الجامعات المغربية: إلغاء امتحانات الماستر… بين شعارات الإصلاح واستمرار أعطاب الدكتوراه

0
239

أثار قرار وزارة التعليم العالي اعتماد الانتقاء بالملفات بدل المباريات لولوج سلك الماستر نقاشًا واسعًا داخل الأوساط الجامعية المغربية. القرار، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 7430 بتاريخ 14 غشت 2025، يهدف – بحسب الوزارة – إلى تعزيز الشفافية وتوسيع قاعدة الاستحقاق، لكن سرعان ما انقسمت الآراء بين مؤيد يرى فيه وسيلة لتجفيف منابع الفساد، ومعارض يعتبره وصفة جديدة لإعادة إنتاج اللاعدالة.

بين المساواة الشكلية والعدالة الغائبة

عدد من الأساتذة الجامعيين رحّبوا بالقرار معتبرين أن المباريات كانت مصدرًا لشبهات متكررة. في المقابل، يرى باحثون آخرون أن الاعتماد على المعدلات وحدها لا يحقق العدالة، بسبب اختلاف أنظمة التنقيط بين الكليات: فبينما يحصل طالب في كلية على معدل 15/20 بسهولة، لا يتجاوز طالب آخر 12/20 رغم جهده المماثل.

هل تكفي خطوة الماستر؟

إذا كان القرار الجديد يَعِدُ بتبسيط مسار الماستر، فإن الإشكال الأكبر يظل في الدكتوراه. هنا يتحدث أساتذة عن منطقة رمادية ظلّت لعقود موضوع شكاوى حول الانتقاء، تشكيل اللجان، تضارب المصالح، وصعوبة ولوج هذا السلك دون “علاقات أكاديمية” أو “انتماءات” لمختبرات بعينها. ورغم أن دفاتر الضوابط الجديدة لسلك الدكتوراه تتحدث عن تكوينات إلزامية وضبط الآجال والجودة، إلا أن آلية الولوج ما تزال محل تساؤلات جوهرية.

أسئلة معلّقة

  • كيف يمكن توحيد معايير الانتقاء بين الجامعات المختلفة؟

  • هل سيتم إحداث بوابة وطنية موحدة تضمن الشفافية والعدالة في قبول ملفات الدكتوراه؟

  • ما الضمانات الحقيقية لدرء تضارب المصالح داخل اللجان؟

  • وهل سيُتاح للطلبة حق الطعن أو التظلّم بآجال واضحة؟

إصلاح مؤجل أم بداية تحول؟

إلغاء امتحانات الماستر قد يشكل خطوة في اتجاه إصلاح المنظومة الجامعية، لكنه يظل ناقصًا إذا لم يمتد إلى الدكتوراه، حيث يتجسد الاختبار الحقيقي للعدالة الأكاديمية. الإصلاح لا يُقاس بالشعارات، بل بمدى قدرة المنظومة على تحويل الشفافية إلى ممارسة يومية: معايير واضحة، محاضر منشورة، بيانات مفتوحة، وحق تظلّم فعلي.

الدكتوراه: الاستثناء المقاوم للتغيير

الوضع يختلف تمامًا في سلك الدكتوراه. فشروط الولوج ما تزال غامضة في كثير من الجامعات، ومبنية على علاقات شخصية أكثر من اعتمادها على التنافس الأكاديمي. عدد المقاعد محدود جدًا مقارنة بالإقبال المتزايد، بينما معايير الانتقاء لا تزال تدور في فلك “المعارف” و”الحظوة”، أكثر مما تستند إلى الكفاءة البحثية. والنتيجة: شعور متنامٍ بالإحباط لدى الطلبة، واتهامات صريحة بأن الدكتوراه صارت “امتيازًا محروسًا” لا استحقاقًا علميًا.

بين وصفة الإصلاح وإعادة إنتاج الفساد

المفارقة التي تطرح نفسها اليوم: هل الإصلاحات في الماستر مجرد واجهة لتجميل الصورة؟ وهل سيبقى سلك الدكتوراه محمية مغلقة لا يصل إليها إلا من يمتلك مفاتيح غير علمية؟ إن الخوف الأكبر أن تتحول جهود الإصلاح إلى مجرد “وصفة لإعادة إنتاج الفساد” بدل اجتثاث جذوره.

معلومات جانبية

ما الذي تغيّر في الماستر؟

  • اعتماد منصة رقمية موحّدة للترشيحات.

  • تقليص نفوذ العلاقات المباشرة في الانتقاء.

  • بداية شعور بالشفافية وإن كان نسبيًا.

ما الذي لم يتغيّر بعد في الدكتوراه؟

  • استمرار هيمنة المعايير غير المعلنة.

  • نفوذ العلاقات الشخصية على حساب الكفاءة.

  • محدودية المقاعد دون رؤية إصلاحية واضحة.

سؤال مفتوح

يبقى السؤال معلقًا: هل تستطيع وزارة التعليم العالي أن تذهب في إصلاحاتها إلى أبعد من الماستر لتطال الدكتوراه أيضًا، أم أن الأمر سيظل “خطًا أحمر” تحرسه شبكات المصالح داخل الجامعة؟

خلاصة مهنية

القرار يفتح بابًا لنقاش واسع حول العدالة في التعليم العالي، لكنه يثير في الآن ذاته شكوكًا حول كيفية تنزيله. وما لم تُعالج “المنطقة الرمادية” في الدكتوراه، فإن الجامعة ستبقى عالقة بين رغبة في الإصلاح وواقع يعيد إنتاج الاختلالات القديمة.