أكدت نتائج جميع سيناريوهات الكابرانات فتح جبهات متعددة لمساومة المغرب، لكنّها لم توفق بعد، بالأمس حاول النظام الجزائري المساومة من أجل أن ينسحب المغرب من منطقة الكركارات مقابل إبقاء أنبوب الغاز، وبعد رفض المغرب نهائياً المساومة و الانسحاب، وما زاد الطين بله، ادراج قرار مجلس الأمن الدولي الأخير اسم “الجزائر” لكي تحضر الدائرة المستديرة للمفاوضات حول إقليم الصحراء، وهو ما رفضه النظام الجزائري وقال أن يقوض الجهود الأممية.
فقد أزاحت الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شملت مختلف مدن الجزائر النقاب عن هشاشة نظام عسكري الذي بات مهدّدا أكثر من أي وقت مضى بالتهاوي والسقوط لنظام لم يصغ الى تطلعات شعبه. وفرضت كل هذه المتغيّرات الداخلية على النظام الجزائري الذي يخوض حروبا بالجملة داخليا وخارجيا وجوب البحث عن بدائل وخطط لتغيير المعادلة وإعادة تحشيد الرأي العام حوله.
ولم يعد خافيا وفق العديد من الخبراء الاستراتجيين أن الجزائر نزلت بكامل ثقلها مع تعمّق أزمتها الاقتصادية والاجتماعية وتزايد الضغوط الدولية بشأن ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي الذي دعا المغرب وجبهة البوليساريو إلى استئناف المفاوضات “بدون شروط مسبقة وبحسن نية”، إلى جانب تعكر الوضع في علاقة بأزمات المنطقة للتخلص من أزمتها الداخلية بتصديرها للخارج عبر التخطيط لخلق حرب اقليمية قد تكون قادرة على انقاذ النظام ودعم نفوذ الجزائر في المنطقة.
في علاقة بهذه المساعي الجزائرية المعلنة، كشف إعلان رئاسة الجمهورية الجزائرية، اليوم الأربعاء، مقتل 3 مواطنين خلال ما قالت إنها “رحلة ربط بين نواكشوط وورقلة” من جراء اعتداء من الجيش المغربي،أن النظام العسكري الجزائري يستعد للشروع في صناعة حرب أو أزمة إقليمية.
وأكّد إعلان النظام الجزائر باتهام الجيش المغربي بقتل 3 مواطنين جزائريين على الحدود بين الصحراء المغربية وموريتانيا، يعد هو الأول منذ عقود من الزمن،في تعبئة الإستعدادات اللوجستية، في التعبئة العسكرية والأمنية والإقتصادية والإعلامية، للشروع في صناعة حرب أو أزمة إقليمية في الفترة القليلة المقبلة.
وجاء في بيان الرئاسة الجزائرية أنه “في الفاتح نوفمبر 2021 وفي غمرة احتفال الشعب الجزائري في جو من البهجة والسكينة بالذكرى الـ67 لاندلاع ثورة التحرير الوطني المجيدة تعرض ثلاث (3) رعايا جزائريين للاغتيال في قصف لشاحناتهم أثناء تنقلهم بين نواكشوط وورقلة في إطار حركة مبادلات تجارية عادية بين شعوب المنطقة”.
وأوضح البيان أن السلطات “اتخذت على الفور التدابير اللازمة للتحقيق حول هذا العمل المقيت وكشف ملابساته”، مبرزا بأن “عدة عناصر تشير إلى ضلوع القوات المسلحة المغربية في ارتكاب هذا الاغتيال بواسطة سلاح متطور إذ يعد ذلك مظهرا جديدا وحشي يمثل ميزة لسياسة معروفة بالتوسع الإقليمي والترهيب”.
ويقول البيان في هذا السياق “يلتحق الضحايا الأبرياء الثلاث لعمل إرهاب الدولة في هذا اليوم الأغر للفاتح من نوفمبر بشهداء التحرير الوطني الذين جعلوا من الجزائر الجديدة منارة للقيم ولمبادئ تاريخها الأبدي” الذي ختم بالتأكيد على أن “اغتيالهم لن يمضي دون عقاب”.
واتهم البيان الجانب المغربي بالتورط في القصف بـ”واسطة سلاح متطور”، قائلا إن هناك “عدة عناصر” تشير إلى ذلك، دون ذكرها.
وتوعدت الرئاسة الجزائرية بأن “اغتيال المواطنين الثلاثة لن يمضي دون عقاب”.
وكانت قد تداولت مواقع إعلامية موريتانية الخبر، خلال اليومين الماضيين، على أساس أن الهجوم وقع على الحدود الموريتانية، غير أن قيادة الأركان الموريتانية نفت في بيان أمس، وقوع أي هجوم عسكري شمال الأراضي الموريتانية.
