الجزائر تعلن الانسحاب من مفاوضات “المائدة المستديرة”حول إقليم الصحراء.. السوسي:حان الوقت لـ”فتح ملف الصحراء الشرقية المحتلة”

0
300

أضحت الآن الحكومة المغربية مطالبة بفتح ملف الصحراء الشرقية المحتلة، والبدء بإثارته في المحافل الدولية وعرض الوثائق التي بحوزة ‘كي دورسي’ وتركيا، علما أن أغلب الوثائق التي أدلى بها المغرب لمحكمة ‘لاهاي’ بخصوص ملف إقليم الصحراء، تتضمن الكثير مما يتعلق بالصحراء الشرقية  المحتلة وتثبت مغربيتها بامتياز.

نيويورك – أعلن المبعوث الخاص الجزائري، اليوم الجمعة، إنهاء مشاركة بلاده في ما يسمى “المائدة المستديرة” للمفاوضات بين المغرب وجبهة “البوليساريو” حول إقليم الصحراء، بصفتها عضوا ملاحظا.

وأوضح عمار بلاني أنه تم “تكليف ممثل الجزائر الدائم في نيويورك بإبلاغ قرار الحكومة الجزائرية لرئيس مجلس الأمن حتى يوزع المذكرة الشفوية على أعضاء المجلس، أن “قرار الانسحاب يعود إلى أن هذه الصيغة (المائدة المستديرة) لم تعد طريقة مثالية تساعد على حل النزاع منذ أن أصبح المغرب يوظفها سياسيا وبسوء نية لإظهار الجزائر طرفا في النزاع”، دون مزيد من التفاصيل.

وشدد بلاني على أن: ” فرض أطروحة الحكم الذاتي محكوم عليها بالفشل وسيتحمل المغرب المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع في المنطقة لأنه لم يحترم حتى التزام الملك الراحل (الحسن الثاني)، الذي دعّم حلا عادلا ونهائيا للنزاع في الصحراء المغربية، من خلال استفتاء تقرير المصير” المتجاوز.

وقال بلاني “إن أي خطوة لا تأخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات ستجعل التساؤل شرعي على جدوى، بل فائدة، إعادة إطلاق عملية سياسية لا تتماشى مع حقيقة الميدان والتي قد تمنح الشرعية لسياسة الأمر الواقع، بما في ذلك في منطقة من المفترض أن تكون منزوعة السلاح وفقًا لاتفاقيات التي وقعها الطرفان وصادق عليها مجلس الأمن.

وشدد بلاني أنه من “أجل السماح بإطلاق عملية سياسية جادة وذات مصداقية، تحت رعاية الأمم المتحدة وبفضل المساعي الحميدة للمبعوث الشخصي الجديد، ستفان دي ميستورا، من الضروري، أولاً، توفير الظروف الجادة والضرورية من أجل وقف الأعمال العدائية، بدءً بإجبار دولة المغرب على العودة إلى الوضع ما قبل 13 نوفمبر 2020، حسب قوله.

ويأتي هذا التطور بالتزامن مع تصاعد توتر بين المغرب والجزائر، بعد إعلان الأخيرة قطع العلاقات مع جارتها الغربية، نهاية أغسطس/ آب الماضي، جراء ما سمته آنذاك “حملات عدوانية متواصلة ضدها”، فيما وصفت الرباط المبررات بـ”الواهية”.

و”المائدة المستديرة” مفاوضات تنظمها الأمم المتحدة، على فترات متباعدة، بين المغرب و”البوليساريو”، حول النزاع على إقليم الصحراء، بحضور الجزائر وموريتانيا كبلدين جارين ملاحظين.

وعقدت هذه المفاوضات مرتين في مدينة جنيف السويسرية الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 2018، والثانية في مارس/ آذار 2019.

وفي اللقاء الأخير تم الاتفاق بين الأطراف على عقد اجتماع ثالث لـ”المائدة المستديرة”، لكن ذلك لم يتم بسبب استقالة المبعوث الأممي السابق إلى إقليم الصحراء هورست كوهلر، في مايو/ أيار 2019، لأسباب صحية.

ومع تعيين الإيطالي ستيفان دي مستورا مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة إلى إقليم الصحراء، في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جديدة لحل النزاع، يرى مراقبون أنه ربما يتم الدعوة لعقدها مجددا. 

وتعتبر المملكة الشريفة أن إقليم الصحراء والصحراء الشرقية المحتلة من قبل دولة الاحتلال الجزائرية منذ حقبة الاستعمال الفرنسي للجزائر، وتقترح كحلٍّ نهاذي حكماً ذاتياً موسَّعاً تحت سيادتها.. تعرض المغرب للتمزيق على امتداد تاريخه، سلبت منه موريتانيا والصحراء الشرقية المحتلة، وكادت الصحراء المغربية أن تسلب منه كما سلبت سبتة ومليلية والجزر الجعفرية.

