الجريمة التي هزّت فرنسا: قاتل مسلم في مسجد يُسلم نفسه

0
96

فرار قاتل مصلٍّ إلى إيطاليا: جريمة كراهية تكشف قلق فرنسا الخفي

في واقعة صادمة أعادت إلى الواجهة مخاوف تصاعد الكراهية الدينية في أوروبا، سلّم المشتبه به في مقتل الشاب المسلم أبوبكر سيسيه، نفسه إلى الشرطة الإيطالية بمدينة بيستويا، في مشهد درامي يعكس تطور مسار التحقيقات وتزايد الضغوط القضائية.

ففي مساء الأحد، عند حدود الساعة الحادية عشرة، حُسمت إحدى أكثر القضايا إرباكًا للشارع الفرنسي مؤخرًا، بعدما أكدت السلطات أن الشاب “أوليفييه أ.” — المنحدر من عائلة بوسنية، العاطل عن العمل والذي لم تكن له سوابق قضائية معروفة — قد ألقى بنفسه في قبضة العدالة، بعدما ضاقت به السبل أمام حشد أمني وملاحقات مكثفة.

ماذا يعني تسليم نفسه بهذه الطريقة؟

يُثير اختيار المشتبه به تسليم نفسه في بلد أوروبي مجاور عدة تساؤلات:

  • هل كان فراره محاولة منظمة للهروب إلى خارج الاتحاد الأوروبي؟

  • أم أن الضغط الأمني الفرنسي والإعلامي جعل بقاءه طليقًا مستحيلاً؟

في كلتا الحالتين، تكشف القصة عن يقظة أمنية، ولكنها تطرح أيضا تساؤلات عن مدى نجاعة أجهزة المراقبة والرصد في التصدي للتهديدات “الصامتة” داخل المجتمعات المحلية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بجريمة ذات خلفية دينية.

حادثة هزت الضمير الفرنسي

قتل أبوبكر سيسيه (24 عامًا)، الشاب المالي الطموح، بطريقة وحشية داخل مسجد “خديجة” في بلدة لا غراند-كومب، حيث تلقى حوالي 50 طعنة غادرة.

القاتل، كما أظهرت كاميرات المسجد، وثّق فعلته بنفسه، مُطلقًا عبارات نابية ضد الإسلام والإله، في دلالة لا تخطئها العين على الحقد الأعمى الذي حرّك جريمته.

هنا، يبرز سؤال ملحّ:

هل فرنسا بصدد مواجهة موجة جديدة من “الإرهاب الفردي” المرتبط بالكراهية الدينية، ولكن هذه المرة ليس على يد متطرفين دينيين بل متطرفين معادين للأديان؟

ردود فعل متباينة: بين التضامن والاتهامات السياسية

لم يقتصر وقع الحادثة على البلدة الصغيرة التي لا يتجاوز سكانها 5000 نسمة.

ففي باريس، نزل مئات إلى الشارع، بينهم زعيم حركة “فرنسا الأبية” جان-لوك ميلينشون الذي لم يتردد في توجيه أصابع الاتهام نحو وزير الداخلية، متهما إياه بـ”زرع مناخ كراهية ضد المسلمين”.

في المقابل، حاول الرئيس إيمانويل ماكرون تطويق الموقف، مؤكدًا أن “التمييز والكراهية بسبب الدين لن يكون لهما مكان في فرنسا”، في خطاب حاول تهدئة النفوس، ولكن هل يكفي الخطاب الرسمي في مواجهة حقائق ميدانية تتكلم بلغة الدم؟

الكراهية المزروعة: بيئة تُغذي الجرائم الصامتة

تصريحات السياسيين تكشف أن القلق أكبر مما يظهر. فبغض النظر عن المسار القضائي الذي ستأخذه القضية، تظل الأسئلة الكبرى معلقة:

  • إلى أي مدى تسهم خطابات التخويف من الآخر في تأجيج الكراهية اليومية؟

  • ما الذي يحول بعض الشباب إلى قنابل موقوتة، يفرغون أحقادهم في أقدس أماكن العبادة؟

الأخطر أن الحادثة جرت في منطقة لا تعرف تاريخيًا بحوادث العنف الطائفي، مما يؤشر إلى أن الموجة قد تنتقل إلى الهوامش بعدما كانت محصورة في المراكز الحضرية الكبرى.

ختام مفتوح: بداية لسلسلة تحقيقات أشمل؟

في ظل انتظار تسليم المشتبه به لفرنسا عبر القنوات القضائية الأوروبية، تتجه الأنظار إلى كيفية تعاطي القضاء مع القضية:

  • هل ستُعامل كجريمة كراهية دينية صريحة؟

  • أم ستُحاط بغموض قانوني يحولها إلى “حادث معزول”؟

الشارع المسلم، ومكونات المجتمع المدني الفرنسي عمومًا، سيراقبون بحذر. إذ بات واضحًا أن فرنسا تقف اليوم أمام اختبار جديد لإثبات أن شعاراتها الثلاث: “حرية، مساواة، أخوة” لا تزال قائمة، وليست مجرد ذكريات جميلة.