ونفت موريتانيا، أمس الثلاثاء، قصف شاحنات جزائرية على أراضيها ما أسفر عن مقتل ثلاثة جزائريين.
وأوضح بيان للأركان العامة للجيش الموريتاني أن “أي هجوم استهدف شاحنات جزائرية شمال البلاد لم يحدث داخل التراب الوطني”.
ودعا الجيش الموريتاني المواقع والمنصات الإعلامية لتوخي الدقة في المعلومات والحذر في التعامل مع المصادر الإخبارية المشبوهة.
وكانت منصات ومواقع اخبارية ذكرت أن الشاحنات الجزائرية التي تعرضت لقصف مجهول المصدر قد يكون على الأرجح من الجيش المغربي كانت داخل الأراضي الموريتانية.
وجاء في نص القرار الصادر الجمعة، دعا مجلس الأمن الدولي المغرب وجبهة البوليساريو إلى استئناف المفاوضات “بدون شروط مسبقة وبحسن نية”، وهو القرار الذي رحبت به الرباط واعتبرت أنه ينسجم مع مقترحها المتعلق بالحكم الذاتي في صحرائها تحت السيادة المغربية.
وأعربت الخارجية الجزائرية في بيان عن “عميق أسفها” و”عدم دعمها” للقرار الذي وصفته بـ”المتحيّز”، في موقف يؤكد مرّة أخرى أن الجارة الشرقية للمغرب تأبى حل النزاع وتصر على موقفها الذي يعتبر نشازا في خضم مواقف عربية ودولية أكثر عقلانية تعتبر أن لا حل عمليا وواقعيا للنزاع في الصحراء إلا عبر المفاوضات أولا ووفق الطرح المغربي القاضي بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وجاء في البيان الخارجية الجزائرية “عقب اعتماد مجلس الأمن للأمم المتحدة للقرار رقم 2602 الذي يجدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المغربية)، تعرب الجزائر عن عميق أسفها إزاء النهج غير المتوازن كليا المكرس في هذا النص”.
واعتبرت كذلك أن هذا القرار “يفتقر بشدة إلى المسؤولية والتبصر جراء الضغوط المؤسفة الممارسة من قبل بعض الأعضاء المؤثرين في المجلس”.
وقال بيان وزارة الخارجية “إن الجزائر، إذ تعرب عن تفهمها الكامل لملاحظات واستنتاجات الجانب الصحراوي بهذا الشأن، تعبر عن عدم دعمها لهذا القرار المتحيّز الذي من شأنه تشجيع المواقف الابتزازية للدولة المحتلة”، في إشارة إلى المملكة المغربية التي تتمسك بسيادتها كاملة على جميع أراضيها بما فيها أقاليمها الجنوبية.
وكانت الجزائر التي قطعت في 24 اغسطس/اب علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، أعلنت قبل أسبوع من اجتماع مجلس الأمن بأن رفضها العودة إلى محادثات المائدة المستديرة يعد “رفضا رسميا لا رجعة فيه”.
والمائدة المستديرة كانت من نتائج الدبلوماسية المغربية الهادئة التي نجحت في جمع كل الأطراف التي هي على صلة بالنزاع حول الصحراء المغربية ومن ضمنها الجزائر بصفتها طرفا رئيسيا.
وتتهم الرباط الجزائر بتأجيج النزاع ودفع جبهة البوليساريو إلى التصعيد بدلا من الركون للحل السلمي والواقعي للأزمة، معتبرة أن الجارة الشرقية لطالما ارتبطت ارتباطا وثيقا بعرقلة جهود التسوية السلمية للأزمة على مدى أربعة عقود.
وجاء في نص القرار الصادر الجمعة أنه يجب استئناف المفاوضات تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد الإيطالي ستافان دي ميستورا “بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين” بهدف “تقرير مصير شعب الصحراء” المغربية
وقالت الجزائر إنها ” تنتظر من المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام إدراج ولايته حصريا في إطار تنفيذ القرار 690 (1991) المتضمن خطة التسوية التي وافق عليها طرفا النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، واعتمده مجلس الأمن بالإجماع”.
وبحسب بيان الخارجية الجزائرية فإن”أي مسعى يتجاهل حق تقرير المصير والاستقلال للشعب الصحراوي سيكون ظالما وخطيرا وسيفضي حتميا إلى نتائج عكسية، فضلا عن أنه سيؤدي لا محالة إلى زيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”.
وقطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في نهاية آب/أغسطس، بسبب مزاعم بشان “أعمال عدائية” من جانب المملكة، وهو قرار اعتبرته الرباط “غير مبرر تماما”.
واندلعت الأزمة الدبلوماسيبة بعيد عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية. والجزائر تدعم جبهة بوليساريو الصحراوية.