إن قضية الصحراء الشرقية (المحتلة) واستيلاء الجزائر على نفطها وغازها بغير وجه حق هو سر الحرب طويلة الأمد التي تخوضها الجزائر ضد المغرب بالصحراء المغربية، وستظل تخوضها حتى ولو تم طي ذلك الملف.

وقضية الصحراء الشرقية (المحتلة) ونفطها من القضايا التي قد تربك، ولا شك، العلاقات بين الدول، لاسيما فرنسا والجزائر والمغرب وأمريكا. فآبار النفط تقع في أرض تابعة للصحراء الشرقية المحتلة، ولازالت الجزائر تستبيح لنفسها حرية المتاجرة بهذه الثروة ‘المغربية’ عالميا، على مرأى ومسمع أصحاب الأرض الشرعيين.

لقد طالب المغرب باسترجاع صحرائه الشرقية المحتلة ، وهذا أمر مسجل لدى هيئة الأمم المتحدة والمنتظم الدولي منذ اتفاقية ‘إكس ليبان’ المشؤومة في عيون الكثيرين. إذا أردت أن تضيع الحقيقة فاجعلها موضوع صراع بين دولتين من دول العالم الثالث.

في سنة 1957 استقبل الملك الراحل محمد الخامس وفد الصحراء الشرقية، وقال لهم: ‘التزموا بالهدوء، فما هو، بحكم التاريخ مغربي، سنعيده’. وفي سنة 1962 استقبل الملك الراحل الحسن الثاني وفد الصحراء الشرقية بمدينة فاس وقال لهم: ‘إننا سنحمل هذا الأمر على عاتقنا’، علما أن الراحل الحسن الثاني ظل ينادي بدراسة التاريخ ويحث المغاربة على القيام بذلك.

وحسب أكثر من مصدر، وقع الحسن الثاني، بخصوص موضوع الصحراء الشرقية، ضحية لأفقير وأحمد رضا كديرة وعناصر المخابرات الجزائرية التي كانت تحيط به، ومع ذلك كان الحسن ذكيا ولم يعرض اتفاقية الحدود المبرمة مع الجزائر بإيفران على البرلمان المغربي للمصادقة عليها، ولم يثر الأمر مع الجزائريين من جديد إلا بعد مجيء الراحل محمد بوضياف الذي وعده بحل هذا المشكل، لكنه أدى الثمن غاليا بخصوص ذلك.

أضحت الآن الحكومة المغربية مطالبة بفتح ملف الصحراء الشرقية، والبدء بإثارته في المحافل الدولية وعرض الوثائق التي بحوزة ‘كي دورسي’ وتركيا، علما أن أغلب الوثائق التي أدلى بها المغرب لمحكمة ‘لاهاي’ بخصوص ملف الصحراء الغربية، تتضمن الكثير مما يتعلق بالصحراء الشرقية وتثبت مغربيتها بامتياز. 

لا يوجد ولو مستند واحد أو تصريح أو إجراء يفيد أن الشعب المغربي تخلى عن صحرائه الشرقية لفائدة الجزائر، سواء إبان الاحتلال الفرنسي أو بعد الاستقلال، ومختلف المراجع الفرنسية القديمة تضمنت عبارة الصحراء المغربية الكبرى وضمنها الصحراء الشرقية والصحراء الغربية وموريتانيا.

وما غدا النزاع بقوة هو صعوبة استغلال الحديد المكتشف بالصحراء الشرقية إلا بنقله عبر الصحراء في اتجاه المحيط الأطلسي اعتبارا لكلفته الكبيرة لنقله من منطقة تندوف إلى الساحل المتوسطي للجزائر في الشمال، الشيء الذي فرض على الطرفين الدخول في مفاوضات تتيح الاستغلال المشترك لمناجم الحديد مقابــــل الاعتراف المغربي بجزائرية منطقة تندوف، كان من ثماره مفـــاوضات إيفران في 15 كانون الثاني (يناير) 1969 ثم مفاوضات 27 ايار(مايو) 1970 وبعدها مفاوضات 15 حزيران (يونيو) 1972 والتي انبثقت عنها معاهدة حول الحدود المغربية الجزائرية تندوف والمشاركة في إنتاج وتسويق حديدها ودعم الجزائر لمغربية الصحراء.وتلا هذا تصريحات جزائرية مؤيدة للحق المغربي في الصحراء الغربية، لكن سرعان ما تحول الموقف الجزائري وانقلب رأسا على عقب بدءا من سنة 1975.

