهمي وغياب الموظفين: تدهور الحوكمة في جماعة الرباط تحت المجهر”

0
185

“خروقات بالجملة في تعيينات المناصب العليا: هل فقدت جماعة الرباط الشفافية؟”

أثار تقرير حديث للمجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط ـ سلا ـ القنيطرة، أشار له موقع “نيشان” المغربي، عاصفة من التساؤلات حول مدى التسيب المالي والإداري في جماعة الرباط خلال فترة الرئيسة السابقة، أسماء أغلالو. التقرير كشف عن مجموعة من الاختلالات التي تتعلق بإدارة الموارد البشرية وصرف الأجور، ما يعكس تدهورًا مقلقًا في منظومة الحوكمة داخل الجماعة.

المال العام: ضحية التسيب الإداري؟

من أبرز ما جاء في التقرير هو صرف الأجور لستة موظفين متقاعدين ومتوفين حتى نهاية فبراير 2023، إضافة إلى استفادة 77 موظفًا من رواتبهم دون إدراجهم في لائحة الموظفين المدلى بها من قبل الجماعة. كيف يمكن تفسير هذا الإهمال الصارخ في إدارة الموارد البشرية؟ وكيف يتم صرف الأموال العامة دون رقابة صارمة على مدى سنوات؟

الحديث عن “المال العام” يصبح هنا أكثر من مجرد شعار؛ بل هو محور أساسي لتساؤلات عديدة حول المسؤولية والمحاسبة. لماذا تُصرف الأموال بشكل غير مشروع، ولماذا لا يوجد أي إجراء فعال لضمان استرداد تلك المبالغ؟

غياب المحاسبة: إلى متى يستمر التسيب؟

ما كشفه التقرير عن عدم قدرة الجماعة على ضبط عدد موظفيها، حيث تم تسجيل تفاوت بلغ 216 موظفًا بين اللائحة المقدمة من الجماعة وقائمة الرواتب من الخزينة، يثير تساؤلًا كبيرًا: أين كانت الجهات الرقابية؟ وإذا كانت الجماعة غير قادرة على توفير لائحة دقيقة لموظفيها، فما هي الآليات التي تحمي المال العام من التسيب؟

أضف إلى ذلك، التقرير يُظهر أن الجماعة لم تتخذ أي إجراءات تأديبية ضد المتغيبين عن العمل دون مبرر، حيث بلغت الرخص الطبية المشكوك فيها حوالي 1540 خلال أربع سنوات. ما الذي يمنع الجهات المسؤولة من اتخاذ إجراءات صارمة لضمان التزام الموظفين بمهامهم؟

المحاسبة والمسؤولية: هل هي مجرد حبر على ورق؟

من خلال التقرير، يظهر أن عددًا كبيرًا من الموظفين كان يتمتع بامتيازات غير مستحقة، مثل سيارات الجماعة، دون مبرر قانوني. كيف يمكن تفسير هذا الوضع؟ ولماذا لا تربط المسؤولية بالمحاسبة في مثل هذه الحالات؟

إذا كانت القوانين واضحة بشأن التعويضات والشروط المرتبطة بها، لماذا يتم التغاضي عن تطبيقها؟ ولماذا يُسمح لمسؤولين جدد بالاستفادة من مزايا غير مستحقة دون حسيب أو رقيب؟

مفارقات في التعيينات والمناصب: هل هناك شفافية؟

التقرير لم يقتصر على الأمور المالية فقط، بل امتد ليكشف عن خروقات في تعيينات المناصب العليا بالجماعة. يُشير التقرير إلى تعيين أشخاص في مناصب مسؤولية دون استيفائهم للشروط القانونية، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول مدى نزاهة وشفافية هذه التعيينات.

كيف يمكن قبول مترشحين لا يستوفون الشروط القانونية بينما يُقصى آخرون؟ وما الذي يمنع من توفير تقارير شفافة حول مقابلات الانتقاء وإجراءاتها؟

أسئلة تحتاج إلى إجابات: من المسؤول؟

التقرير أثار العديد من التساؤلات حول غياب المحاسبة والرقابة داخل جماعة الرباط. من يتحمل المسؤولية عن هذه التجاوزات؟ ولماذا لا يتم تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة بشكل صارم لضمان عدم تكرار هذه الخروقات؟

من غير المقبول أن تُترك الأمور دون محاسبة حقيقية. يجب أن يُحاسب المسؤولون، وأن تتخذ إجراءات صارمة لضمان احترام القوانين وحماية المال العام.

هل هناك إرادة حقيقية للإصلاح؟

الحديث عن التسيب المالي والإداري في جماعة الرباط يطرح تساؤلًا أكبر: هل هناك إرادة حقيقية للإصلاح؟ أم أن الأمر مجرد كلام على ورق يُنشر في تقارير دون تأثير فعلي على الواقع؟

إذا كانت هذه التجاوزات مستمرة دون محاسبة، فإن ذلك يُشير إلى مشكلة أعمق في النظام الإداري والرقابي بالمغرب. ما الذي يمنع من تفعيل آليات المحاسبة بفعالية؟ وهل سيستمر الوضع على ما هو عليه حتى يرث الله الأرض ومن عليها؟

خاتمة

تقرير المجلس الجهوي للحسابات يعكس صورة قاتمة عن التسيب المالي والإداري في جماعة الرباط. الأسئلة المطروحة تحتاج إلى إجابات واضحة وصريحة. يجب أن يُحاسب كل من تورط في هذه التجاوزات، وأن يتم تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة بجدية لضمان عدم تكرار مثل هذه الخروقات في المستقبل. المسؤولية لا يجب أن تكون مجرد حبر على ورق، بل واقعًا ملموسًا يحمي حقوق المواطنين ويحافظ على المال العام.