الجامعي : عودة المنظومة الأمنية للدولة بــ “الأساليب القديمة من قمع وعنف بعد استنفاذ الوسائل الناعمة لمفعولها”

0
261

تعتبر السلطات المغربية “العدل والإحسان” جماعة “محظورة”، فيما تقول الأخيرة إنها حصلت على ترخيص رسمي في الثمانينات.

الرباط – يذهب الصحفي أبوبكر الجامعي في لقاء مع “قناة الشاهد” لجماعة “العدل والإحسان” (المحظورة) إلى القول بأن أهمية الطرح الذي تدفع به جماعة “العدل والإحسان” وحزب “النهج الديمقراطي” بعدم المشاركة في الانتخابات، والإيمان بعدم جدوى التغيير من داخل المؤسسات لم يفشل، بعد النكسة التي تعرض لها حزب “العدالة والتنمية”.

وقال الجامعي، الذي كان يتحدث في الندوة المباشرة التي نظمتها قناة الشاهد تحت عنوان: “المشهد السياسي المغربي بعد انتخابات الثامن من شتنبر 2021” مساء الأربعاء 29 شتنبر 2021، أن حزب “العدالة والتنمية” لم يفهم أن النظام المغربي لن يقبل بأن نجاح الإصلاحات يأتي على أيدي أي حزب لديه قليل من التجذر الشعبي.

وأضاف” لهذا لم تقبل السلطة بالشق الثاني من برنامج إصلاح صندوق المقاصة، والخاص بتقديم مساعدات مباشرة إلى المواطنين المحتاجين في عهد حزب العدالة والتنمية”.

وأبرز  الجامعي أنه سابقا فهمت النخب المخزنية أن سلاح التعسف لوحده لا يجدي، ولذلك لجأت إلى فكرة التناوب التوافقي الذي سيوصل للحكومة وليس للحكم”.

وفي هذا السياق ، قال أن من  بين الأخطاء التي يتم ارتكابها عند الحديث عن المخزن، لم تجد المنظومة الأمنية للدولة، في نظره، سوى العودة للأساليب القديمة المكلفة لها من قمع وعنف بعد استنفاذ الوسائل الناعمة لمفعولها، داعيا إلى الاستثمار في الآليات الدولية لدفع النظام السياسي نحو الدمقرطة واحترام حقوق الإنسان، رغم ما يبدو عليه السياق الدولي من موالاة للأنظمة الاستبدادية.

وحول سؤال مدى إجهاز الانتخابات الأخيرة على الإسلام السياسي باعتباره المستهدف الحقيقي وليس فقط حزب العدالة والتنمية، تحفظ الجامعي من توظيف هذا مصلح “الإسلام السياسي” في السياق المغربي، خاصة وأن رأس النظام السياسي الذي هو الملكية هي تعبير كذلك على هذا المدلول باستحضار هيمنة إمارة المؤمنين على الحقل السياسي بنص الدستور وخارجه، مضيفا أن إثارة مثل هذه المصطلحات في السياق المغربي هو لخلط الأوراق ليس إلا، وما لم تفهمه العدالة والتنمية في رهانها على المشاركة داخل مؤسسات النظام السياسي أن هذا الأخير لم يكن ليقبل بسياسات إصلاحية لم يكن هو مصدرها الوحيد بغض النظر عن مرجعية الحزب الذي ينافسه فيها.

وبخصوص الهزيمة القاسية والمدوية التي تلقاها حزب العدالة والتنمية، يرى الجامعي، يجب العودة  إلى  تجربة التناوب في نهاية التسعينات التي تتقاطع نهايتها مع ما أفرزته انتخابات 8 شتنبر الأخيرة، وخلاصته أن الملكية تسعى دائما إلى تقاسم إخفاقات سياساتها مع أطراف أخرى خاصة تلك التي لا تزال تتمتع بجزء من المصداقية، ثم التخلص منها بعد ذلك بطريقة فجة وانتقامية بمنطق يعكس عدم نضج نخب النظام السياسي، وهذا ما يجعل النظام السياسي يسير، في نظره، بصورة فائقة نحو “الاصطدام بالحائط”، مؤكدا أنه لا يرى مؤشرات يمكن أن توحي أن هناك بصيص أمل لإمكانية تعقل نخب النظام السياسي وايقاف هذا التغول السلطوي.