في هذه الفترة تدخل العامل الدولي بقوة، إذ أن سياسات القوى الدولية تجاه المنطقة المغاربية ارتكزت على التحكم في العلاقات المغربية الجزائرية والموازنة بين طرفي هذه العلاقات، وذلك حسب الأولويات التي تحددها القوى الأجنبية التي ترى فيها خزانا نفطيا، دون أن تهتم بمن هو المالك الشرعي لهذا النفط، فضلا عن موقع المنطقة الاستراتيجية وعن كونها سوقا للسلاح بامتياز.هذه الأجواء عمقت ارتهان المغرب لنزاع الصحراء وأصبح رهانا جزائريا تضمن من خلاله إشغال المغرب عن المطالبة بالصحراء الشرقية وخيراتها، مثلما هو الحال بالنسبة لإسبانيا التي اختارت نفس المنحى حتى لا يتحرك المغرب للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر المحتلة.

وحسب علي بنبريك، رئيس الهيئة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة، كان الراحل الحسن الثاني بصدد تهيئة مسيرة ثانية نحو الصحراء الشرقية المغربية المغتصبة، وكان يريدها ميسرة وحدة المغرب العربي الكبير تلغي الحدود وتكسر القيود على امتداد الفضاء المغاربي.كانت سنة 1836 تاريخ بداية الغزو الاستعماري الفرنسي للمغرب، وقد استمر يبتلع خيرات الصحراء إلى حدود فرض الحماية الفرنسية سنة 1912، وظلت الصحراء الشرقية بخيراتها بيد فرنسا إلى حدود سنة 1962، إذ أن باريس تخلت عنها بغير وجه حق للجزائر عند الإعلان عن استقلال الجزائر. وهكذا انتقلت الصحراء الشرقية من الاحتلال الفرنسي إلى الاحتلال الجزائري.

ولم تخل هذه المرحلة من الاحتجاجات حيث احتج المغرب الرسمي سنة 1958 على التجربة النووية الفرنسية التي قامت بها بمنطقة ‘الركان’ بالصحراء الشرقية، إذ دعت الرباط آنذاك إلى توقيف التجارب النووية باعتبارها تقام على جزء من التراب المغربي ودون موافقة أصحاب الأرض الشرعيين.

كما أكد مصدر إعلامي جزائري مطلع، فضل عدم الكشف عن هويته، أن مناطق الصحراء الشرقية ظلت تعرف من حين لآخر انتفاضات أهاليها ضد النظام الجزائري، وآخرها التحركات التي تزامنت مع حدث رغبة بعض سكان الحدود (بوعرفة) في التوجه إلى الجزائر والتي كانت للمخابرات الجزائرية يد في افتعالها.وفي سنة 2005 عبر مواطنون بعين صالح وبشار والقنادسة (بالجزائر حاليا) عن مغربيتهم ورفعوا شعارات ضد الحكام الجزائريين وكتبوا على الجدران ‘نحن مغاربة ولسنا جزائريين’، وقد تعرض الكثير منهم للتعسف والقمع والتنكيل وزج بهم في سجون توجد بالجزائر العاصمة والمعسكر بعيدا عن الصحراء الشرقية.

تضم الصحراء الشرقية أكثر من 6 ملايين نسمة، ظلوا يتعرضون إلى مختلف أنواع التعسفات، وكان من الأولى أن تبادر الأمم المتحدة بإجراء تقصي في الموضوع، علما أن أكثر من مليونين من سكان الصحراء الشرقية اضطروا للعيش بعيدين عن أرضهم كنازحين في حماية ملوك المغرب الثلاثة: محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس.

واعتبارا للتعتيم الذي لحق بقضيتهم منذ فجر ستينات القرن الماضي، أحبطت آمالهم، فلا هم التحقوا بوطنهم الأصلي المغرب ولا هم استفادوا من نفط أرضهم وخيراتها ووجدوا أنفسهم مرغمين للخضوع للنظام الجزائري في وقت ظل المجتمع المدني الدولي يتجاهل معاناتهم.في البداية فُرضت عليهم الجنسية الفرنسية، ومنذ 1963 فُرضت عليهم الجنسية الجزائرية رغم أنهم يعتبرون أنفسهم مغاربة، وتتحمل فرنسا نصيب الأسد بخصوص محنتهم هذه.

ومما يحز في النفس حقا أن المغاربة انخرطوا، قمة وقاعدة، في نكران الذات لخدمة الجزائر وشعبها قبل الثورة سنة 1954 وأثناء الثورة إلى أن تحقق استقلال الجزائر بفضل ما قام به المغرب والمغاربة، وبدلا أن تبادل الجزائر المغرب كرما بكرم أدارت وجهها وكشرت عن أنيابها، وتأكد هذا المنحى منذ 1963، وتلا ذلك طرد 45 ألف مغربي سنة 1975 ردا على المسيرة الخضراء والمتاجرة في ساكنة مخيمات الحمادة ولم يرد المغرب ولو مرة واحدة بالمثل.وها هي الآن الجزائر تحشد عداءها وحربها الاستراتيجية طويلة الأمد على المغرب وتمويلها بفضل نفط مستخرج من أرض مغربية.

 

 

 

المصدر : (المغرب الآن + إدريس ولد القابلة)