 لذا  أصبح العمل بـ ”التناوب التوافقي وبعبد حقبة  الرحمان اليوسفي وتم السماح لحزب الاتحاد الاشتراكي بالوصول إلى الحكومة، والقيام بإصلاحات لا تريد الملكية أن تحمل لوحدها عبأها”، موضحا أن التجربة تكررت أيضا مع حزب “العدالة والتنمية”.

مضيفاً أن ” معضلة الإصلاح تخضع لعملية ” رابخ أو خاسر” ولكن الأهم هو أن يجتاز البلد الفترات الصعبة وينجح في الخروج من النفق، ولهذا مرر النظام تلك الفترة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.

وأكد الجامعي أن الإطاحة بحزب “الاتحاد الاشتراكي” جاءت مع فترة جلالة الملك محمد السادس وليس في حكم الراحل الحسن الثاني الذي فهم أن الحزب يجب أن تبقى له القليل من المصداقية لتمرير الإصلاحات”.

وأضاف ” لكن مع العدالة والتنمية فإن المخزن لم يوصل هذا الحزب للحكومة بل رياح الربيع العربي وما حصل سنة 2011، وبالتالي كان مرغما على القبول به”.

وشدد الجامعي على أن الفكرة الإصلاحية التي كانت مع النخب المخزنية القديمة تبخرت، وحدث تغيير في طريقة تعامل الملكية مع الفئات الأخرى سواء من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني، ووقع استيلاء على جميع أماكن اتخاذ القرار.

وعن سؤال وجود أمل وسط ما يقع ويقع في السياق المغربي، أكد الجامعي أن “التفاؤل ضرورة” خاصة ما حملته السنوات الأخيرة من بروز مفاجئات عدها الجامعي “سارة” بالنسبة له وعلى رأسها بزوغ طاقة تعبوية كبيرة بدأت مع حركة 20 فبراير واستمرت مع حراكات قوية على غرار حراك الريف، والتي لم يملك النظام السياسي غير استعمال وسائل التعسف لمواجهتها، وهذا دليل في تصوره، أننا أمام شعب لا ينبطح أمام هذا الأخطبوط التعسفي. وما زاده أهمية، يضيف الإعلامي، أنه بزوع سلمي ومعقلن ومسؤول وهذا ما يشكل خزانا مهما في رصيد التغيير المستقبلي خاصة مع ارتفاع منسوب الذكاء الشعبي بفعل تطور وسائل التواصل الحديثة، يضيف.

وبالمقابل لم تجد المنظومة الأمنية للدولة، في نظره، سوى العودة للأساليب القديمة المكلفة لها من قمع وعنف بعد استنفاذ الوسائل الناعمة لمفعولها، داعيا إلى الاستثمار في الآليات الدولية لدفع النظام السياسي نحو الدمقرطة واحترام حقوق الإنسان، رغم ما يبدو عليه السياق الدولي من موالاة للأنظمة الاستبدادية.

واشار إلى أن  ” أحداث سنة 2011 كانت بمثابة صفعة للمخزن، لكن مع ذلك ومع الأسف المخزن الجديد لم يعد متشبثا بفكرة أن استمرارية المؤسسة الملكية مرتبطة بالإصلاجات”.

وأضاف ” عندما يكون عندك نظام مبني على الأشخاص وعلى الحكم الفردي الأدوات التحليلية التي تحتاجها لكي تفهم ما يقع في البلاد لا تتطابق مع الأدوات التي تتيحها العلوم السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية، بل مع الأدوات النفسية والمزاجية”.

وأكد الجامعي أن كل من يفهم في الأرقام الاقتصادية والاجتماعية يدرك أن حالة البلاد مزرية، ومن يطبخ كل هذه المصائب التي يعشيها المغرب يسير بنا نحو الحائط بسرعة فائقة، لذلك نحتاج إلى نخبة من داخل النظام تقول إن الطريق الذي نسير فيه غير سوي، وأن تكون هناك محاسبة.

وتلقى حزب العدالة والتنمية المغربي ذو المرجعية الإسلامية، هزيمة قاسية، في الانتخابات التي جرت، الأربعاء 8 من سبتمبر/أيلول، على أيدي خصومه السياسيين وفي مقدمتهم حزب التجمع الوطني للأحرار.

وحصل حزب العدالة والتنمية على 13مقعدا برلمانيا مقارنة بـ 125 مقعدا في الانتخابات التشريعية السابقة. كما فشل أمينه العام ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، في تأمين مقعد نيابي له.

وقدمت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية استقالتها ودعت إلى عقد مؤتمر استثنائي.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات المغربية نحو 50.35 في المئة.

وأفاد بيان لوزارة الداخلية، بفوز حزب التجمع الوطني للأحرار بالانتخابات التشريعية بعدد 102مقعد. ويترأس الحزب الفائز عزيز أخنوش، الذي يوصف بأنه مقرب من القصر وصديق للملك.

الظاهر في سلوك الجماعة السياسي منذ رحيل الشيخ عبد السلام ياسين أنها تحرص على تطويق محاور التوتر مع السلطة، وتجمد كل تكتيكاتها السابقة في التموقع في بؤرة الصراع الاجتماعي، لكن ما يخفى هو الكيفية التي تدير بها صراعاتها وتوتراتها الداخلية، فثمة تيار داخل الجماعة، يؤمن بالخط الياسيني بشكل أرثودوكسي، ولا يقبل إحداث أي تغيير فيه، ولو بشكل عملي، وهو يشترط وجود الشيخ المرشد، بذات الأدوار التربوية والروحية، التي كان الشيخ ياسين يقوم بها، بل ويطلب بعض أطيافه إجراء تقييم شامل للمسار السياسي للجماعة، والأخطاء التي ارتكبتها من جراء وضع البيض كله في كفة السياسة، وإخلاء الثغر التربوي، وإضعاف جلسات النصيحة، التي راهنت عليها الجماعة لبناء التربية الإيمانية.

وثمة في المقابل، نخب وسطى (من الطبقة الوسطى وأطر الجماعة)، براغماتية، أصبحت تعتقد أن إرث الشيخ ياسين، يحول دون تقدم الجماعة سياسيا، وأنه، من الأفضل التعاطي معه بشكل عملي، من خلال قيادة براغماتية، تهدئ جبهة الصراع مع السلطة، وتبقي على وحدة الجماعة، باللعب على خطين، خط الانكفاء التربوي الذي يرضي التيار الياسيني الحرفي، والصمت السياسي، الذي يرضي الطرفين: التيار الياسيني التربوي الذي ينتقد التضخيم السياسي في عمل الجماعة، والنخب البراغماتية، التي تعتبر الصمت في هذه المرحلة أفضل بكثير من إحماء جبهة الصراع مع السلطة السياسية. أي أنه يمارس المراجعة العملية لخط الشيخ، ويظهر الصرامة الفكرية في عدم الانزياح عنها.

ولذلك، فالتقدير أن صمت “العدل والإحسان” إذا تم النظر إليه في سياق تحولي، أي بمقارنة مع ما دأبت عليه الجماعة من إظهار مواقفها، والحضور الإعلامي الكثيف، والتموقع في صلب التوترات الاجتماعية، فهو يعكس تدبيرا داخليا للأزمة، وتحولا إيجابيا في العلاقة بالسلطة.

قيادة العدل والإحسان، تدرك أن خط الشيخ ياسين، حقق ذروته في مرحلة ابتلائه السياسي، أي مرحلة إدخاله لمستشفى المجانين، ثم مرحلة اعتقال مجلس الإرشاد، والإقامة الجبرية للشيخ ياسين، وأن المنحنى التنازلي للجماعة بدأ مع رسالة “إلى من يهمه الأمر”، وتعمق مع فشل رهان رؤية 2006، وأن كل الجهود التي قامت بها الجماعة، لامتصاص الأزمة، فشلت، وأن منسوب استقطابها وتمددها، قد وصل إلى مستويات متدنية، وأن اللحظة التي قدرت فيها الجماعة أنها ستعيد الوهج والألق لخطها (أي مرحلة الحراك) ارتدت إلى العكس، بعد انسحاب الجماعة من مكونات الحراك، وفقدانها لصورتها، وأن وفاة الشيخ ياسين لم تكن صدمة لها، بل إيذانا بدخول براديغمها الحركي إلى دائرة الشك والمساءلة، إن لم نقل بلوغه إلى منتهاه.

 

 

 

 

 

https://www.aljamaa.net/ar/185327/ذ-الجامعي-انتخابات-8-شتنبر-أجهزت-على-خي/